و لأجل ذلک.. فاننا نعتقد: أن استقدام المأمون للامام الجواد «علیهالسلام» من المدینة الى بغداد، قد کان بهدف الاحتفاظ به على مقربة منه، لأهداف عدیدة، سنشیر الى جانب منها..
و کان استقدام المأمون له «علیهالسلام» الى بغداد فى سنة 204 ه. ق على ما یظهر. أى فور وصول المأمون من خراسان. کما تشیر الیه قضیة الباز الأشهب الآتیة..
ولکن ابنطیفور یذکر: أن الامام التقى الجواد صلوات الله و سلامه علیه قدم من المدینة الى بغداد فى سنة 215 ه ق، و تسلم زوجته أمالفضل بنت المأمون، فى تکریت، و المأمون فى حال سفر، کما سیأتى.
و لیس ثمة ما یمنع من الاعتقاد بأنه «علیهالسلام» قدم الى بغداد أکثر من مرة، أو أن المأمون بعد أن استقدمه الى بغداد، قد فرض علیه المقام فیها، و جرت له معه فیها أمور کثیرة، و هامة. و نحن و ان لم نطلع على طبیعتها، ولکنها کانت فى غیر صالح المأمون بلاشک، کما یفهم من کلام ابنالریان..
و یلاحظ: أن عجلة المأمون فى أمر استقدامه من المدینة الیه، یشبه تماما استعجال أخیه المعتصم فى استقدامه أیضا فور تولیه للخلافة، ثم الاحتفاظ به الى أن دس الیه السم فى سنة 220 ه. ق.
و یؤید أنه «علیهالسلام» قد أقام مدة فى بغداد من دون اختیار منه، ما رواه محمد بن أرومة، عن حسین المکارى، قال:
«دخلت على أبىجعفر ببغداد، و هو على ما کان من أمره، فقلت فى نفسى: هذا الرجل لا یرجع الى موطنه أبدا، أعرف مطعمه..
[أى أنه لا یرجع الى وطنه،ما دام: أن مطعمه بالطیب، و اللذة و السعة، التى أعرفها]..
قال: فأطرق رأسه، ثم رفعه، و قد اصفر لونه، فقال:
یا حسین، خبز شعیر، و ملح جریش، فى حرم رسولالله، أحب الى مما ترانى فیه..»(1)
و یؤید ذلک أیضا.. ما سیأتى من أن المأمون قد احتال على الامام «علیهالسلام» بکل حیلة، قبل أن یسلم الیه ابنته، فلم یمکنه فیه شىء.
و من الواضح: أن هذه المحاولات، تحتاج الى شىء من الوقت(2)، الذى قد یستغرق أشهرا، أو سنوات.
1) الخرائج و الجرائح ص 344 و البحار ج 50 ص 48.
2) و احتمال أن یکون جانب من تلک الاحتیالات على الامام، قد تم و الامام علیهالسلام فى المدینة.. بعید فى الغایة.