جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

الحدث.. فى نصه التاریخى

زمان مطالعه: 5 دقیقه

یقول النص التاریخى: انه لما عزم المأمون على أن یزوج ابنته أم‏الفضل من أبى‏جعفر «علیه‏السلام»، قال له العباسیون:

«أتزوج ابنتک، و قرة عینک صبیا لم یتفقه فى دین الله، و لا یعرف حلاله من حرامه، و لا فرضا من سنته؟ – و لأبى‏جعفر اذ ذاک تسع سنین – فلو صبرت حتى یتأدب، و یقرأ القرآن، و یعرف الحلال من الحرام؟!».

فقال المأمون: «انه لأفقه منکم، و أعلم بالله و رسوله، و سنته، و أحکامه، و أقرأ لکتاب الله منکم، و أعلم بمحکمه و متشابهه، و ناسخه و منسوخه، و ظاهره و باطنه، و خاصه و عامه، و تنزیله و تأویله منکم، فاسألوه، فان کان الأمرکما وصفتهم قبلت منکم»..

و فى نص آخر قال لهم: «ویحکم، انى أعرف بهذا الفتى منکم»..

الى أن قال: «فان شئتم، فامتحنوا أباجعفر بما یتبین لکم به ما وصفت

من حاله..».

و فى نص ثالث، بعد أن ذکروا: أنه صبى صغیر السن، قال: «کأنکم تشکون فى قولى، ان شئتم فاختبروه، أو ادعوا من یختبره، ثم بعد ذلک لوموا فیه، أو اعذروا»..

قالوا: و تترکنا و ذلک؟

قال: نعم.

قالوا: «فیکون ذلک بین یدیک، تترک من یسأله عن شى‏ء من أمور الشریعة، فان أصاب لم یکن فى أمره لنا اعتراض، و ظهر للخاصة و العامة سدید رأى أمیرالمؤمنین. و ان عجز عن ذلک کفینا خطبه، و لم یکن لأمیرالمؤمنین عذر فى ذلک».

فقال لهم المأمون: «شأنکم و ذاک، متى أردتم..».

ثم تذکر الروایات: اطماعهم یحیى بن أکثم فى هدایا، على أن یحتال على أبى‏جعفر «علیه‏السلام» بمسألة فى الفقه، لا یدرى ما الجواب فیها..

ثم تذکر مساءلته ایاه بحضور: «خواص الدولة، و أعیانها، من أمرائها، و حجابها، و قوادها»..

ثم تذکر جوابه علیه الصلاة والسلام بذلک الجواب الدقیق و الشامل، الذى لم یکن یتوقعه أحد حتى السائل نفسه، حتى ذهل یحیى بن أکثم و ارتبک، و تحیر فى أمره.

تقول الروایة – و النص هنا لکتاب الاحتجاج – ما یلى:

«و خرج أبوجعفر «علیه‏السلام»، و هو ابن تسع سنین و أشهر،

فجلس بین المسورتین، و جلس یحیى بن أکثم بین یدیه، فقام الناس فى مراتبهم، و المأمون فى دست متصل بدست أبى‏جعفر «علیه‏السلام».

فقال یحیى بن أکثم للمأمون: تأذن یا أمیرالمؤمنین أن أسأل أباجعفر عن مسألة؟

فقال المأمون: استأذنه فى ذلک.

فأقبل علیه یحیى بن أکثم، فقال: أتأذن لى – جعلت فداک – فى مسألة؟

فقال أبوجعفر «علیه‏السلام»: سل ان شئت.

فقال یحیى: ما تقول – جعلت فداک – فى محرم قتل صیدا؟!

فقال أبوجعفر «علیه‏السلام»:

قتله فى حل أو حرم؟

عالما کان المحرم أو جاهلا؟

قتله عمدا أو خطأ؟

حرا کان المحرم أو عبدا؟

صغیرا کان أو کبیرا؟

مبتدئا بالقتل أو معیدا؟

من ذوات الطیر کان الصید أم من غیرها؟

من صغار الصید أم من کباره؟

مصرا على ما فعل أو نادما؟

فى اللیل کان قتله أم بالنهار؟

محرما کان بالعمرة اذ قتله، أو بالحج کان محرما؟

فتحیر یحیى بن أکثم، و بان فى وجهه العجز و الانقطاع، و تلجلج حتى عرف جماعة أهل المجلس عجزه.

فقال المأمون: الحمد لله على هذه النعمة، و التوفیق لى فى الرأى، ثم نظر الى أهل بیته، فقال لهم: أعرفتم الآن ما کنتم تنکرونه؟!

ثم أقبل الى أبى‏جعفر، فقال له: أتخطب یا أباجعفر؟

ثم تذکر الروایة خطبته «علیه‏السلام» و تزویج المأمون ایاه..

الى أن قالت الروایة:

فلما تفرق الناس، و بقى من الخاصة من بقى، قال المأمون لأبى‏جعفر «علیه‏السلام»، جعلت فداک:

ان رأیت أن تذکر الفقه فیما فصلته من وجوه قتل المحرم، لنعلمه، و نستفیده..

فقال أبوجعفر «علیه‏السلام»: نعم، ان المحرم اذ قتل صیدا فى الحل، و کان الصید من ذوات الطیر، و کان من کبارها، فعلیه شاة، و ان أصابه فى الحرم فعلیه الجزاء مضاعفا..

و اذا قتل فرخا فى الحل: فعلیه حمل قد فطم من اللبن، فاذا قتله فى الحرم، فعلیه الحمل و قیمة الفرخ.

فاذا کان من الوحش، و کان حمار وحش، فعلیه بقرة، و ان کان نعامة فعلیه بدنة، و ان کان ظبیا فعلیه شاة، و ان کان قتل شیئا من ذلک فى الحرم، فعلیه الجزاء مضاعفا: هدیا بالغ الکعبة..

و اذا أصاب المحرم ما یجب علیه الهوى فیه، و کان احرامه للحج، نحره بمنى، و ان کان بعمرة، نحرة بمکة..

و جزاء الصید على العالم و الجاهل سواء، و فى العمد علیه المأثم، و هو موضوع عنه فى الخطأ..

و الکفارة على الحر فى نفسه، و على السید فى عبده، و الصغیر لا کفارة علیه. و هى على الکبیر واجبة، و النادم یسقط ندمه عنه عقاب الآخرة، و المصر یجب علیه عقاب الآخرة.

فقال المأمون: أحسنت یا أباجعفر، أحسن الله الیک، فان رأیت أن تسأل یحیى عن مسألة کما سألک..

فقال أبوجعفر «علیه‏السلام» لیحیى: أسألک؟

قال: ذلک الیک جعلت فداک؛ فان عرفت جواب ما تسألنى عنه، و الا استفدته منک.

فقال أبوجعفر «علیه‏السلام»: أخبرنى عن رجل نظر الى امرأة فى أول النهار؛ فکان نظره الیها حراما علیه، فلما ارتفع النهار حلت له، فلما زالت الشمس حرمت علیه، فلما کان وقت العصر حلت له، فلما غربت الشمس حرمت علیه، فلما دخل وقت العشاء الآخرة حلت له؛ فلما کان وقت انتصاف اللیل حرمت علیه، فلما طلع الفجر حلت له، ما حال هذه المرأة؟ و بماذا حلت له، و حرمت علیه؟!

فقال له یحیى بن أکثم: لا والله، لا أهتدى الى جواب هذا السؤال، و لا أعرف الوجه فیه، فان رأیت أن تفیدنا.

فقال أبوجعفر «علیه‏السلام»: هذه أمة لرجل من الناس، نظر الیها أجنبى فى أول النهار، فکان نظره الیها حراما علیه، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلت له، فلما کان عند الظهر أعتقها فحرمت علیه، فلما کان وقت العصر تزوجها فحلت له، فلما کان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت علیه، فلما کان وقت العشاء الآخرة کفر عن الظهار فحلت له، فلما کان نصف اللیل طلقها طلقة واحدة، فحرمت علیه، فلما کان عند الفجر راجعها فحلت له..

فقال المأمون: ویحکم، أما علمتم: أن أهل هذا البیت لیسوا خلقا من هذا الخلق؟

أما علمتم: أن رسول‏الله «صلى الله علیه و آله»، افتتح دعوه بدعاء أمیرالمؤمنین على بن أبى‏طالب «علیه‏السلام»، و هو ابن عشر سنین، و قبل منه الاسلام، و حکم له به، و لم یدع أحدا فى سنه غیره، و بایع الحسن و الحسین، و هما صبیان، و لم یبایع غیرهما طفلین..

أو لا تعلمون الآن ما اختص الله به هؤلاء القوم، و أنهم ذریة بعضها من بعض، یجرى لآخرهم ما یجرى لأولهم؟!

قالوا: صدقت یا أمیرالمؤمنین..

و تقول الروایة أخیرا: ان المأمون التفت الى أهل بیته، الذین أنکروا تزویجه، فقال: «هل فیکم من یجیب هذا الجواب»؟!

قالوا: لا والله، و لا القاضى یا أمیرالمؤمنین، کنت أعلم به منا.

ثم تذکر الروایة: أنه قد زوجه ابنته فى نفس ذلک المجلس(1)

أما انتقالها الیه، فکان فى بلدة تکریت فى سنة خمس عشرة و مئتین للهجرة، فقد قال أبوالفضل أحمد بن أبى‏طاهر الکاتب:

«خرج أمیرالمؤمنین من الشماسیة الى البردان، یوم الخمیس، صلاة الظهر، لست بقین من المحرم، سنة خمس عشرة و مئتین، و هو الیوم الرابع و العشرین من آذار. ثم سار حتى أتى تکریت.

و فیها قدم محمد بن على بن موسى، بن جعفر، بن محمد بن على، بن الحسین بن على بن أبى‏طالب من المدینة، فى صفر لیلة الجمعة..

فخرج من بغداد حتى لقى أمیرالمؤمنین بتکریت، فأجازه، و أمره أن یدخل علیه امرأته، ابنة أمیرالمؤمنین، فأدخلت علیه فى دار أحمد بن یوسف،

التى على شاطى‏ء دجلة، فأقام بها، فلما کان أیام الحج خرج بأهله و عیاله، حتى أتى مکة، ثم أتى منزله بالمدینة، فأقام به..»(2)


1) راجع فیما تقدم: الاتحاف بحب الأشراف ص 172 – 171 و تحف العقول ص 453 – 451 و الاختصاص ص 101 – 98 و الاحتجاج ج 2 ص 245 – 240 و کشف الغمة ج 3 ص 144 و المناقب لابن‏شهرآشوب ج 4 ص 381 و جلاء العیون ج 3 ص 108 و الصواعق المحرقة ص 204 و نور الأبصار ص 161 و دلائل الامامة ص 208 – 206 و روضة الواعظین ص 238، فما بعدها، و الارشاد للمفید ص 359 و 360 فما بعدها و اعلام الورى ص 351 فما بعدها و البحار ج 50 ص 75 عن الاحتجاج، و عن تفسیر القمى، و الامام محمد الجواد، لمحمد على دخیل ص 41 – 37 و أعیان الشیعة ج 2 ص 34 – 33. و الفصول المهمة لابن‏الصباغ المالکى ص 256 – 253.

2) بغداد ص 143 – 142.