جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

کتاب العقل و فضائله‏

زمان مطالعه: 21 دقیقه

1 – الکلینى عن أبى‏عبدالله الاشعرى، عن بعض أصحابنا، رفعه عن هشام بن الحکم قال: قال لى أبوالحسن موسى بن جعفر علیهماالسلام: یا هشام ان الله تبارک و تعالى بشر أهل العقل و الفهم فى کتابه فقال: «فبشر عباد الذین یستمعون القول فیتبعون أحسنه أولئک الذین هداهم الله و اولئک هم اولوا الألباب».

یا هشام ان الله تبارک و تعالى أکمل للناس الحجج بالعقول، و نصر النبیین بالبیان، ودلهم على ربوبیته بالأدلة، فقال: «و الهکم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحیم – ان فى خلق السموات و الأرض و اختلاف اللیل و النهار و الفلک التى تجرى فى البحر ما ینفع الناس، و ما أنزل الله من السماء من ماء فأحیى به الأرض بعد موتها وبث فیها من کل دابة و تصریف الریاح و السحاب المسخر بین السماء و الأرض لآیات لقوم یعقلون».

یا هشام قد جعل الله ذلک دلیلا على معرفته بأن لهم مدبرا، فقال: «و سخر لکم اللیل و النهار و الشمس و القمر و النجوم مسخرات بأمره، ان فى ذلک لآیات لقوم یعقلون» و قال: «هو الذى خلقکم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم یخرجکم طفلا ثم لتبلغوا أشدکم ثم لتکونوا شیوخا و منکم من یتوفى من قبل و لتبلغوا أجلا مسمى و لعلکم تعقلون».

و قال: «ان فى اختلاف اللیل و النهار و ما أنزل الله من السماء من رزق فأحیى به الأرض بعد موتا و تصریف الریاح و السحاب المسخر بین السماء و الأرض لآیات لقوم یعقلون» و قال: «یحیى الأرض بعد موتها، قد بینا لکم الآیات لعلکم تعقلون».

و قال: «و جنات من أعناب و زرع و نخیل صنوان وغیر صنوان یسقى بماء واحد و نفضل بعضها على بعض فى الاکل، ان فى ذلک لآیات لقوم یعقلون».

و قال: «و من آیاته یریکم البرق خوفا و طمعا و ینزل من السماء ماء فیحیى به الأرض بعد موتها، ان فى ذلک لآیات لقوم یعقلون». و قال: «قل تعالوا أتل ما حرم ربکم علیکم ألا تشرکوا به شیئا و بالوالدین احسانا و لا تقتلوا أولادکم من املاق، نحن نرزقکم و ایاهم و لا تقربوا الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و لا تقتلوا النفس التى حرم الله الا بالحق، ذلکم وصیکم به لعلکم تعقلون».

و قال: «هل لکم من ما ملکت أیمانکم من شرکاء فیما رزقناکم فأنتم فیه سواء تخافونهم کخیفتکم أنفسکم، کذلک نفصل الآیات لقوم یعقلون».

یا هشام ثم وعظ أهل العقل و رغبهم فى الآخرة فقال: «و ما الحیوة الدنیا الا لعب و لهو و للدار الآخرة خیر للذین یتقون أفلا تعقلون».

یا هشام ثم خوف الذین لا یعقلون عقابه فقال تعالى: «ثم دمرنا الآخرین و انکم لتمرون علیهم مصبحین و باللیل أفلا تعقلون» و قال: «انا منزلون على أهل هذه القریة رجزا من السماء بما کانوا یفسقون و لقد ترکنا منها آیة بینة لقوم یعقلون».

یا هشام ان العقل مع العلم فقال: «و تلک الأمثال نضربها للناس و ما یعقلها الا العالمون». یا هشام ثم ذم الذین لا یعقلون فقال: «و اذا قیل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفینا علیه آباءنا أولو کان آباؤهم لا یعقلون شیئا و لا یهتدون» و قال: «و مثل الذین کفروا کمثل الذى ینعق بما لا یسمع الا دعاء و نداء صم بکم عمى فهم لا یعقلون».

و قال: «و منهم من یستمع الیک أفأنت تسمع الصم و لو کانوا لا یعقلون» و قال: «أم تحسب أن أکثرهم یسمعون أو یعقلون ان هم الا کالأنعام بل هم أضل سبیلا».

و قال: «لا یقاتلونکم جمیعا الا فى قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بینهم شدید تحسبهم جمیعا و قلوبهم شتى ذلک بأنهم قوم لا یعقلون». و قال: «و تنسون أنفسکم و أنتم تتلون الکتاب أفلا تعقلون».

یا هشام ثم ذم الله الکثرة فقال: «و ان تطع أکثر من فى الأرض یضلوک عن سبیل الله». و قال: «و لئن سألتهم من خلق السموات و الأرض لیقولن الله قل الحمد لله بل‏

أکثرهم لا یعلمون». و قال: «و لئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحیى به الأرض من بعد موتها لیقولن الله قل الحمد لله بل أکثرهم لا یعقلون».

یا هشام ثم مدح القلة فقال: «و قلیل من عبادى الشکور». و قال: «و قلیل ما هم». و قال: «و قال رجل مؤمن من آل فرعون یکتم ایمانه أتقتلون رجلا أن یقول ربى الله». و قال: «و من آمن و ما آمن معه الا قلیل». و قال: «ولکن أکثرهم لا یعلمون». و قال: «و أکثرهم لا یعقلون». و قال: «و أکثرهم لا یشعرون».

یا هشام ثم ذکر اولى الألباب بأحسن الذکر، و حلاهم بأحسن الحلیة، فقال: «یؤتى الحکمة من یشاء و من یؤت الحکمة فقد اوتى خیرا کثیرا و ما یذکر الا اولو الألباب». و قال: «و الراسخون فى العلم یقولون آمنا به کل من عند ربنا و ما یذکر الا أولوا الألباب» و قال: «ان فى خلق السموات و الأرض و اختلاف اللیل و النهار لآیات لأولى الألباب».

و قال «أفمن یعلم أنما انزل الیک من ربک الحق کمن هو أعمى انما یتذکر اولو الألباب». و قال: «أمن هو قانت آناء اللیل ساجدا و قائما یحذر الآخرة و یرجو رحمة ربه قل هل یستوى الذین یعلمون و الذین لا یعلمون انما یتذکر اولو الألباب». و قال «کتاب أنزلناه الیک مبارک لیدبروا آیاته و لیتذکر اولوا الألباب». و قال: «و لقد آتینا موسى الهدى و أورثنا بنى اسرائیل الکتاب هدى و ذکرى لأولى الألباب» و قال: «و ذکر فان الذکرى تنفع المؤمنین».

یا هشام ان الله تعالى یقول فى کتابه: «ان فى ذلک لذکرى لمن کان له قلب» یعنى: عقل: و قال: «و لقد آتینا لقمان الحکمة». قال: الفهم و العقل.

یا هشام ان لقمان قال لابنه: تواضع للحق تکن أعقل الناس، و ان الکیس لدى الحق یسیر، یا بنى ان الدنیا بحر عمیق، قد غرق فیها عالم کثیر فلتکن سفینتک فیها تقوى الله، و حشوها الایمان و شراعها التوکل، و قیمها العقل و دلیلها العلم، و سکانها الصبر.

یا هشام ان لکل شى‏ء دلیلا و دلیل العقل التفکر، و دلیل التفکر الصمت، و لکل‏

شى‏ء مطیة و مطیة العقل التواضع و کفى بک جهلا أن ترکب ما نهیت عنه.

یا هشام ما بعث الله أنبیاءه و رسله الى عباده الا لیعقلوا عن الله، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة، و أعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا، و أکملهم عقلا أرفعهم درجة فى الدنیا و الآخرة.

یا هشام ان لله على الناس حجتین: حجة ظاهرة و حجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل و الأنبیاء و الأئمة – علیهم‏السلام -، و أما الباطنة فالعقول.

یا هشام ان العاقل الذى لا یشغل الحلال شکره، و لا یغلب الحرام صبره.

یا هشام من سلط ثلاثا على ثلاث فکأنما أعان على هدم عقله: من أظلم نور تفکره بطول أمله، و محا طرائف حکمته بفضول کلامه، و أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فکأنما أعان هواه على هدم عقله، و من هدم عقله، أفسد علیه دینه و دنیاه.

یا هشام کیف یزکو عند الله عملک، و أنت قد شغلت قلبک عن أمر ربک و أطعت هواک على غلبة عقلک.

یا هشام الصبر على الوحدة علامة قوة العقل، فمن عقل عن الله اعتزل أهل الدنیا و الراغبین فیها، و رغب فیما عندالله، و کان الله انسه فى الوحشة، و صاحبه فى الوحدة، و غناه فى العیلة، و معزه من غیر عشیرة.

یا هشام نصب الحق لطاعة الله، و لا نجاة الا بالطاعة، و الطاعة بالعلم و العلم بالتعلم، و التعلم بالعقل یعتقد، و لا علم الا من عالم ربانى، و معرفة العلم بالعقل.

یا هشام قلیل العمل من العالم مقبول مضاعف، و کثیر العمل من أهل الهوى و الجهل مردود.

یا هشام ان العاقل رضى بالدون من الدنیا مع الحکمة، و لم یرض بالدون من الحکمة مع الدنیا، فلذلک ربحت تجارتهم.

یا هشام ان العقلاء ترکوا فضول الدنیا فکیف الذنوب، و ترک الدنیا من الفضل، و ترک الذنوب من الفرض.

یا هشام ان العاقل نظر الى الدنیا و الى أهلها فعلم أنها لا تنال الا بالمشقة و نظر الى

الآخرة فعلم أنها لا تنال الا بالمشقة، فطلب بالمشقة أبقاهما.

یا هشام ان العقلاء زهدوا فى الدنیا و رغبوا فى الآخرة، لأنهم علموا أن الدنیا طالبة مطلوبة و الآخرة طالبة و مطلوبة، فمن طلب الآخرة طلبته الدنیا حتى یستوفى منها رزقه، و من طلب الدنیا طلبته الآخرة فیأتیه الموت، فیفسد علیه دنیاه و آخرته.

یا هشام من أراد الغنى بلا مال، و راحة القلب من الحسد، و السلامة فى الدین فلیتضرع الى الله عزوجل فى مسألته بأن یکمل عقله، فمن عقل قنع بما یکفیه، و من قنع بما یکفیه استغنى، و من لم یقنع بما یکفیه لم یدرک الغنى أبدا.

یا هشام ان الله حکى عن قوم صالحین: أنهم قالوا: «ربنا لا تزع قلوبنا بعد اذ هدیتنا و هب لنا من لدنک رحمة انک أنت الوهاب» حین عملوا أن القلوب تزیغ و تعود الى عماها و رداها.

انه لم یخف الله من لم یعقل عن الله، و من لم یعقل عن الله لم یعقد قلبه على معرفة ثابتة یبصرها و یجد حقیقتها فى قلبه، و لا یکون أحد کذلک الا من کان قوله لفعله مصدقا، و سره لعلانیته موافقا، لأن الله تبارک اسمه لم یدل على الباطن الخفى من العقل الا بظاهر منه، و ناطق عنه.

یا هشام کان أمیرالمؤمنین علیه‏السلام یقول: ما عبد الله بشى‏ء أفضل من العقل، و ما تم عقل امرء حتى یکون فیه خصال شتى: الکفر و الشر منه مأمونان، و الرشد و الخیر منه مأمولان، و فضل ماله مبذول، و فضل قوله مکفوف، و نصیبه من الدنیا القوت، لا یشبع من العلم دهره.

الذل أحب الیه مع الله من العز مع غیره، و التواضع أحب الیه من الشرف، یستکثر قلیل المعروف من غیره و یستقل کثیر المعروف من نفسه، و یرى الناس کلهم خیرا منه، و أنه شرهم فى نفسه، و هو تمام الأمر.

یا هشام ان العاقل لا یکذب و ان کان فیه هواه.

یا هشام لا دین لمن لا مروة له، و لا مروة لمن لا عقل له، و ان أعظم الناس قدرا الذى لا یرى الدنیا لنفسه خطرا أما ان أبدانکم لیس لها ثمن الا الجنة فلا تبیعوها بغیرها.

یا هشام ان أمیرالمؤمنین علیه‏السلام کان یقول: ان من علامة العاقل أن یکون فیه ثلاث خصال: یجیب اذا سئل، و ینطق اذا عجز القوم عن الکلام، و یشیر بالرأى الذى یکون فیه صلاح أهله، فمن لم یکن فیه من هذه الخصال الثلاث شى‏ء فهو أحمق.

ان أمیرالمؤمنین علیه‏السلام قال: لا یجلس فى صدر المجلس الا رجل فیه هذه الخصال الثلاث أو واحدة منهن، فمن لم یکن فیه شى‏ء منهن فجلس فهو أحمق.

قال الحسن بن على علیهماالسلام: اذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها، قیل یا ابن‏رسول الله و من أهلها؟ قال: الذین قص الله فى کتابه و ذکرهم، فقال: «انما یتذکر اولو الألباب» قال: هم اولو العقول.

قال على بن الحسین علیهماالسلام: مجالسة الصالحین داعیة الى الصلاح، و آداب العلماء زیادة فى العقل، و طاعة ولاة العدل تمام العز، و استثمار المال تمام المروة، و ارشاد المستشیر قضاء لحق النعمة، و کف الأذى من کمال العقل، و فیه راحة البدن عاجلا و آجلا.

یا هشام ان العاقل لا یحدث من یخاف تکذیبه، و لا یسأل من یخاف منعه و لا یعد ما لا یقدر علیه،و لا یرجو ما یعنف برجائه، و لا یقدم على ما یخاف فوته بالعجز عنه(1)

2 – رواه ابن‏شعبة الحرانى فى تحف العقول و بین الروایتین اختلاف فى المتن و لذلک أوردناها من تحف العقول أیضا.

«وصیته علیه‏السلام لهشام وصفته للعقل»

ان الله تبارک و تعالى بشر أهل العقل و الفهم فى کتابه فقال: «فبشر عبادى الذین یستمعون القول فیتبعون أحسنه أولئک الذین هداهم الله و أولئک هم أولوا الألباب».

یا هشام بن الحکم: ان الله عزوجل أکمل للناس الحجج بالعقول و أفضى الیهم‏

بالبیان و دلهم على ربوبیته بالأدلاء، فقال: «و الهکم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحیم» «ان فى خلق السموات و الأرض و اختلاف اللیل و النهار» الى قوله: «لآیات لقوم یعقلون».

یا هشام قد جعل الله عزوجل ذلک دلیلا على معرفته بأن لهم مدبرا، فقال: «و سخر لکم اللیل و النهار و الشمس و القمر و النجوم مسخرات بأمره ان فى ذلک لآیات لقوم یعقلون» و قال: «حم – و الکتاب المبین – انا جعلناه قرآنا عربیا لعلکم تعقلون» و قال: «و من آیاته یریکم البرق خوفا و طمعا و ینزل من السماء ماء فیحیى الأرض بعد موتها ان فى ذلک لآیات لقوم یعقلون».

یا هشام ثم وعظ أهل العقل و رغبهم فى الآخرة فقال: «و ما الحیاة الدنیا الا لعب و لهو و للدار الآخرة خیر للذین یتقون أفلا تعقلون». و قال: «و ما أوتیتم من شى‏ء فمتاع الحیوة الدنیا و زینتها و ما عند الله خیر و أبقى أفلا تعقلون».

یا هشام ثم خوف الذین لا یعقلون عذابه فقال عزوجل: «ثم دمرنا الآخرین و انکم لتمرون علیهم مصبحین و باللیل أفلا تعقلون».

یا هشام: ثم بین أن العقل مع العلم فقال: «و تلک الأمثال نضربها للناس و ما یعقلها الا العالمون».

یا هشام: ثم ذم الذین لا یعقلون فقال: «و اذا قیل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفینا علیه آباءنا أو لو کان آباؤهم لا یعقلون شیئا و لا یهتدون» و قال: «ان شر الدواب عند الله الصم البکم الذین لا یعقلون». و قال: «و لئن سألتهم من خلف السموات و الأرض لیقولن الله قل الحمد لله بل أکثرهم لا یعقلون».

ثم ذم الکثرة فقال: «و ان تطع أکثر من فى الأرض یضلوک عن سبیل الله».

و قال: و لکن أکثرهم لا یعلمون» و «و أکثرهم لا یشعرون».

یا هشام: ثم مدح القلة فقال: «و قلیل من عبادى الشکور». و قال: «و قلیل ما هم». و قال: «و ما آمن معه الا قلیل».

یا هشام: ثم ذکر أولى الألباب بأحسن الذکر و حلاهم بأحسن الحلیة، فقال:

«یؤتى الحکمة من یشاء و من یؤت الحکمة فقد أؤتى خیرا کثیرا و ما یذکر الا أولوا الألباب».

یا هشام: ان الله یقول: «ان فى ذلک لذکرى لمن کان له قلب». یعنى العقل. و قال: «و لقد آتینا لقمان الحکمة». قال: الفهم و العقل.

یا هشام: ان لقمان قال لابنه: «تواضع للحق تکن أعقل الناس. یا بنى ان الدنیا بحر عمیق قد غرق فیه عالم کثیر فلتکن سفینتک فیها تقوى الله و حشوها الایمان، و شراعها التوکل، و قیمها العقل، و دلیلها العلم و سکانها الصبر».

یا هشام: لکل شى‏ء دلیل، و دلیل العاقل التفکر، و دلیل التفکر الصمت، و لکل شى‏ء مطیة، و مطیة العاقل التواضع. و کفى بک جهلا أن ترکب ما نهیت عنه.یا هشام: لو کان فى یدک جوزة و قال الناس [فى یدک] لؤلؤة ما کان ینفعک و أنت تعلم أنها جوزة. و لو کان فى یدک لؤلؤة، و قال الناس: انها جوزة ما ضرک و أنت تعلم أنها لؤلؤة.

یا هشام: ما بعث الله أنبیاءه و رسوله الى عباده الا لیعقلوا عن الله، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة لله، و أعلم بأمر الله أحسنهم عقلا، و أعقلهم أرفعهم درجة فى الدنیا و الآخرة.

یا هشام: ما من عبد الا و ملک آخذ بناصیته، فلا یتواضع الا رفعه الله و لا یتعاظم الا وضعه الله.

یا هشام: ان لله على الناس حجتین: حجة ظاهرة و حجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل و الأنبیاء و الأئمة، و أما الباطنة فالعقول.

یا هشام: ان العاقل الذى لا یشغل الحلال شکره و لا یغلب الحرام صبره.

یا هشام: من سلط ثلاثا على ثلاث فکأنما أعلن هواه على هدم عقله: من أظلم نور فکره بطول أمله، و محا طرائف حکمته بفضول کلامه، و أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فکأنما أعان هواه على هدم عقله، و من هدم عقله أفسد علیه دینه و دنیاه.

یا هشام: کیف یزکو عند الله عملک و أنت قد شغلت عقلک عن امر ربک و اطعت

هواک على غلبة عقلک.

یا هشام: الصبر على الوحدة علامة قوة العقل، فمن عقل عن الله تبارک و تعالى اعتزل أهل الدنیا و الراغبین فیها و رغب فیما عند ربه [و کان الله] آنسه فى الوحشة و صاحبه فى الوحدة، و غناه فى العیلة و معزه فى غیر عشیرة.

یا هشام: نصب الخلق لطاعة الله. و لا نجاة الا بالطاعة. و الطاعة بالعلم. و العلم بالتعلم. و التعلم بالعقل یعتقد. و لا علم الا من عالم ربانى. و معرفة العالم بالعقل.

یا هشام: قلیل العمل من العاقل مقبول مضاعف، و کثیر العمل من أهل الهوى و الجهل مردود.

یا هشام: ان العاقل رضى بالدون من الدنیا مع الحکمة، و لم یرض بالدون من الحکمة مع الدنیا، فذلک ربحت تجارتهم.

یا هشام: ان کان یغنیک ما یکفیک فادن ما فى الدنیا یکفیک. و ان کان لا یغنیک ما یکفیک فلیس شى‏ء من الدنیا یغنیک.

یا هشام: ان العقلاء ترکوا فضول الدنیا فکیف الذنوب، و ترک الدنیا من الفضل و ترک الذنوب من الفرض.

یا هشام: ان العقلاء زهدوا فى الدنیا و رغبوا فى الآخرة، لأنهم علموا أن الدنیا طالبة و مطلوبة، و الآخرة طالبة و مطلوبة، فمن طلب الآخرة طبته الدنیا حتى یستوفى منها رزقه و من طلب الدنیا طلبته الآخرة فیأتیه الموت فیفسد علیه دنیاه و آخرته.

یا هشام: من أراد الغنى بلا مال و راحة القلب من الحسد و السلامة فى الدین، فلیتضرع الى الله فى مسألته بأن یکمل عقله، فمن عقل قنع بما یکفیه، و من قنع بما یکفیه استغنى و من لم یقنع بما یکفیه لم یدرک الغنى أبدا.

یا هشام: ان الله جل و عز حکى عن قوم صالحین أنهم قالوا: «ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هدیتنا و هب لنا من لدنک رحمة انک أنت الوهاب» حین علموا أن القلوب تزیغ و تعود الى عماها و رداها. انه لم یخف الله من لم یعقل عن الله و من لم یعقل عن الله لم یعقد قلبه على معرفة ثابتة یبصرها و یجد حقیقتها فى قلبه. و لا یکون أحد کذلک الا من

فان ما هو آت من الدنیا، کما ولى منها، فاعتبر بها.

قال على بن الحسین علیهماالسلام: «ان جمیع ما طلعت علیه الشمس فى مشارق الأرض و مغاربها بحرها و برها و سلهلها و جبلها عند ولى من أولیاء الله و أهل المعرفة بحق الله کفیى‏ء الظلال.

ثم قال علیه‏السلام: أو لا حر یدع [هذه] اللماظة لأهلها – یعنى الدنیا – فلیس لأنفسکم ثمن الا الجنة فلا تبیعوها بغیرها، فانه من رضى من الله بالدنیا فقد رضى بالخسیس».

یا هشام: ان کل الناس یبصر النجوم، و لکن لا یهتدى بها الا من یعرف مجاریها و منازلها. و کذلک أنتم تدرسون الحکمة، و لکن لا یهتدى بها منکم الا من عمل بها.

یا هشام: ان المسیح علیه‏السلام قال للحواریین: «یا عبید السوء یهولکم طول النخلة و تذکرون شوکها و مؤونة مراقیها و تنسون طیب ثمرها و مرافقها. کذلک تذکرون مؤونة عمل الآخرة فیطول علیکم أمده، و تنسون ما تفضون الیه من نعیمها و نورها و ثمرها.

یا عبید السوء نقوا القمح و طیبوه وأدقوا طحنه تجدوا طعمه و یهنئکم أکله، کذلک فأخلصوا الایمان و أکملوه تجدوا حلاوته و ینفعکم غبه، بحق أقول لکم: لو وجدتم سراجا یتوقد بالقطران فى لیلة مظلمة لاستضأتم به و لم یمنعکم منه ریح نتنة. کذلک ینبغى لکم أن تأخذوا الحکمة ممن وجدتموها معه و لا یمنعکم منه سوء رغبتة فیها. یا عبید الدنیا بحق أقول کلم: لا تدرکون شرف الآخرة الا بترک ما تحبون، فلا تنظروا بالتوبة غدا، فان دون غد یوما و لیلة و قضاء الله فیهما یغدو و یروح.

بحق أقول لکم: ان من لیس علیه دین من الناس أروح و أقل هما ممن علیه الدین و ان أحسن القضاء. و کذلک من لم یعمل الخطیئة أروح هما ممن عمل الخطیئة و ان أخلص التوبة و أناب. و ان صغار الذنوب و محقراتها من مکائد ابلیس، یحقرها لکم و یصغرها فى أعینکم فتجمع و تکثر فتحیط بکم. بحق أقول لکم: ان الناس فى الحکمة رجلان: فرجل أتقنها بقوله و صدقها بفعله. و رجل أتقنها بقوله و ضیعها بسوء فعله،

المستشیر قضاء لحق النعمة، و کف الأذى من کمال العقل و فیه راحة البدن عاجلا و آجلا».

یا هشام: ان العاقل لا یحدث من یخاف تکذیبه، و لا یسأل من یخاف منعه،و لا یعد ما لا یقدر علیه، و لا یرجو ما یعنف برجائه. و لا یتقدم على ما یخاف العجز عنه. و کان أمیرالمؤمنین علیه‏السلام یوصى أصحابه یقول: «اوصیکم بالخشیة من الله فى السر و العلانیة، و العدل فى الرضا و الغضب، و الاکتساب فى الفقر و الغنى، و أن تصلوا من قطعکم، و تعفوا عن ظلمکم، و تعطفوا على من حرمکم، و لیکن نظر کم عبرا، و صمتکم فکرا، و قولکم ذکرا، و طبیعتکم السخاء، فانه لا یدخل الجنة بخیل، و لا یدخل النار سخى».

یا هشام: رحم الله من استحیا من الله حق الحیاء، فحفظ الرأس و ما حوى، و البطن و ما وعى، و ذکر الموت و البلى، و علم أن الجنة محفوفة بالمکاره، و النار محفوفة بالشهوات.

یا هشام: من کف نفسه عن أعراض الناس أقاله الله عثرته یوم القیامة، و من کف غضبه عن الناس کف الله عنه غضبه یوم القیامة.

یا هشام: ان العاقل لا یکذب، و ان کان فیه هواه.

یا هشام: وجد فى ذوابة سیف رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم ان أعتى الناس على الله من ضرب غیر ضاربه و قتل غیر قاتله، و من تولى غیر موالیه فهو کافر بما أنزل الله على نبیه محمد صلى الله علیه و آله و سلم و من أحدث حدثا، أو آوى محدثا لم یقبل الله منه یوم القیامة صرفا و لا عدلا.

یا هشام: أفضل ما یتقرب به العبد الى الله بعد المعرفة به الصلاة و بر الوالدین، و ترک الحسد و العجب و الفخر.

یا هشام: أصلح أیامک، الذى هو أمامک، فانظر أى یوم هو و أعد له الجواب، فانک موقوف و مسؤول، و خذ موعظتک من الدهر و أهله، فان الدهر طویلة قصیرة فاعمل کأنک ترى ثواب عملک لتکون أطمع فى ذلک، و اعقل عن الله و انظر فى تصرف الدهر و أحواله،

کان قوله لفعله مصدقا و سره لعلانیة موافقا، لأن الله لم یدل على الباطل الخفى من العقل الا بظاهر منه و ناطق عنه.

یا هشام: کان أمیرالمؤمنین علیه‏السلام یقول: ما من شى‏ء عبدالله به أفضل من العقل. و ما تم عقل امرى‏ء حتى یکون فیه خصال شتى، الکفر و الشر منه مأمونان، و الرشد و الخیر منه مأمولان، و فضل ماله مبذول، و فضل قوله مکفوف، نصیبه من الدنیا القوت، و لا یشبع من العلم دهره.

الذل أحب الیه مع الله من العز مع غیره، و التواضع أحب الیه من الشرف، یستکثر قلیل المعروف من غیره و یستقل کثیر المعروف من نفسه، و یرى الناس کلهم خیرا منه و أنه شرهم فى نفسه و هو تمام الأمر.

یا هشام: من صدق لسانه زکى عمله، و من حسنت نیته زید فى رزقه، و من حسن بره باخوانه و أهله مد فى عمره.

یا هشام: لا تمنحوا الجهال الحکمة فتظلموها، و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم.

یا هشام: کما ترکوا لکم الحکمة فاترکوا لهم الدنیا.

یا هشام: لا دین لمن لا مروة له، و لا مروة لمن لا عقل له، و ان أعظم الناس قدرا الذى لا یرى الدنیا لنفسه خطرا، أما ان أبدانکم لیس لها ثمن الا الجنة، فلا تبیعوها بغیرها.

یا هشام: ان أمیرالمؤمنین علیه‏السلام کان یقول: «لا یجلس فى صدر المجلس الا رجل فیه ثلاث خصال: یجیب اذا سئل و ینطق اذا عجز القوم عن الکلام، و یشیر بالرأى الذى فیه صلاح أهله، فمن لم یکن فیه شى‏ء منهن فجلس فهو أحمق». و قال الحسن بن على علیهماالسلام: «اذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها».

قیل یا ابن‏رسول الله و من أهلها؟ قال: «الذین قص الله فى کتابه و ذکرهم، فقال: «انما یتذکروا اولوا الألباب» قال: هم أولوا العقول».

قال على بن الحسین علیهماالسلام: «مجالسة الصالحین داعیة الى الصلاح. و أدب العلماء زیادة فى العقل، و طاعة ولاة العدل تمام العز و استثمار المال تمام المروة، و ارشاد

فشتان بینهما.

فطوبى للعلماء بالفعل، و ویل للعلماء بالقول. یا عبید السوء اتخذوا مساجد ربکم سجونا لأجسادکم و جباهکم. و اجعلوا قلوبکم بیوتا للتقوى. و لا تجعلوا قلوبکم مأوى للشهوات، ان أجزعکم عند البلاء لأشدکم حبا للدنیا، و ان أصبرکم على البلاء لأزهدکم فى الدنیا.

یا عبید السوء لا تکونوا شبیها بالحداء الخاطفة، و لا بالثعالب الخادعة و لا بالذئاب الغادرة و لا بالاسد العاتیة کما تفعل بالفراس. کذلک تفعلون بالناس، فریق تخطفون و فریقا تخدعون و فریقا تغدرون بهم. بحق أقول لکم: لا یغنى عن الجسد أن یکون ظاهره صحیحا و باطنه فاسدا. کذلک لا تغنى أجسادکم التى قد أعجبتکم و قد فسدت قلوبکم. و ما یغنى عنکم أن تنقوا جلودکم و قلوبکم دنسة.لا تکونوا کالمنخل یخرج منه الدقیق الطیب و یمسک النخالة. کذلک أنتم تخرجون الحکمة من أفواهکم و یبقى الغل فى صدروکم. یا عبید الدنیا انما مثلکم مثل السراج یضیى‏ء للناس و یحرق نفسه. یا بنى اسرائیل زاحموا العلماء فى مجالسهم و لو جثوا على الرکب، فان الله یحیى القلوب المیتة بنور الحکمة کما یحیى الأرض المیتة بوابل المطر».

یا هشام: مکتوب فى الانجیل «طوبى للمتراحمین، أولئک هم المرحومون یوم القیامة طوبى للمصلحین بین الناس، أولئک هم المقربون یوم القیامة. طوبى للمطهرة قلوبهم، أولئک هم المتقون یوم القیامة. طوبى للمتواضعین فى الدنیا، أولئک یرتقون منابر الملک یوم القیامة».

یا هشام: قلة المنطق حکیم عظیم. فعلیکم بالصمت، فانه دعة حسنة و قلة و زر و خفة من الذنوب. فحصنوا باب الحلم، فان بابه الصبر. و ان الله عزوجل یبغض الضحاک من غیر عجب و المشاء الى غیر أرب. و یجب على الوالى أن یکون کالراعى لا یغفل عن رعیته و لا یتکبر علیهم. فاستحیوا من الله فى سرائرکم، کما تستحیون من الناس فى علانیتکم. و اعلموا أن الکلمة من الحکمة ضالة المؤمن، فعلیکم بالعلم قبل

أن یرفع و رفعه غیبة عالمکم بین أظهرکم.

یا هشام: تعلم من العلم ماجهلت. و علم الجاهل مما علمت. عظم العالم لعلمه و دع منازعته. و صغر الجاهل الجهله و لا تطرده ولکن قربه و علمه.

یا هشام: ان کل نعمة عجزت عن شکرها بمنزلة سیئة تؤاخذ بها. و قال أمیرالمؤمنین صلوات الله علیه: «ان لله عبادا کسرت قلوبهم خشیته فأسکتتهم عن المنطق و انهم لفصحاء عقلاء، یستبقون الى الله بالأعمال الزکیة، لا یستکثرون له الکثیر و لا یرضون لهم من أنفسهم بالقلیل. یرون فى أنفسهم أنهم أشرار و أنهم لا کیاس و أبرار».

یا هشام: الحیاء من الایمان و الایمان فى الجنة و البذاء من الجفاء و الجفاء فى النار.

یا هشام: المتکلمون ثلاثة: فرابح و سالم و شاجب، فأما الرابح فاذاکر لله. و أما السالم فالساکت. و أما الشاجب فالذى یخوض فى الباطل، ان الله حرما الجنة على کل فاحش بذى قلیل الحیاء لا یبالى ما قال و لا ما قیل فیه. و کان أبوذر – رضى الله عنه – یقول: «یا مبتغى العلم ان هذا اللسان مفتاح خیر و مفتاح شر، فاختم على فیک کما تختم على ذهبک و ورقک».

یا هشام: بئس العبد عبد یکون ذا وجهین و ذا لسانین، یطرى أخاه اذا شاهده و یأکله اذا غاب عنه، ان اعطى حسده و ان ابتلى خذله. ان أسرع الخیر ثوابا البر. و أسرع الشر عقوبة البغى. و ان شر عباد الله من تکره مجالسته لفحشه. و هل یکب الناس على مناخرهم فى النار الا حصائد ألسنتهم. و من حسن اسلام المرء ترک ما لا یعنیه.

یا هشام: لا یکون الرجل مؤمنا حتى یکون خائفا راجیا. و لا یکون خائفا راجبا حتى یکون عاملا لا یخاف و یرجو.

یا هشام: قال الله جل وعز: و عزتى و جلالى و عظمتى و قدرتى و بهائى و علوى فى مکانى لا یؤثر عبد هواى على هواه الا جعلت الغنى فى نفسه. و همه فى آخرته. و کففت علیه [فى] ضیعته. و ضمنت السماوات و الأرض رزقه و کنت له من وراء تجارة کل تاجر.

یا هشام: الغضب مفتاح الشر. و أکمل المؤمنین ایمانا أحسنهم خلقا. و ان خالطت

الناس فان استطعت أن لا تخالط أحدا منهم الا من کانت یدک علیه العلیا فافعل.

یا هشام: علیک بالرفق، فان الرفق یمن و الخرق شوم، ان الرفق و البر و حسن الخلق یعمر الدیار و یزید فى الرزق.

یا هشام: قول الله: «هل جزاء الاحسان الا الاحسان» جرت فى المؤمن و الکافر و البر و الفاجر. من صنع الیه معروف علیه أن یکافى‏ء به. و لیست المکافأة أن تصنع کما صنع حتى ترک فضلک. فان صنعت کما صنع فله الفضل بالابتداء.

یا هشام: ان مثل الدنیا مثل الحیة مسها لین و فى جوفها السم القاتل، یحذرها الرجال ذووا العقول و یهوى الیها الصبیان بأیدیهم.

یا هشام: اصبر على طاعة الله و اصبر عن معاصى الله، فانما الدنیا ساعة، فما مضى منها فلیس تجد له سرورا و لا حزنا. و ما لم یأت منها فلیس تعرفه، فاصبر على تلک الساعة التى أنت فیها فکأنک قد اغتبطت.

یا هشام: مثل الدنیا مثل ماء البحر کلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى یقتله.

یا هشام: ایاک و الکبر، فانه لا یدخل الجنة من کان فى قلبه مثقال حبة من کبر. الکبر رداء الله، فمن نازعه رداءه أکبه الله فى النار على وجهه.

یا هشام: لیس منا من لم یحاسب نفسه من کل یوم، فان عمل حسنا استزاد منه. و ان عمل سیئا استغفر الله منه و تاب الیه.

یا هشام: تمثلت الدنیا للمسیح علیه‏السلام فى صورة امرأة زرقاء فقال لها: کم تزوجت؟ فقالت: کثیرا، قال: فکل طلقک؟ قالت: لا بل کلا قتلت. قال المسیح علیه‏السلام: فویح لازواجک الباقین، کیف لا یعتبرون بالماضین.

یا هشام: ان ضوء الجسد فى عینه، فان کان البصر مضیئا استضاء الجسد کله. و ان ضوء الروح العقل، فاذا کان العبد عاقلا کان عالما بربه و اذا کان عالما بربه أبصر دینه. و ان کان جاهلا بربه لم یقم له دین.و کما لا یقوم الجسد الا بالنفس الحیة، فکذلک لا یقوم الدین الا بالنیة الصادقة: و لا تثبت النیة الصادقة الا بالعقل.

یا هشام: ان الزرع ینبت فى السهل و لا ینبت فى الصفا. فکذلک الحکمة تعمر فى قلب المتواضع و لا تعمر فى قلب المتکبر الجبار، لأن الله جعل التواضع آلة العقل و جعل التکبر من آلة الجهل، ألم تعلم أن من شمخ الى السقف برأسه شجه. و من خفض رأسه استظل تحته و أکنه. و کذلک من لم یتواضع لله خفضه الله. و من تواضع لله رفعه.

یا هشام: ما أقبح الفقر بعد الغنى، و أقبح الخطیئة بعد النسک. و أقبح من ذلک العابد لله ثم یترک عبادته.

یا هشام: لا خیر فى العیش الا لرجلین: لمستمع واع. و عالم ناطق.

یا هشام: ما قسم بین العباد أفضل من العقل. نوم العاقل أفضل من سهر الجاهل و ما بعث الله نبیاً الا عاقلاً حتى یکون عقله أفضل من جمیع جهد المجتهدین. و ما أدى العبد فریضة من فرائض الله حتى عقل عنه.

یا هشام: قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم: اذا رأیتم المؤمن صموتاً فادنوا منه، فانه یلقى الحکمة. و المؤمن قلیل الکلام کثیر العمل و المنافق کثیر الکلام قلیل العمل.

یا هشام: أوحى تعالى الله الى داود علیه‏السلام قل لعبادى: لا یجعلوا بینى و بینهم عالماً مفتوناً بالدنیا فیصدهم عن ذکرى و عن طریق محبتى و مناجاتى، اولئک قطاع الطریق من عبادى، ان أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة محبتى و مناجاتى من قلوبهم.

یا هشام: من تعظم فى نفسه لعنته ملائکة المساء و ملائکة الأرض. و من تکبر على اخوانه و استطال علیهم فقد ضاد الله و من ادعى ما لیس له فهو أعنى لغیر رشده.

یا هشام: أوحى الله تعالى الى داود علیه‏السلام یا داود حذر، فأنذر أصحابک عن حب الشهوات، فان المعلقة قلوبهم بشهوات الدنیا قلوبهم محجوبة عنى.

یا هشام: ایاک و الکبر على أولیائى و الاستطالة بعلمک فیمقتک الله، فلا تنفعک بعد مقته دنیاک و لا آخرتک. و کن فى الدنیا کساکن دار لیست له، انما ینتظر الرحیل.

یا هشام: مجالسة أهل الدین شرف الدنیا و الآخرة. و مشاورة العاقل الناصح یمن و برکة و رشد و توفیق من الله، فاذا أشار علیک العاقل الناصح فایاک و الخلاف فان فى

ذلک العطب.

یا هشام: ایاک و مخالطة الناس و الانس بهم الا أن تجد منهم عاقلاً و مأموناً فآنس به واهرب من سایرهم کهربک من السباع الضاریة. و ینبغى للعاقل اذا عمل عملاً أن یستحیى من الله. و اذا تفرد له بالنعم أن یشارک فى عملیه أحداً غیره. و اذا مر بک أمران لا تدرى أیهما خیر و أصوب، فأنظر أیهما أقرب الى هواک فخالفه، فان کثیر الصواب فى مخالفة هواک. و ایاک أن تغلب الحکمة و تضعها فى الجهالة.

قال هشام: فقلت له: فان وجدت رجلا طالبا له غیر أن عقله لا یتسع لضبط ما ألقى الیه؟ قال علیه‏السلام: فتلطت له فى النصیحة، فان ضاق قلبه [ف] لا تعرضن نفسک للفتنة. و احذر رد المتکبرین، فان العلم یذل على أن یملى على من لا یفیق. قلت: فان لم أجد من یعقل السؤال عنها؟

قال علیه‏السلام: فاغتنم جهله عن السؤال حتى تسلم من فتنة القول و عظیم فتنة الرد. و اعلم ان الله لم یرفع المتواضعین بقدر تواضعهم و لکن رفعهم بقدر عظمته و مجده. و لم یؤمن الخائفین بقدر خوفهم و لکن آمنهم بقدر کرمه و جوده. و لم یفرج المحزونین بقدر حزنهم و لکن بقدر رأفته و رحمته.

فما ظنک بالرؤوف الرحیم الذى یتودد الى من یؤذیه بأولیائه، فکیف بمن یؤذى فیه. و ما ظنک بالتواب الرحیم الذى یتوب على من یعادیه، فکیف بمن یترضاه و یختار عداوة الخلق فیه.

یا هشام: من أحب الدنیا ذهب خوف الآخرة من قلبه و ما أوتى عبد علما فازداد للدنیا حبا الا ازداد من الله بعدا و ازداد الله علیه غضبا.

یا هشام: ان العاقل البیب من ترک ما لا طاقة له به. و أکثر الصواب فى خلاف الهوى. و من طال أمله ساء عمله.

یا هشام: لو رأیت مسیر الأجل لألهاک عن الأمل.

یا هشام:ایاک و الطمع. و علیک بالیأس مما فى أیدى الناس. و أمت الطمع من المخلوقین، فان الطمع مفتاح للذل و اختلاس العقل و اختلاق المروات. و تدنیس

العرض. و الذهاب بالعلم و علیک بالاعتصام بربک و التوکل علیه و جاهد نفسک لتردها عن هواها، فانه واجب علیک کجهاد عدوک. قال هشام: فقلت له فأى الاعداء أوجبهم مجاهدة؟

قال علیه‏السلام: أقربهم الیک و أعداهم لک و أضرهم بک و أعظمهم لک عداة و أخفاهم لک شخصا مع دنوه منک. و من یحرض أعداءک علیک و هو ابلیس الموکل بوسواس [من] القلوب فله فلتشتد عداوتک. و لا یکونن أصبر على مجاهدتک لهلکتک منک على صبرک لمجاهدته، فانه أضعف منک رکنا فى قوته و أقل منک ضررا فى کثرة شره. اذا أنت اعتصمت بالله فقد هدیت الى صراط مستقیم.

یا هشام: من أکرمه الله بثلاث فقد لطف له: عقل یکفیه مؤونة هواه. و علم یکفیه مؤونة جهله و غنى یکفیه مخافة الفقر.

یا هشام: احذر هذه الدنیا و احذر أهلها، فان الناس فیها على أربعة أصناف: رجل متردى معانق لهواه. و متعلم مقرى کلما ازداد علما ازداد کبرا. یستعلى بقراءته و علمه على من هو دونه. و عابد جاهل یستصغر من هو دونه فى عبادته یحب أن یعظم و یوقر. و ذى بصیرة عالم عارف بطریق الحق یحب القیام به، فهو عاجز أو مغلوب و لا یقدر على القیام بما یعرف [ه] فهو محزون، مغموم بذلک، فهو أمثل أهل زمانه و أوجههم عقلا.

یا هشام: أعرف العقل و جنده، و الجهل و جنده تکن من المهتدین، قال هشام: فقلت: جعلت فداک لا نعرف الا ما عرفتنا؟

فقال علیه‏السلام: یا هشام: ان الله خلق العقل وهو أول خلق خلقه الله من الروحانیین عن یمین العرش من نوره فقال له: أدبر، فأدبر. ثم قال له: أقبل، فأقبل. فقال الله جل و عز: خلقتک خلقا [عظیما] و کرمتک على جمیع خلقى. ثم خلق الجهل من البحر الاجاج الظلمانى، فقال له: أدبر، فأدبر. ثم قال له: أقبل، فلم یقبل.

فقال له: استکبرت فلعنه. ثم جعل للعقل خمسة و سبعین جندا، فلما رأى الجهل ما کرم لله به العقل و ما أعطاه أضمر له العداوة فقال الجهل: یا رب هذا خلق مثلى خلقته و کرمته و قویته و أنا ضده و لا قوة لى به أعطنى من الجند مثل ما أعطیته؟ فقال

تبارک و تعالى: نعم، فان عصیتنى بعد ذلک أخرجتک و جندک من جوارى و من رحمتى، فقال: قد رضیت. فأعطاه الله خمسة و سبعین جندا فکان مما أعطى العقل من الخمسة و السبعین جندا: الخیر و هو وزیر العقل و جعل ضده الشر و هو وزیر الجهل.

«جنود العقل و الجهل»

الایمان، الکفر، التصدیق، التکذیب، الاخلاص، النفاق، الرجاء، القنوط، العدل، الجور، الرضى، السخط، الشکر، الکفران، الیأس، الطمع، التوکل، الحرص، الرأفة، الغلظة، العلم، الجهل، العفة، التهتک، الزهد، الرغبة، الرفق، الخرق، الرهبة، الجرأة، التواضع، الکبر، التؤدة، العجلة، الحلم، السفه، الصمت، الهذر، الاستسلام، الاستکبار، التسلیم، التجبر، العفو، الحقد، الرحمة، القسوة، الیقین، الشک، الصبر، الجزع، الصفح، الانتقام، الغنى، الفقر، التفکر، السهو، الحفظ، النسیان، التواصل، القطیعة، القناعة، الشره، المؤاساة، المنع، المودة، العداوة، الوفاء، الغدر، الطاعة، المعصیة، الخضوع، التطاول، السلامة، البلاء، الفهم، الغباوة، المعرفة، الانکار، المداراة، المکاشفة، سلامة، الغیب، المماکرة، الکتمان، الافشاء، البر، العقوق، الحقیقة، التسویف، المعروف، المنکر، التقیة، الاذاعة، الانصاف، الظلم، التقى، الحسد، النظافة، القذر، الحیاء، القحة، القصد، الاسراف، الراحة، التعب، السهولة، الصعوبة، العافیة، البلوى، القوام، المکاثرة، الحکمة، الهوى، الوقار، الخفة، السعادة، الشقاء، التوبة، الاصرار، المحافظة، التهاون، الدعاء، الاستنکاف، النشاط، الکسل، الفرح، الحزن، الألفة، الفرقة، السخاء، البخل، الخشوع، العجب، صون، الحدیث، النمیمة، الاستغفار، الاغترار، الکیاسة، الحمق.

یا هشام: لا تجمع هذه الخصال الا لنبى أو وصى أو مؤمن امتحن الله قلبه الایمان، و أما سایر ذلک من المؤمنین فان أحدهم لا یخلو من أن یکون فیه بعض هذه الجنود من أجناد العقل حتى یستکمل العقل و یتخلص من جنود الجهل، فعند ذلک یکون فى

الدرجة العلیا مع الأنبیاء و الأوصیاء (ع)، و فقنا الله و ایاکم لطاعته(2)

3 – روى البرقى عن محمد بن عیسى الیقطینى، عن عبیدالله بن عبدالله الدهقان، عن درست بن أبى‏منصور الواسطى، عن ابراهیم بن عبدالحمید، عن أبى‏الحسن موسى بن جعفر علیهماالسلام قال: ما بعث الله نبیا قط الا عاقلا، و بعض النبیین أرجح من بعض، و ما استخلف داود سلیمان حتى اختبر عقله، و استخلف داود سلیمان و هو ابن ثلاثة عشر سنة، و ملک ذو القرنین و هو ابن اثنى عشر سنة، و مکث فى ملکله ثلاثین سنة(3)


1) الکافى: 1 / 20 – 13.

2) تحف العقول: 283: 296.

3) المحاسن: 193.