قد یقال:
ان هذه الروایة توحى بأن الامام الجواد علیه الصلاة والسلام قد کان یلعب مع الصبیان حینئذ، حیث ذکرت: أنهم کانوا یلعبون، و هو واقف معهم، الى أن مر علیهم المأمون..
و ذلک مما لا یمکن قبوله.. فان الامام لم یکن لیلعب أو یلهو.
و نقول:
ان وقوفه «علیهالسلام» فى مکان یتفق وجود بعض الصبیان فیه، لا یعنى: أنه «علیهالسلام» کان یلعب معهم. ولو کان یلعب معهم حقا لصرحت الروایة بذلک، و لم تکتف بالقول: انه کان واقفا معهم، خصوصا، و أن لعب الامام فى مثل هذا الظرف بالذات، و بعد اضطلاعه بمهمات الامامة بعد وفاة أبیه لهو أمر یلفت نظر الأعداء لیشهروا به، و نظر الأصدقاء لیعترضوا علیه و یشکوا بامامته.. و هذا یدل على: أن وجود الامام «علیهالسلام» فى ذلک الموضع کان
اتفاقیا صنعه الله تعالى له لتظهر معجزته. أو أنه تعمد منه «علیهالسلام»، لیواجه المأمون بالموقف القوى و الحکیم..
والخلاصة: انه لا دلیل على أنه کان «علیهالسلام» یلعب مع الصبیان، بل لیس فى الروایة: أنه «علیهالسلام» قد تعمد أن یکون معهم، و فى جملتهم. فلعله کان واقفا أمام داره، و اتفق وجود صبیان فى ذلک المکان، بل لیس فى الروایة حتى ما یدل على أن نفس الصبیان کانوا یلعبون أیضا..
بل قد یکون «علیهالسلام» قد وقف معهم لیعلمهم و یرشدهم، و یوحى الیهم بالمفاهیم الانسانیة، بحسب ما یملکونه من استعداد للفهم و التعقل. و قد نجد الکثیر من الحالات التى من هذا القبیل فى حیاتنا الحاضرة أیضا.
و على کل حال.. فان وقوفه «علیهالسلام» معهم لم یکن للعب قطعا.. کیف و قد حمل الیه على بن حسان الواسطى الى المدینة بعض الآلة التى للصبیان لیتحفه بها، قال على:
«فدخلت، و سلمت. فرد على السلام، و فى وجهه الکراهة. و لم یأمرنى بالجلوس. فدنوت منه، و فرغت ما کان فى کمى بین یدیه. فنظر الى نظرة مغضب، ثم رمى یمینا و شمالا، ثم قال:
ما لهذا خلقنى الله، ما أنا و اللعب؟!
فاستعفیته، فعفا عنى، فخرجت»(1)
کما أن صفوان الجمال، قد سأل أباعبدالله علیه الصلاة والسلام عن صاحب هذا الأمر.
فقال: «صاحب هذا الأمر لا یلهو و لا یلعب»(2)
1) دلائل الامامة ص 213 – 212 و البحار ج 50 ص 59، و اثبات الوصیة ص 215.
2) المناقب لابنشهرآشوب ج 4 ص 317.