1- روى الکلینى عن أحمد بن مهران و على بن ابراهیم جمیعا، عن محمد بن على، عن الحسن بن راشد، عن یعقوب بن جعفر بن ابراهیم قال: کنت عند أبىالحسن موسى علیهالسلام اذ أتاه رجل نصرانى و نحن معه بالعریض فقال له النصرانى: أتیتک من بلد بعید و سفر شاق و سألت ربى منذ ثلاثین سنة أن یرشدنى الى خیر الأدیان و الى خیر العباد و أعلمهم و أتانى آت فى النوم فوصف لى رجلا بعلیا دمشق، فانطلقت حتى أتیته فکلمته.
فقال: أنا أعلم أهل دینى و غیرى أعلم منى، فقلت: أرشدنى الى من هو أعلم منک فانى لا أستعظم السفر و لا تبعد على الشقة و لقد قرأت الانجیل کلها و مزامیر داود و قرأت أربعة أسفار من التوراة و قرأت ظاهر القرآن حتى استوعبته کله، فقال لى العالم: ان کنت ترید علم النصرانیة فأنا أعلم العرب و العجم بها و ان کنت ترید علم الیهود فباطى ابنشرحبیل السامرى أعلم الناس بها الیوم.
و ان کنت ترید علم الاسلام و علم التوراة و علم الانجیل و علم الزبور و کتاب هود و کلما انزل على نبى من الأنبیاء فى دهرک و دهر غیرک و ما أنزل من السماء من خبر فعلمه أحد أو لم یعلم به أحد، فیه تبیان کل شىء و شفاء للعالمین و روح لمن استروح الیه و بصیرة لمن أراد الله به خیرا و أنس الى الحق فأرشدک الیه، فأته و لو مشیا على رجلیک، فان لم تقدر فحبوا على رکبتیک، فان لم تقدر فزحفا على استک، فان لم تقدر فعلى وجهک.
فقلت: لا بل أنا أقدر على المسیر فى البدن و المال، قال: فانطلق من فورک حتى تأتى یثرب، فقلت: لا أعرف یثرب، قال: فانطلق حتى تأتى مدینة النبى صلى الله علیه و آله
الذى بعث فى العرب و هو النبى العربى الهاشمى فاذا دخلتها فسل عن بنىغنم بن مالک بن النجار و هو عند باب مسجدها و أظهر بزة النصرانیة و حلیتها فان والیها یتشدد علیهم و الخلیفة أشدد، ثم تسأل عن بنىعمرو بن مبذول و هو ببقیع الزبیر، ثم تسأل عن موسى بن جعفر و أین منزله و أین هو؟ مسافر أم حاضر فان کان مسافرا فالحقه فان سفره أقرب مما ضربت الیه.
ثم أعلمه أن مطر ان علیا الغوطة – غوطة دمشق – هو الذى أرشدنى الیک و هو یقرئک السلام کثیرا و یقول لک: انى لأکثر مناجات ربى أن یجعل اسلامى على یدیک، فقص هذه القصة و هو قائم معتمد على عصاه، ثم قال: ان أذنت لى یا سیدى کفرت لک و جلست فقال: آذن لک أن تجلس و لا آذن لک أن تکفر، فجلس ثم ألقى عنه برنسه ثم قال: جعلت فداک تأذن لى فى الکلام؟ قال: نعم ما جئت الا له، فقال له النصرانى: أردد على صاحبى السلام أو ما ترد السلام.
فقال أبوالحسن علیهالسلام: على صاحبک أن هداه الله فأما التسلیم فذاک اذا صار فى دیننا، فقال النصرانى: انتى أسألک – أصلحک الله – قال: سل، قال: أخبرنى عن کتاب الله تعالى الذى أنزل على محمد و نطق به، ثم وصفه بما وصفه به، فقال: «حم – و الکتاب المبین – انا أنزلناه فى لیلة مبارکة انا کنا منذرین – فیها یفرق کل أمر حکیم» ما تفسیرها فى الباطن؟ فقال: أما حم فهو محمد صلى الله علیه و آله و هو فى کتاب هود الذى أنزل علیه و هو منقوص الحروف.
و أما «الکتاب المبین» فهو أمیرالمؤمنین على علیهالسلام و أما اللیلة ففاطمة و أما قوله: «فیها یفرق کل أمر حکیم» یقول: یخرج منها خیر کثیر فرجل حکیم و رجل حکیم و رجل حکیم فقال الرجل: صف لى الأول و الآخر من هؤلاء الرجال: فقال: ان الصفات تشتبه و لکن الثالث من القوم أصف لک ما یخرج من نسله و انه عندکم لفى الکتب التى نزلت علیکم، ان لم تغیروا و تحرفوا و تکفروا و قدیما ما فعلتم.
قال له النصرانى: انى لا أستر عنک ما علمت و لا أکذبک و أنت تعلم ما أقول فى صدق ما أقول و کذبه والله لقد أعطاک الله من فضله، و قسم علیک من نعمه ما لا یخطره
الخاطرون و لا یستره الساترون و لا یکذب فیه من کذب، فقولى لک فى ذلک الحق کما ذکرت، فهو کما ذکرت.
فقال له أبوابراهیم علیهالسلام: أعجلک أیضا خبرا لا یعرفه الا قلیل ممن قرأ الکتب، أخبرنى ما اسم اممریم و أى یوم نفخت فیه مریم و لکم من ساعة من النهار، و أى یوم وضعت مریم فیه عیسى علیهالسلام و لکم من ساعة من النهار؟ فقال النصرانى: لا أدرى.
فقال أبوابراهیم علیهالسلام: أما اممریم فاسمها مرثا و هى وهیبة بالعربیة و أما الیوم الذى حملت فیه مریم فهو یوم الجمعة للزوال و هو الیوم الذى هبط فیه الروح الأمین و لیس للمسلمین عید کان أولى منه، عظمه الله تبارک تعالى و عظمه محمد صلى الله علیه و آله، فأمر أن یجعله عیدا فهو یوم الجمعة و أما الیوم الذى ولدت فیه مریم فهو یوم الثلاثاء، لأربع ساعات و نصف من النهار و النهر الذى ولدت علیه مریم عیسى علیهالسلام هل تعرفه؟ قال: لا.
قال: هو الفرات و علیه شجر النخل و الکرم و لیس یساوى بالفرات شىء للکروم و النخیل، فأما الیوم الذى حجبت فیه لسانها و نادى قیدوس ولده و أشیاعه فأعانوه و أخرجوا آلعمران لینظروا الى مریم، فقالوا لها ما قص الله علیک فى کتابه و علینا فى کتابه، فهل فهمته؟ قال: نعم و قرأته الیوم الأحدث، قال: اذن لا تقوم من مجلسک حتى یهدیک الله، قال النصرانى: ما کان اسم أمى بالسریانیة و بالعربیة؟
فقال: کان اسم امک بالسریانیة عنقالیة و عنقورة کان اسم جدتک لأبیک و أما اسم أمک بالعربیة فهومیة و أما اسم أبیک فعبد المسیح و هو عبدالله بالعربیة و لیس للمسیح عبد، قال: صدقت و بررت، فما کان اسم جدى؟ قال: کان اسم جدک جبرئیل و هو عبدالرحمن سمیته فى ملجسى هذا قال: أما انه کان مسلما؟
قال أبوابراهیم علیهالسلام: نعم و قتل شهیدا، دخلت علیه أجناد فقتلوه فى منزله غیلة و الأجناد من أهل الشام، قال: فما کان اسمى قبل کنیتى؟ قال: کان اسمک عبدالصلیب، قال: فما تسمینى؟ قال: اسمیک عبدالله، قال: فانى آمنت بالله
العظیم و شهد أن لا اله الا الله وحده لا شریک له، فردا صمدا، لیس کما تصفه النصارى و لیس ما تصفه الیهود و لا جنس من أجناس الشرک، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله.
أرسله بالحق فأبان به لأهله و عمى المبطلون و أنه کان رسولالله الى الناس کافة الى الأحمر و الأسود کل فیه مشترک فأبصر من أبصر و اهتدى من اهتدى و عمى المبطلون و ضل عنهم ما کانوا یدعون، و أشهد أن ولیه نطق بحکمته و أن من کان قبله من الأنبیاء نطقوا بالحکمة البالغة و توازروا على الطاعة الله و فارقوا الباطل و أهله و الرجس و أهله و هجروا سبیل الضلالة و نصرهم الله بالطاعة له و عصمهم من المعصیة.
فهم لله أولیاء و للدین أنصار، یحثون على الخیر و یأمرون به، آمنت بالصغیر منهم و الکبیر و من ذکرت منهم و من لم أذکر و آمنت بالله تبارک و تعالى رب العالمین، ثم قطع زناره و قطع صلیبا کان فى عنقه من ذهب.
ثم قال: مرنى حتى أضع صدقتى حیث تأمرنى فقال: ههنا أخ لک کان على مثل دینک و هو رجل من قومک من قیس بن ثعلبة و هو فى نعمة کنعمتک فتواسیا و تجاورا و لست أدع أن أورد علیکما حقکما فى الاسلام فقال: والله – أصلحک الله – انى لغنى و لقد ترکت ثلاثمائة طروق بین فرس و فرسة و ترکت ألف بعیر، فحقک فیها أوفر من حقى.
فقال له: أنت مولى الله و رسوله و أنت فى حد نسبک على حالک، فحسن اسلامه و تزوج امرأة من بنىفهر و أصدقها أبوابراهیم علیهالسلام خمسین دینارا من صدقة على بن أبىطالب علیهالسلام و أخدمه و بوأه و أقام حتى أخرج أبوابراهیم علیهالسلام، فمات بعد مخرجه بثمان و عشرین لیلة.(1)
2- عنه عن على بن ابراهیم و أحمد بن مهران جمیعا، عن محمد بن على، عن الحسن ابن راشد، عن یعقوب بن جعفر قال: کنت عند أبىابراهیم علیهالسلام و أتاه رجل من أهل نجران الیمن من الرهبان و معه راهبة، فاستأذن لهما الفضل بن سوار، فقال له: اذا کان غدا فأت بهما عند بئر امخیر، قال: فوافینا من الغد فوجدنا القوم قد وافوا فأمر
بخصفة بوارى.
ثم جلس و جلسوا فبدأت الراهبة بالمسائل فسألت عن مسائل کثیرة، کل ذلک یجیبها، و سألها أبوابراهیم علیهالسلام عن أشیاء، لم یکن عندها فیه شىء، ثم أسلمت ثم أقبل الراهب یسأله فکان یجیبه فى کل ما یسأله، فقال الراهب: قد کنت قویا على دینى و ما خلفت أحدا من النصارى فى الأرض یبلغ مبلغى فى العلم و لقد سمعت برجل فى الهند، اذا شاء حج الى بیتالمقدس فى یوم و لیلة.
ثم یرجع الى منزله بأرض الهند، فسألت عنه بأى أرض هو؟ فقیل لى: انه بسبذان و سألت الذى أخبرنى فقال: هو علم الاسلام الذى ظفر به آصف صاحب سلیمان لما أتى بعرش سبأ و هو الذى ذکره الله لکم فى کتابکم و لنا معشر الأدیان فى کتبنا، فقال له أبوابراهیم علیهالسلام: فکم لله من اسم لا یرد؟ فقال الراهب: الأسماء کثیرة فأما المحتوم منها الذى لا یرد سائله فسبعة.
فقال له أبوالحسن علیهالسلام: فأخبرنى عما تحفظ منها، قال الراهب لا والله الذى أنزل التوراة على موسى و جعل عیسى عبرة للعالمین و فتنة لشکر أولى الألباب و جعل محمدا برکة و رحمة و جعل علیا علیهالسلام عبرة و بصیرة و جعل الأوصیاء من نسله و نسل محمد ما أدرى، و لو دریت ما احتجت فیه الى کلامک و لا جئتک و لا سألتک.
فقال له أبوابراهیم علیهالسلام: عد الى حدیث الهندى، فقال له الراهب: سمعت بهذه الأسماء و لا أدرى ما بطانتها و لا شرایحها و لا أدرى ما هى و لا کیف هى و لا بدعائها، فانطلقت حتى قدمت سبذان الهند، فسألت عن الرجل، فقیل لى: انه بنى دیرا فى جبل فصار لا یخرج و لا یرى الا فى کل سنة مرتین و زعمت الهند أن الله فجر له عینا فى دیره و زعمت الهند أنه یزرع له من غیر زرع یلقیه و یحرث له من غیر حرث یعمله، فانتهیت الى بابه فأقمت ثلاثا، لا أدق الباب و لا أعالج الباب.
فلما کان الیوم الرابع فتح الله الباب و جاءت بقرة علیها حطب تجر ضرعها، یکاد یخرج ما فى ضرعها من اللبن فدفعت الباب فانفتح فتبعتها و دخلت، فوجدت الرجل قائما ینظر الى السماء فیبکى و ینظر الى الأرض فیبکى و ینظر الى الجبال فیبکى،
فقلت: سبحان الله ما أقل ضربک فى دهرنا هذا، فقال لى: والله ما أنا الا حسنة من حسنات رجل خلفته وراء ظهرک، فقلت له: اخبرت أن عندک اسما من أسماء الله تبلغ به فى کل یوم و لیلة بیتالمقدس و ترجع الى بیتک.
فقال لى: و هل تعرف بیتالمقدس؟ قلت: لا أعرف الا بیتالمقدس الذى بالشام؟ قال: لیس بیتالمقدس و لکنه البیتالمقدس و هو بیت آل محمد صلى الله علیه و آله: فقت له: أما ما سمعت به الى یومى هذا فهو بیتالمقدس، فقال لى: تلک محاریب الأنبیاء، و انما کان یقال لها: حظیرة المحاریب، حتى جاءت الفترة التى کانت بین محمد و عیسى صلى الله علیهما و قرب البلاء من أهل الشرک و حلت النقمات فى دور الشیاطین.
فحولوا و بدلوا و نقلوا تلک الأسماء و هو قول الله تبارک و تعالى – البطن لآل محمد و الظهر مثل -: «ان هى الا أسماء سمیتموها أنتم و آباؤکم ما أنزل الله بها من سلطان» فقلتله : انى قد ضربت الیک من بلد بعید، تعرضت الیک بحارا و غموما و هموما و خوفا و أصبحت و أمسیت مؤیسا الا أکون ظفرت بحاجتى.
فقال لى: ما أرى امک حملت بک الا و قد حضرها ملک کریم و لا أعلم أن أباک حین أراد الوقوع بامک الا و قد اغتسل و جاءها على طهر و لا أزعم الا أنه قد کان درس السفر الرابع من سحره ذلک، فختم له بخیر، ارجع من حیث جئت، فانطلق حتى تنزل مدینة محمد صلى الله علیه و آله التى یقال لها: طیبة و قد کان اسمها فى الجاهلیة یثرب.
ثم اعمد الى موضع منها یقال له: البقیع، ثم سل عن دار یقال لها: دار مروان، فانزلها و أقم ثلاثا ثم سل [عن] الشیخ الأسود الذى یکون على بابها یعمل البوارى و هى فى بلادهم، اسمها الخصف، فالطف بالشیخ و قل له، بعثنى الیک نزیلک الذى کان ینزل فى الزاویة فى البیت الذى فیه الخشیبات الأربع، ثم سله عن فلان بن فلان الفلانى و سله أین نادیه و سله أى ساعة یمر فیها فلیریکاه أو یصفه لک، فتعرفه بالصفة و سأصفه لک.
قلت: فاذا لقیته فأصنع ماذا؟ قال: سله عما کان و عما هو کائن و سله عن معالم
دین من مضى و من بقى، فقال له أبوابراهیم علیهالسلام: قد نصحک صاحبک الذى لقیت، فقال الراهب: ما اسمه جعلت فداک؟ قال: هو متمم بن فیروز و هو من أبناء الفرس و هو ممن آمن بالله وحده لا شریک له و عبده بالاخلاص و الایقان و فر من قومه لما خافهم، فوهب له ربه حکما و هداه لسبیل الرشاد و جعله من المتقین و عرف بینه و بین عباده المخلصین و ما من سنة الا و هو یزور فیها مکة حاجا و یعتمر فى رأس کل شهر مرة و یجیىء من موضعه من الهند الى مکة، فضلا من الله و عونا و کذلک یجزى الله الشاکرین.
ثم سأله الراهب عن مسائل کثیرة، کل ذلک یجیبه فیها و سأل الراهب عن أشیاء، لم یکن عند الراهب فیها شىء، فأخبره بها، ثم ان الراهب قال: أخبرنى عن ثمانیة أحرف نزلت فتبین فى الأرض منها أربعة و بقى فى الهواء منها أربعة، على من نزلت تلک الأربعة التى فى الهواء و من یفسرها؟ قال: ذاک قائمنا، ینزله الله علیه فیفسره و ینزل علیه ما لم ینزل على الصدیقین و الرسل و المهتدین.
ثم قال الراهب: فأخبرنى عن الاثنین من تلک الأربعة الأحرف التى فى الأرض ما هى؟ قال: اخبرک بالأربعة کلها، أما أولهن فلا اله الا الله وحده لا شریک له باقیا، و الثانیة محمد رسولالله صلى الله علیه و آله مخلصا، و الثالثة نحن أهل البیت، و الرابعة شیعتنا منا و نحن من رسولالله صلى الله علیه و آله و رسولالله من الله بسبب.
فقال له الراهب: أشهد أن لا اله الا الله و أن محمدا رسولالله و أن ما جاء به من عند الله حق و أنکم صفوة الله من خلقه و أن شیعتکم المطهرون المستبدلون و لهم عاقبة الله و الحمد لله رب العالمین.
فدعا أبوابراهیم علیهالسلام بجبة خز و قمیص قوهى و طیلسان و خف و قلنسوة،فأعطاه ایاها و صلى الظهر و قال له: اختتن، فقال: قد اختتنت فى سابعى.(2)
1) الکافى: 478/1-481.
2) الکافى:481/1-484.