ان من المعروف: أنه قد کان للمأمون.. على کل رجل صاحب خبر(1) و کان یدس الوصائف هدیة، لیطلعنه على أخبار من شاء(2)
و قد جرب ذلک مع الامام الرضا «علیهالسلام» أیضا: فباء بالفشل الذریع، و منى بالخیبة القاتلة..
و ربما کانت هذه الرقابة هى احدى أهداف تزویج ابنته للامام الرضا «علیهالسلام»، ثم تزویج ابنته الأخرى لولده الامام الجواد صلوات الله و سلامه علیه فیما بعد..(3)
و هذا معناه: أنه قد کان من الطبیعى أن یکون المأمون قد اطلع على تحرکات الشیعة، بعد وفاة الامام الرضا «علیهالسلام»، و على اتصالهم بالامام الجواد علیه الصلاة والسلام.. و بلغه بعض أو کل ما صدر عن الامام علیه التحیة و السلام من کرامات و فضائل، و من أجوبة على المسائل الدقیقة و الصعبة رغم صغر سنه.
و لا شک فى أن تصدى الامام علیه الصلاة والسلام – و هو بهذه السن بالذات – لمقام الامامة، و حمله مسؤولیته القیادیة، یعتبر بحد ذاته تحدیا للسلطة، و لجمیع الفرق على اختلافها، فى أعظم عقائها أثرا، و أشدها خطرا، و أکثرها حساسیة، فمن الطبیعى اذن أن یحتاط المأمون للأمر، و یعد العدة لکل المفاجآت المحتملة فى هذا المجال، خصوصا بعد أن جرب مختلف الأسالیب الماکرة مع الامام الرضا «علیهالسلام» من قبل، و رأى بأم عینیه کیف کان کیده یرتد علیه..
1) تاریخ التمدن الاسلامى، المجلد الثانى ص 441 و فى هاشمه عن: المسعودى ج 2 ص 225 و عن طبقات الأطباء ج 1 ص 171.
2) تاریخ التمدن الاسلامى، المجلد الثانى ص 549 عن العقد الفرید ج 1 ص 148.
3) راجع کتابنا: الحیاة السیاسیة للامام الرضا علیهالسلام ص 213 و 214.