و المأمون.. الذى کان قد حاول النیل من مقام الامام الرضا «علیهالسلام» بصنوف المکر و التآمر، ثم اغتاله أخیرا بأسلوب أدنى من أن یقال فیه: انه أسلوب جبان و عاجز، هو نفسه المأمون الذى یتعامل الآن مع الامام الجواد «علیهالسلام»، مستندا الى حصیلة واسعة من الخبرة و التجارب، و لعله أصبح أکثر اصرارا على المضى فى خططه الماکرة، الرامیة لانهاء أمر الامامة و الامام، ما دام أنه یرى فیهما خطرا جدیا، یتهدد وجوده و مستقبله فى الحکم، و معه بنوأبیه العباسیون..
و لا نجد فیما بأیدینا من نصوص و وقائع: ما یبرر لنا الاعتقاد، بأن المأمون قد أصبح بین عشیة و ضحاها تقیا ورعا، و صادقا فیما یدعیه من الاعتقاد بامامة الأئمة، و مهتما باظهار علومهم، و معارفهم التى اختصهم الله تعالى بها.
و تزویجه ابنته أمالفضل للامام الجواد علیه الصلاة والسلام، و اظهار المحبة و الاکرام له، لا یصلح شاهدا على ذلک، اذ لیس هو بأکثر من تزویجه ابنته الأخرى لأبیه الامام الرضا «علیهالسلام» من قبل، مع اظهاره المزید من المحبة و التبجیل و الاکرام له أیضا، حتى لقد جعل أباه ولىعهده..
فاذا کان ذلک عن سیاسة دهاء و مکر، و سوء نیة – کما ثبت بشکل قاطع – فلیکن ما یجرى منه تجاة الامام الجواد کذلک أیضا، ما دامت الدلائل القویة، و الشواهد و المبررات لاستمرار هذا المکر، و ذلک الدهاء، لا تزال قائمة.