ان البعض یعتقد: أنه «علیهالسلام» کان بالمدینة الى أن أشخصه المأمون الى بغداد..(1) فهو قد کان عند المأمون، فکیف یخرج لیکون مع الصبیان، أو مع غیرهم؟.
و أین هم الرجال الذین یفترض أن یکون المأمون قد وضعهم علیه لحفظه و حراسته؟!
و نقول:
ان حمل المأمون له الى بغداد، لا یعنى: أنه قد التقى به من أول یوم وصوله.
و قد نرى: أن البعض یستقدمهم الخلیفة، ثم تمر الأیام و اللیالى الکثیرة، و ربما الأشهر و السنوات، قبل أن یتهیأ له أو قبل أن یرغب باللقاء بهم، حیث قد یکون تأخیر اللقاء بهم متعمدا(2)
هذا بالاضافة: الى أن النص المتقدم یصرح بأن المأمون قد خرج الى الصید قبل أن یلتقى به «علیهالسلام».
و یتأکد ما نقول هنا:
اذا عرفنا: أن من جملة الأهداف الهامة التى کان یرمى الیها المأمون من استقدامه له «علیهالسلام» هو أن یکون على مقربة منه، لیتهیأ له الاشراف(3) بواسطة عیونه و رقبائه على مجمل تحرکاته، و اتصالاته، التى یکون للمأمون حساسیة خاصة تجاهها..
و المأمون.. هو ذلک الرجل العجیب، الذى یهتهم برصد کل تحرکات خصومه، أو من یرى فیهم مشروع خصوم له فى وقت ما، بکل دقة، کما ألمحنا الیه فیما سبق..
1) راجع: هامش البحار ج 50 ص 92.
2) و قد بقى موسى المبرقع ابن الامام الجواد علیهالسلام، ثلاث سنین یبکر کل یوم الى باب المتوکل فیقال له قد تشاغل الیوم، فیروح فیبکر فیقال له قد سکر، فیبکر، حتى قتل المتوکل، البحار ج 50 ص 4 عن ارشاد المفید.
3) و یرى المحقق البحاثة الشیخ على الأحمدى: أنه قد یکون التأخیر فى اللقاء یهدف الى ضبط تحرکاته، و لقاءاته مع الناس و من أجل أن التأخیر فى اللقاء، و التسویف فیه، یتضمن استخفافا و اهانة، و ذلک هو أحد أهدافهم فى کثیر من مواقفهم من الأئمة علیهمالسلام کما فعله المتوکل مع الامام الهادى علیهالسلام حینما أشخصه الى سامراء، حیث أنزله فى دار الصعالیک.. و یکون نتیجة کلا الأمرین أیضا شعور الانسان فى قرارة نفسه بالضعة و المهانة، الأمر الذى یضعفه فى أهدافه و أغراضه.