1- لقد کان المأمون عارفا بمقام الأئمة صلوات الله و سلامه علیهم أجمعین، و بأن الحق معهم و لهم، و أنهم هم أئمة الهدى، و العروة الوثقى، و الججة على أهل الدنیا..
و کان یعلم أیضا أنهم صلوات الله و سلامه علیهم أعلم أهل الأرض، و أنهم أتقى الناس، و أعبدهم، وأکملهم، و أفضلهم..
ولکنه مع کل ذلک.. کان یجهد لاطفاء نور الحق، و طمس معالمه و آثاره، ما وجد الى ذلک سبیلا.. و ذلک طمعا منه بالدنیا، و رغبة فى ظلها الزائل، و لذتها العاجلة..
ولکن المأمون الذى کان کالغریق الذى یتشبث بالطحلب، قد ثار لدیه احتمال أن لا یکون «علیهالسلام» و هو بهذا السن، قد تمکن من تلقى العلوم و المعارف من أبیه، الذى عاش معه فترة قصیرة، و لا سمع منه الکثیر من الأمور التوقیفیة، التى یکون العلم بها منحصرا بالنقل و التعلیم، فاختار السؤال عن هذا السنخ من المعارف دون سواه، لأنه «علیهالسلام» فرض قدرته رغم صغر سنه على الاجابة على الأمور العقلیة، مهما کانت عمیقة و معقدة، فانه لا یحتمل أن یجیب على ما لا مجال للعلم به الا عن طریق
التعلیم خصوصا فى المجال الفقهى، و فى مسألة معقدة، قلما تخطر على البال..