و أخیرا:
فقد قال العلامة الشیخ محمد حسین المظفر قدس الله نفسه:
«و کان یجمع العلماء لیحاججوه، زعما منه: أن یجد له زلة، یؤاخذه فیها، أو یسقط مقامه بها.
و زور علیه مرة کتبا تتضمن الدعوة لبیعته، فلا یکون مغبة ذلک، الا اعلاء شأن أبىجعفر، و اظهار الکرامة و الفضل له.. فکان المعتصم لا یزداد لذلک الا حنقا و غیظا، و لا یقوى على کتمان ما یسره من الحسد و الحقد، فحبسه مرة، و ما أخرجه من السجن، حتى دبر الأمر فى قتله، و ذلک أن قدم لزوجته ابنة المأمون سما، و حملها على أن تدفعه للامام، فأجابته الى ما أراد، فمات قتیلا بسم المعتصم. و عندما شاهدت أثر السم قد بان فى بدن الامام ترکته وحیدا فى الدار، حتى قضى نحبه.
و احتشدت الشیعة على الدار، و استخرجوا جنازته، و السیوف على عواتقهم، و قد تعاقدوا على الموت، لأن المعتصم حاول أن یمنعهم عن تشییعه..
و تعرف من مثل هذه الحادثة کثرة الشیعة ذلک الیوم فى بغداد، و قوتهم على المراس. و من کثرة الرواة منهم تعرف کثرة العلم فیهم. و من کثرة الحجاج و الجدال، لاسیما فى الامامة تعرف قوة الحجة عندهم، و قوة الکفاح عن المذهب، واتضاح أمرهم»(1)
1) تاریخ الشیعة ص 57 – 56. لکن ما ذکره من أنه قد سجن الامام علیهالسلام و موقف الشیعة حین استشهاده علیهالسلام لم أعثر الآن له على مصدر و هو أعلم بما قال، و لعله استقى ذلک من مصادر أخرى لم یستعفنى التقدیر بالمراجعة الیها.