هذا کله.. لو أمکن أن تصل الحرکة الى درجة الحسم لصالح الاتجاه الآخر.. ولکنه فرض بعید، و بعید جدا، کما أثبتته التجارب المتکررة فى أکثر من قرن من الزمن..
حیث رأینا فیه بوضوح: کیف فشلت الحرکات الزیدیة الکثیرة جدا، و کیف سهل القضاء علیها، حتى أصبحت فى خبر کان، حتى و کأن شیئا لم یحدث، رغم سعة نفوذ الزیدیة على مختلف الأصعدة، و فى جمیع المجالات، و رغم سیطرتها التامة على الأمور، سیاسیا، و اعلامیا، و ثقافیا، و عاطفیا، و غیر ذلک.. کما أوضحناه فى کتابنا: «الحیاة السیاسیة للامام الرضا علیهالسلام»..
و ما ذلک.. الا لأن حرکات الزیدیة، و هى حرکات سیاسیة بالدرجة الأولى، و لا یمیزها سوى أنها تدعو الى کل من قام بالسیف من آلمحمد «صلى الله علیه و آله»، و لم یکن لها أصالة فکریة و عقائدیة راسخة، تنطلق من الروح، و تنبع من الوجدان – ان هذه الحرکات – انما کانت تعتمد على هذا المد العاطفى الهائل، و على ذلک الوعى الثقافى العقلى الجاف، الذى لم یصل الى حد مزج العاطفة بالفکر، و الفکر بالوجدان، لینتج موقفا رسالیا تخاض من أجله اللجج، و تبذل دونه المهج، بل کان یجد من العراقیل و المعوقات النابعة من داخلهم، ما یجعل الاعتماد علیه اعتمادا على سراب، والتمسک به تمسکا بما هو أوهى حتى من الطحلب، حین یتشبث به الغریق..
و ذلک هو ما یفسر لنا کیف أنه حینما کان الناس یواجهون الأمور بجدیة، و یبلغ الحزام الطبیین، یعودون الى دنیاهم، و یرکنون الى حیاة السلامة و الدعة، حسب تصورهم، و ما ینسجم مع هوى نفوسهم.. و لا یهمهم ما سوف یحصل بعد ذلک، و لا ما ذا تکون النتائج.