ان نفس سعى المأمون لتولیة الامام الرضا «علیهالسلام» للعهد، ثم سعیه لتزویج ابنته من الامام الجواد «علیهالسلام»، و اقامة علاقات طیبة معه، من شأنه أن یضع شیعة الامام أمام خیارات غیر عادیة، اذ ان ما ذکرناه من المنافرة بین عقائد الشیعة و بین أیة سلطة غیر سلطة الامام.. یجعل أى انسجام بین السلطة، و بین أرباب ذلک الفکر، و معتنقى تلک العقیدة، و المبشرین بها، و لاسیما اذا کان ذلک على مستوى القمة الشامخة، التى تتحدى السلطة، حتى فى الأساس و المبرر لوجودها.. أمام أحد احتمالین، أحدهما:
أن تلک الطائفة – أو قمتها – تخضع لضغط خانق مباشر، و تهدید صریح من قبل السلطة.. أو أنها تتعامل مع الحکم انطلاقا من مبدأ التقیة، الذى یهدف للحفاظ على المبدأ، و على القدرات المؤهلة لحمایة و الدفع عنه..
الثانى: أن نجد أنفسنا ملزمین بتوجیه اتهام صریح:
اما لتلک الطائفة بأنها قد قدمت تنازلا عقائدیا خطیرا فى هذا المجال..
و اما لقیادتها، و أنها لیست هى القیادة الحقیقیة، و أن ثمة خطأ فى التعرف على الرمز الحقیقى للامامة..
و اما للسلطة نفسها بأنها تقوم بعملیة خداع خطیرة، و تعنى بتنفیذ
مؤامرة مرعبة، بهدف اغتیال تلک الفرقة، فى فکرها، و فى عقائدها، أو حتى فى وجودها بصورة عامة..
و هذا الأمر الأخیر.. هو ما تجلى لنا بوضوح فى لعبة البیعة للامام الرضا «علیهالسلام» بولایة العهد، حیث اضطر الامام «علیهالسلام» للتعامل مع هذه القضیة انطلاقا من مبدأ التقیة و غیره. من مبادى تدخل فى هذا المجال.. کما أوضحناه فى کتابنا: «الحیاة السیاسیة للامام الرضا «علیهالسلام»..
کما أن هذا الخداع الخطیر قد مارسه الخلیفة العباسى المأمون تجاه الامام محمد التقى الجواد «علیهالسلام»، کما سیتضح لنا من خلال هذا العرض الموجز..