جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

من هم الخلفاء الاثنا عشر؟

زمان مطالعه: 3 دقیقه

هذا و قد رأینا: أنهم – أعنى أولئک المتمحلین – حین یریدون تعیین هؤلاء الخلفاء الاثنى عشر، یخبطون خبط عشواء فى اللیلة المطیرة الظلماء.. فراجع تاریخ الخلفاء للسیوطى.. الذى لم یستطع أن یجزم بشى‏ء فى مجال التعرف على هؤلاء الاثنى عشر، حیث استطاع أن یعد ثمانیة خلفاء فقط،

وجد فیهم ما رآه مبررا لجعلهم منهم، و هم الخلفاء الأربعة، و الحسن «علیه‏السلام» و معاویة، و ابن‏الزبیر، وعمر بن عبدالعزیز، قال: «و یحتمل أن یضم الیهم المهتدى من العباسیین، لأنه فیهم کعمر بن عبدالعزیز فى بنى‏أمیة، و کذلک الظاهر، لما أوتیه، من العدل، و بقى الاثنان المنتظران: أحدهما المهدى، لأنه من آل بیت محمد «صلى الله علیه و آله»(1)

و لا ندرى ما المبرر هذه الفجوات الواسعة، التى ترکها شاغرة، حیث انتقل من معاویة الى عمر بن عبدالعزیز، ثم منه الى المهدى أو المهتدى العباسى!! و هکذا.. فهل یمکن أن یکون هذا مقبولا لدى العقلاء، و لدى أهل اللسان فى فهم نص کهذا؟!! أم أنهم یفهمون الاتصال، و عدم الفصل!!

و من جهة أخرى: فقد أجهد العسقلانى نفسه للخروج من هذه المعضلة، بحیث یبقى محتفظا بما هو أقل القلیل من ماء الوجه.

فلم یفلح الا باضافة المزید من الشبهات و التعمیات على البسطاء و السذج..

أما القاضى عیاض، فقط طبق الحدیث على الخلفاء الأربعة، و خلفاء بنى‏أمیة الذین منهم یزید لعنة الله تعالى!!.. متجاهلا بذلک تصریح بعض الروایات بأنهم کلهم من بنى‏هاشم.. و تصریح عدد آخر بأسمائهم «علیهم‏السلام»، و تصریح طائفة أخرى، بأنهم «کلهم یعمل بالهدى و دین الحق»

الى غیر ذلک من خصوصیات تکذب و تبعد ما ادعاه..

ولکننا نجد فى المقابل: أن فیهم من ظهر الحق على لسانه، و نطق بالصدق و لم یخش فى الله لومة لائم.. فقد قال القندوزى الحنفى:

«قال بعض المحققین: ان الأحادیث الدالة على کون الخلفاء بعده «صلى الله علیه و آله» اثنا عشر، قد اشتهرت من طرق کثیرة، فبشرح الزمان، و تعریف الکون و المکان، علم: أن مراد رسول‏الله «صلى الله علیه و آله» من حدیثه هذا: الأئمة الاثنا عشر من أهل بیته، و عترته.

اذ لا یمکن أن یحمل هذا الحدیث على الخلفاء بعده من أصحابه، لقلتهم عن اثنى عشر.

و لا یمکن أن یحمله على الملوک الأمویة لزیادتهم على اثنى عشر، و لظلمهم الفاحش، الا عمر بن عبدالعزیز، ولکونهم غیر بنى‏هاشم، لأن النبى «صلى الله علیه و آله» قال: کلهم من بنى‏هاشم فى روایة عبدالملک عن جابر. و اخفاء صوته «صلى الله علیه و آله» فى هذا القول(2) یرجح هذه الروایة، لأنهم لا یحسنون خلافة بنى‏هاشم.

و لا یمکن أن یحمله على الملوک العباسیة، لزیادتهم على العدد المذکور، و لقلة رعایتهم الآیة: (قل لا أسألکم علیه أجرا الا المودة فى القربى)..(3) و حدیث الکساء..

فلابد من أن یحمل هذا الحدیث على الأئمة الاثنى عشر، من أهل بیته و عترته «صلى الله علیه و آله»، لأنهم کانوا أعلم أهل زمانهم، و أجلهم، و أورعهم، و أتقاهم، و أعلاهم نسبا، و أفضلهم حسبا، و أکرمهم عند الله. و کان علمهم عن آبائهم متصلا بجدهم «صلى الله علیه و آله»، و بالوراثة و اللدنیة، کذا عرفهم أهل العلم و التحقیق،و أهل الکشف و التوفیق.

و یؤید(4) هذا المعنى، أى أن مراد النبى «صلى الله علیه و آله» الأئمة الاثنا عشر من أهل بیته، و یشهده و یرجحه: حدیث الثقلین، و الأحادیث المتکثرة، المذکورة فى هذا الکتاب و غیرها..

و أما قوله «صلى الله علیه و آله» کلهم تجتمع علیه الأمة، فى روایة عن جابر بن سمرة، فمراده «صلى الله علیه و آله»: أن الأمة تجتمع على الاقرار بامامة کلهم وقت ظهور قائمهم المهدى رضى الله عنهم»(5) انتهى.

أو أن الأمة تجتمع على الاقرار بفضلهم، و علمهم، و تقواهم، کما سننقله عن الجاحظ فى أواخر الفصل السادس. ان شاء الله تعالى..

و حسبنا ما ذکرناه هنا، فان استقصاء البحث فى هذا الأمر یحتاج الى توفر تام، و تألیف مستقل..

غیر أن لنا کلاما فى حقیقة ما یرمى الیه هؤلاء من القبول بتطبیق

حدیث الأئمة الاثنى عشر على أئمة الشیعة الامامیة ذکرناه فى کتابنا: «ابن‏عربى سنى متعصب»..

حیث ذکرنا هناک: أن هؤلاء یهدفون الى الحفاظ على عقیدة التسنن، و لکنهم لا یزیدون على الاعتراف بأنهم مجرد أئمة فى العلم و الدین، ولکن لا ربط لامامتهم بالحکم و الحاکمیة،فهم یشبهون أولیاء الصوفیة عندهم..

و بقیة الکلام موکول الى الکتاب المشار الیه آنفا..


1) المصدر السابق ص 12.

2) کما جاء فى عدد من النصوص، التى ذکرها فى ینابیع المودة قبل ذلک.

3) الآیة 23 من سورة الشورى.

4) الظاهر: أن کلام ذلک المحقق قد انتهى، و بدأ من هنا فصاعدا کلام القندوزى الحنفى نفسه.

5) ینابیع المودة للقندوزى الحنفى ص 446.