جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

علمه بما یکون

زمان مطالعه: 23 دقیقه

علم النبى و أوصیائه – صلوات الله علیه و علیهم – بما کان و بما یکون، من البدیهیات التى لا تحتاج الى برهان، و لا تفتقر الى دلیل، ذلک أنهم خلفاء الله فى الأرض، و أمناؤه على الوحى، و سفراؤه الى الخلق، و لیس من العجیب أن یکون السفیر على علم بما یدور فى أرجاء دولته، و لا من الغریب أن یکون سفیر الله تعالى على معرفة تامة بما یحدث فى الأرض بکاملها، لأن علمه من علم الله، بعد أن کان انتدابه من قبله عزوجل.

أجل، نحن نخلق مع عینین و أذنین، و لسان و شفتین، و عقل یعى و یقدر، والامام یخلق هکذا مع اضافة أن تکون مدارکه مرهفة و أکثر قدرة، الى جانب أنه یحمل آثار الامامة التى تجعله على صلة بالسماء، کما یتصل الناس الیوم فیما بینهم بسلک و بلا سلک، و الى جانب موظفى سفارته من الملائکة الذین یعملون بین یدیه لیل نهار، لیوفروا له علم کل شى‏ء یلزمه و یسأل عنه، سوى ما استأثر الله تعالى به لنفسه من علم الساعة و غیرها.

فعن الحسن بن على بن یقطین، عن أبیه، قال:

«سألت أباالحسن علیه‏السلام – أى الامام الرضا – عن شى‏ء من أمر العالم.

فقال: نکت فى القلب، و نقر فى الأسماع. و قد یکونان معا»(1)

و عن أبیه، عن على بن یقطین – أیضا – قال:

«قلت لأبى الحسن: علم عالمکم استماع، أو الهام؟!.

قال: یکون سماعا، و یکون الهاما. و یکونان معا»(2)

و هذا الأمر من مواهب الله تعالى لهم، و الخلق یتفاوتون بتفاوت درجات طاقاتهم من حیث العقل و الادراک، و قوة الحدس، و درجات الذکاء و الفهم. فکیف بالأئمة علیهم‏السلام، و قد رصدهم الله تعالى للأمر الخطیر؟!.

قال سلیمان الجعفرى:

«کنت عند أبى‏الحسن علیه‏السلام، فقال: یا سلیمان اتق فراسة المؤمن فانه ینظر بنور الله!.

فسکت حتى أصبت خلوة فقلت: جعلت فداک، سمعتک تقول: اتق فراسة المؤمن فانه ینظر بنور الله!.

قال: نعم، یا سلیمان. ان الله خلق المؤمنین من نوره، و صبغهم فى رحمته، و أخذ میثاقهم لنا بالولایة. و المؤمن هو المؤمن لأبیه و أمه: أبوه النور، و أمه الرحمة. و انما ینظر بذلک النور الذى خلق منه»(3)

و نحن – فى حیاتنا الیومیة – نرى من ینظر بنور الله، و یخبرنا بأشیاء فى ضمائرنا لا یعلمها الا الله تعالى، و یستشف أشیاء کثیرة من وراء الغیب، و ینطق بمعلومات حدسیة تکون صادقة الى حد المائة بالمائة.

أما الأئمة علیهم‏السلام، فهم على رأس المؤمنین، و قد وهبهم الله سبحانه من نوره، و من علمه، ما یجعلهم قادرین على معرفة ما کان و ما یکون، لأن ذلک میسور لهم بوسائل کثیرة هیأها سبحانه لهم. و هم جدیرون بأن یملأوا مرکز ولایتهم على الناس، حتى لا یکون بین الناس من یساویهم أو یدانى علمهم و معرفتهم مطلقا.

و قد قال على بن حمزة:

«دخلت على أبى‏الحسن: موسى علیه‏السلام، فى السنة التى قبض فیها أبوعبدالله الصادق علیه‏السلام، فقلت له: کم أتى لک؟.

فقال: تسع عشرة سنة.

فقلت: ان أباک أسر الى سرا، وحدثنى بحدیث، فأخبرنى؟.

فقال لى: قال لک کذا و کذا، حتى نسق على جمیع ما أخبرنى به أبوعبدالله علیه‏السلام»(4)

فابن التسع عشرة سنة الذى روى للسائل ما قاله أبوه له سرا حرفا حرفا، و دون زیادة أو نقصان، و من غیر أن یکون حاضرا حین تکلم أبوه، لم یرو ذلک الا بعلم یقین ألقى فى سمعه، أو نکت فى قلبه من لدن علیم خبیر و على کل شى‏ء قدیر.

و نحن نعترف بقدرة الله المطلقة، و ما علینا ممن یعمى عن نور الشمس، و ینکر ضوء النهار؟!.

و هذا ابن‏الامام الکاظم علیه‏السلام، اسماعیل بن موسى یقول:

«کنا مع أبى‏الحسن علیه‏السلام فى عمرة، فنزلنا بعض قصور الأمراء.

و أمر بالرحیل، فشددت المحامل، و رکب بعض الغلمان. و کان أبوالحسن علیه‏السلام فى بیت، فخرج فقام على بابه فقال: حطوا، حطوا.

قال اسماعیل: و هل ترى شیئا؟!.

فقال: انه ستأتیکم ریح سوداء مظلمة، ترمح – أى تطرح – بعض الابل.

فحطوا. و جاءت ریح سوداء.

قال اسماعیل بن موسى: فأشهد لقد رأیت جملا کان لى علیه کنیسة – أى شبه الهودج – کنت أرکب فیها أنا و أحمد أخى. و لقد قام ثم سقط على جنبه بالکنیسة»(5)

فهل هذا من الحدس، أم من الظن، أم من ظاهرة طبیعیة راهنة لم یروها قبل أن یحدثهم عنها.

لا هو من هذا و لا من ذاک، بل انه وحى یوحى کمثل ما أوحى لأم موسى التى ألهمت الهاما کشبه ما یلهم الأنبیاء، و کانت موضع عنایة الله تبارک و تعالى لیتم أمر سلامة ابنها نبى المستقبل. و هذه البادرة کتلک فسمها ان شئت معجزة ربانیة، و لو لا ذلک لما عرف أن الریح ستکون سوداء، و لا خطر بباله أنها سترمح بعض الابل.

و مثل ذلک ما رواه على بن حمزة الذى قال:

«کنا بمکة سنة من السنین، فأصابت الناس تلک السنة صاعقة کبیرة، حتى مات من ذلک خلق کثیر.

فدخلت على أبى‏الحسن علیه‏السلام، فقال مبتدئا من غیر أن أسأله:

یا على، ینبغى للغریق، و المصعوق أن یتربص به ثلاثا، الى أن یجى‏ء منه ریح یدل على موته.

قلت له: جعلت فداک، کأنک تخبرنى أنه دفن ناس کثیر أحیاء!.

قال: نعم، یا على: قد دفن ناس کثیر ما ماتوا الا فى قبورهم»(6)

و هذا من علم الله عزوجل، لأنه ما من أحد نزل من قبر غریق أو قبر مصعوق، و رأى أنهما دفنا حیین، و أنهما لم یموتا حقیقة عندما أغمى علیهما اغماء یشبه الموت. ثم ان هذا لا یتحقق بالحدس و التخمین، و لا یجعله الاحتمال معقولا. ولکنه علم بما کان و بما یکون، موهوب للامام علیه‏السلام بشأن من یصاب بغیبوبة مفاجئة طویلة الأمد، ثم یفیق منها و یعود الى الحیاة.

و قال اسحاق بن عمار:

«سمعت العبد الصالح ینعى الى رجل نفسه. فقلت فى نفسى: و انه لیعلم متى یموت الرجل من شیعته؟!.

فالتفت الى شبه المغضب فقال: یا اسحاق، کان رشید الهجرى،(7)، و کان من المستضعفین، یعلم علم المنایا و البلایا. فالامام أولى بذلک. یا اسحاق اصنع ما أنت صانع فعمرک قد فنى، و أنت تموت الى سنتین، و اخوتک و أهل بیتک لا یلبثون من بعد الا یسیرا حتى تفترق کلمتهم و یخون بعضهم بعضا، و یصیرون لاخوانهم و من یعرفهم رحمة، حتى یشمت بهم عدوهم.

قال اسحاق: فانى أستغفر الله مما عرض فى صدرى.

فلم یلبث اسحاق بعد هذا المجلس الا سنتین حتى مات. ثم ما ذهبت الأیام حتى قام بنوعمار، بأموال الناس و أفلسوا أقبح افلاس رآه الناس. فجاء ما قال أبوالحسن علیه‏السلام فیهم، ما غادر قلیلا و لا کثیرا»(8)

فیا اسحاق بن عمار، ما کان أغناک عن سماع خبر فناء عمرک، و افتراق کلمة اخوتک و أهل بیتک و ما یحل بهم من الویل و الافلاس و الهتک؟. أنت بین یدى امام علمه من علم ربه الذى سواه فعدله فى أیه حالة ما شاء رکبه، وصنعه على عینه، و جعله ولیه المختار من عباده…

و شبیه بما سبق ما رواه عثمان بن عیسى عن خالد الذى قال:

«کنت مع أبى‏الحسن علیه‏السلام بمکة، فقال: من هاهنا من أصحابکم؟.

فعددت علیه ثمانیة أنفس.

فأمر باخراج أربعة، و سکت عن أربعة.

فما کان الا یوم، و من الغد مات الأربعة، فسلموا»(9) أى سلم من أمر باخراجهم.

و قال خالد بن نجیح – هذا – عن أبى‏الحسن علیه‏السلام.

«قال لى: افرغ بینک و بین من کان له معک عمل فى سنة أربع و سبعین و مائة حتى یجیئک کتابى، و انظر ما عندک و ما بعث به الى، و لا تقبل من أحد شیئا.

و خرج الى المدینة، و بقى خالد بمکة خمسة عشر یوما، ثم مات»(10)

فالامام علیه‏السلام – کما قال – لا یقاس بالمستضعفین فى الأرض کرشید الهجرى رحمه الله الذى اطلع على علم المنایا و علم البلایا و لم یخطى‏ء فى قول فى هذا الموضوع.

فعن هشام بن الحکم، قال:

«أردت شراء جاریة بمنى، و کتبت الى أبى‏الحسن أشاوره فلم یرد على جوابا.

فلما کان فى الطواف مربى برمى الجمار على حمار، و نظر الى الجاریة من بین الجوارى، ثم أتانى کتابه: لا أرى بشرائها بأسا ان لم یکن فى عمرها قلة.

قلت: لا والله ما قال لى هذا الحرف الا وها هنا شى‏ء!. لا والله لا أشتریها.

ثم قال: فما خرجت من مکة حتى دفنت»(11)

فأعیذ نظرتک بالله یا مولاى کم هى نافذة الى أعماق المجهول، و کم هى صائبة تنفذ الى معرفة ما یکون فى قضاء الله و قدره، کما برأها خالقها عزوجل!. و طوبى لمن آمن بکونک ولیا لله، وحجة له فى أرضه!.

قال الوشاء: حدثنى الحسن بن على قائلا:

«حججت أنا و خالى اسماعیل بن الیاس، فکتبت الى أبى‏الحسن

الأول علیه‏السلام، و کتب خالى: ان لى بنات و لیس لى ذکر، و قد قتل رجالنا.

و قد خلفت امرأتى حاملا، فادع الله أن یجعله غلاما، و سمه.

فوقع فى الکتاب: قد قضى الله حاجتک. فسمه محمدا.

فقدمنا الى الکوفة و قد ولد له غلام قبل و صولنا الى الکوفة بستة أیام، و دخلناها یوم سابعه.

فقال أبومحمد: هو والله الیوم، رجل، و له أولاد»(12)

فکیف عرف سلام الله علیه و هو فى الحجاز، و المرأة الحامل فى العراق؟. الأمر سهل، و للقصة نظائر تدل على معرفته بالحمل، و نوعه. و لا یخالف ذلک قول الله سبحانه و تعالى: (و نقر فى الأرحام ما نشاء…)(13) لأن الامام حین یتکلم فى هذا الموضوع یتکلم بما یعلمه عن طریق ما یأتیه من تقدیرات الله عزوعلا فى الأمور.

و کذلک قال حماد بن عیسى:

«دخلت على أبى‏الحسن الأول علیه‏السلام، فقلت له: أدع الله لى أن یرزقنى دارا، و زوجة، و ولدا، و خادما، و الحج فى کل سنة.

فقال: اللهم صل على محمد و آل محمد، و ارزقه دارا، و زوجة، و ولدا، و خادما، و الحج خمسین سنة.

قال حماد: فلما اشترط خمسین سنة، علمت أنى لا أحج أکثر من خمسین سنة. و حججت ثمان و أربعین سنة، و هذه دارى قد رزقتها، و هذه زوجتى وراء الستر تسمع کلامى، و هذا ابنى، و هذه خادمتى، قد رزقت کل ذلک.

فحج بعد هذا الکلام حجتین، تمام الخمسین، ثم خرج بعد الخمسین حاجا فزامل – أى رافق – أباالعباس النوفلى القصیر، فلما صار فى موضع الاحرام، دخل یغتسل فى الوادى، فحمله فغرقه الماء – رحمة الله علیه – و أتاه – الأجل – قبل أن یحج زیادة على خمسین؛ و عاش الى وقت الرضا علیه‏السلام، و توفى سنة تسع و مائتین، و کان من جهینة»(14)

فحین دعا الامام علیه‏السلام لهذا الرجل بالدار، و الزوجة، و الولد و الخادمة، استجاب الله تعالى دعاءه بشکل طبیعى معقول، کما یستجیب سبحانه لکل عبد صالح و ولى مؤمن. ولکن من أخبره أن الرجل یحج خمسین سنة لا تزید و لا تنقص؟!.

هذا من اختصاصه صلوات الله و سلامه علیه، لأن بیده علم البلایا و المنایا، و هو یتکلم – باذن الله – بتمام الثقة، و لا یقول الا بالتأکید و الجزم.

و امام الزمان مجهز بقوى لا تتوفر لغیره من المخلوقین، فهو – مثلا – یرى ما وراءه، کما یرى ما هو أمامه سواء بسواء، بواسطة لوح النور الذى تکلمنا عنه مفصلا فى کتابنا (الامام المعجزة) و لا تخفى علیه خافیة فیما حوله، و لا یوارى منه ستر و لا جدار، و ذلک مسخر له فى جملة عطایا الله سبحانه و مواهبه الجزیلة. فمن ذلک ما رواه مرازم حیث قال:

«دخلت المدینة فرأیت جاریة فى الدار التى نزلتها فأعجبتنى. فأردت أن أتمتع منها، فأبت أن تزوجنى نفسها.

فجئت بعد العتمة، فقرعت الباب، فکانت هى التى فتحت لى. فوضعت یدى على صدرها، فبادرتنى حتى دخلت.

فلما أصبحت، دخلت على أبى‏الحسن علیه‏السلام، فقال: یا مرازم، لیس من شیعتنا من خلا ثم لم یرع قلبه!»(15)

فهو علیه‏السلام یطلع على حال أصحابه دائما، و یحاسبهم على الکبیرة و الصغیرة، و یریدهم أصفیاء أتقیاء أنقیاء. ولذلک عاتب مرازم، و قال له: لیس من شیعتنا من لم یرع قلبه، لأنه عرف أنه وضع یده على صدر الجاریة.

و السؤال: کیف رآه فى العتمة و فى دار بعیدة عن مقره و مکان وجوده؟. و کیف علم ما فعله، و من أطلعه على ذلک بالتفصیل؟!.

ولو استرسلنا فى سرد الوقائع التى برهن امامنا العظیم علیه‏السلام على علمه بما کان و ما یکون لطال بنا المقام. ولکننا لابد أن نورد عنه قصصا فى أحوال مختلفة، لنبین أنه کان یرعى أصحابه و یلاحظهم أینما کانوا، و ینبههم الى أخطائهم، و یوجههم الى الصراط السوى، لیدوروا دائما فى فلک مرضاة الله عزوجل. کما کان یربیهم على العمل الصالح، و حب الخیر، و البعد عن عمل الشر مع الولى و العدو، لیفوزوا بالسمعة الطیبة فى الدنیا، ولیکونوا مع الأبرار و الأخیار فى الدار الآخرة.

و عن أحمد بن عمر الخلال، قال:

«سمعت الأخوص بمکة یذکره – أى سمعته ینال من الامام علیه‏السلام – فاشتریت سکینا و قلت: والله لأقتلنه اذا خرج من المسجد، و أقمت على ذلک، و جلست له. – یعنى جلس ینتظره -.

فما شعرت الا برقعة أبى‏الحسن علیه‏السلام قد طلعت على، فیها:

بسم الله الرحمن الرحیم، بحقى علیک لما کففت عن الأخوص، فان الله ثقتى، و هو حسبى»(16)

أجل، و من یکن الله حسبه، فلا غالب له من الناس.

ولکن، من أخبر هذا الامام الکریم بما فعله ابن‏عمر الخلال، حین اشترى سکینا و جلس أمام المسجد یترصد الأخوص لیقتله عند خروجه؟!.

لا شک فى أن الامام علیه‏السلام قد علم بما قاله الأخوص عن طریق الملک العظیم الذى یرافقه و یطلعه على کل شاردة و واردة تجرى فى أقطار الأرض.

و لو لا ذلک لما علم – أیضا – بتصرفات صاحبه ابن‏الخلال، ولما أسرع الى الکتابة الیه لیردعه عن عزمه، معلنا له أن الله هو حسبه و کافیه من الشر و من أهل الشرور.

و من علمه هذا، ما حکاه عنه الحسن بن موسى – أى ابنه علیه‏السلام – الذى قال:

«اشتکى عمى محمد بن جعفر – أى أخوه، سلام الله علیه، حتى أشرف على الموت. فکنا مجتمعین عنده، فدخل أبوالحسن علیه‏السلام، فقعد فى ناحیة، و اسحاق عمى عند رأسه یبکى.

فقعد قلیلا ثم قام. فتبعته فقلت: جعلت فداک، یلومک اخوتک و أهل بیتک، یقولون: دخلت على أخیک و هو فى الموت، ثم خرجت.

قال: أرأیت هذا الباکى؟. سیموت و یبکى ذاک علیه!.

فبرى‏ء محمد بن جعفر، و اشتکى اسحاق فمات، و بکى محمد علیه»(17)

فلا الامام طبیب، و لا حکى رجما بالغیب… بل کان یتکلم عن ثقة و یخبر بشفاء أخیه المریض، و بموت أخیه الباکى بتأکید؛ لأن معرفة الأعمار و الأقدار و البلاءات من صلب وظیفته السماویة. و هو یحکى عن هذه الأشیاء کمن ینظر فى کفه و یقرأ شیئا مکتوبا مقررا من عند ربه جل و علا.

و من ذلک أیضا ما قاله بیان بن نافع التفلیسى الذى قال:

«خلفت والدى مع الحرم فى الموسم – موسم الحج – و قصدت موسى بن جعفر علیه‏السلام».

فلما أن قربت منه، هممت بالسلام علیه، فأقبل بوجهه على و قال:

بر حجک یابن نافع، آجرک الله بأبیک، فانه قد قبضه الیه فى هذه الساعة، فارجع فخذ فى جهازه.

فبقیت متحیرا عند قوله و قد کنت خلفته و ما به علة.

فقال: یابن نافع، أفلا تؤمن؟!.

فرجعت، فاذا أنا بالجوارى یلطمن خدودهن.

فقلت: ما وراءکن؟!.

قلن: أبوک فارق الدنیا.

فجئت الیه أسأله عما أخفاه؟

فقال لى: یابن نافع، ان کان فى أمنیتک کذا و کذا، أن تسأل عنه، فأنا جنب الله و کلمته الباقیة، و حجته البالغة»(18)

نعم، و نعم، فان کل امام یکون کلمة الله الباقیة فى بلاده، و حجته على عباده، و من لم یقتنع، فانه یکون غیر مقتنع بامامة امام مفترض الطاعة بالأساس، فاسأل بذلک على بن أبى‏حمزة الذى قال:

«کنت عند أبى‏الحسن علیه‏السلام جالسا، اذ أتاه رجل من الرى – فارس – یقال له جندب؛ فسلم علیه ثم جلس.

فسأل أباالحسن فأکثر السؤال.

ثم قال له: یا جندب، ما فعل أخوک؟.

فقال: الخیر، و هو یقرئک السلام.

فقال له: أعظم الله أجرک فى أخیک.

فقال له: ورد الى الکتاب من الکوفة لثلاثة عشر یوم بالسلامة.

فقال له: یا جندب، والله مات بعد کتابه الیک بیومین، و دفع الى امرأته مالا و قال لها: لیکن هذا المال عندک، فاذا قدم أخى فادفعیه الیه. و قد أودعته فى الأرض فى البیت الذى کان یسکنه. فاذا أنت أتیتها فتلطف لها و أطمعها فى نفسک، فانها ستدفعه الیک.

قال على: و کان جندب رجلا جمیلا. فلقیته بعد ما فقد أبوالحسن علیه‏السلام، فسألته عما کان قال أبوالحسن؟.

فقال: یا على، صدق والله سیدى، ما زاد و لا نقص لا فى الکتاب و لا فى المال»(19)

فکأن امامنا علیه‏السلام قد حضر کتابة الکتاب، و رافق الرجل حتى توفاه الله بعد الکتابة بیومین؛ ثم کأنه قد قرأ وصیته و سمع ما أسره الى زوجته،

و شارک الزوجة فى دفن المال بأرض البیت، ثم اطلع على ما فى قلب المرأة – الأرملة – من الرغبة فى الزواج من جندب بعد موت أخیه، فقال علیه‏السلام له: أطمعها فى نفسک.

ان هذا لشى‏ء عجاب!. ولکنه حصل حرفا حرفا.

و قال على بن أبى‏حمزة أیضا:

«أرسلنى أبوالحسن علیه‏السلام الى رجل قدامه طبق یبیع بفلس فلس، و قال: أعطه هذه الثمانیة عشر درهما و قل له:

یقول لک أبوالحسن: انتفع بهذه الدراهم، فانها تکفیک حتى تموت.

فلما أعطیته ایاها بکى، فقلت له: و ما یبکیک؟!.

قال: و لم لا أبکى و قد نعیت الى نفسى؟.

فقلت: و ما عندالله خیر مما أنت فیه.

فسکت… و قال: من أنت یا عبدالله؟.

فقلت: على بن أبى‏حمزة.

قال: والله لهکذا قال لى سیدى و مولاى: انى باعث لک مع على بن أبى‏حمزة برسالة.

قال على: فلبثت نحوا من عشرین لیلة، ثم أتیت الیه و هو مریض، فقلت أوصنى بما أحببت أنفذه من مالى.

قال: اذا أنا مت، فزوج ابنتى من رجل دین، ثم بع دارى و ادفع ثمنها الى أبى‏الحسن، و اشهد لى بالغسل، والدفن، والصلاة.

قال: فلما مات زوجت ابنته من رجل مؤمن، و بعت داره و أتیت بثمنها الى أبى‏الحسن علیه‏السلام، فزکاه، و ترحم علیه و قال:

رد هذه الدراهم فادفعها الى ابنته»(20)

انه علیه‏السلام قد عرف نهایة عمر الرجل و وعده برسالة یرسلها الیه مع صاحبه على بن أبى‏حمزة أولا، ثم حدد له نهایة عمره مع صاحبه المذکور، و بعث الیه بما یکفیه حتى موعد موته، لیجلس فى بیته و یرتاح من تعب العمل فى السوق.. و کان کل شى‏ء رهینا بتحدیدات الامام علیه‏السلام بتمام الدقة و الضبط.

و شبیه بذلک القصة التالیة التى رواها على بن أبى‏حمزة نفسه، فقال:

«أرسلنى أبوالحسن علیه‏السلام الى رجل من بنى‏حنیفة و قال: انک تجده فى میمنة المسجد.

… فدفعت الیه کتابه، فقرأه ثم قال: ائتنى یوم کذا و کذا حتى أعطیک جوابه.

فأتیته فى الیوم الذى کان وعدنى، فأعطانى جواب الکتاب.

ثم لبثت شهرا فأتیته لأسلم علیه فقیل: ان الرجل قد مات.

فلما رجعت من قابل الى مکة، لقیت أباالحسن علیه‏السلام، و أعطیته جواب کتابه فقال: رحمه الله. فقال: یا على، لم لم تشهد جنازته؟.

قلت: قد فاتت منى»(21)

و وصیته سلام الله علیه بأنه یجده فى میمنة المسجد مدهشة!.

فکیف علم موعد وصول رسوله الیه، و أنه یکون فى تلک اللحظة فى میمنة المسجد؟!. ثم کیف عرف أنه مات فترحم علیه؟! و کیف عرف أن على بن أبى‏حمزة لم یشهد جنازة الرجل؟!. کل ذلک عجیب و غریب.

و أغرب من القصتین السابقتین ما رواه أبوحمزة حیث قال:

«سمعت أباالحسن علیه‏السلام یقول: لا والله لا یرى أبوجعفر بیت الله أبدا. – و هو یعنى الخلیفة أباجعفر المنصور -.

فقدمت الکوفة فأخبرت أصحابنا بذلک.

فلم یلبث أن خرج – أى توجه الى الحج-. فلما بلغ الکوفة قال لى أصحابنا فى ذلک؟. فقلت: لا والله لا یرى بیت الله أبدا.

فلما صار فى البستان(22) اجتمعوا الى أیضا و قالوا: بقى بعد هذا شى‏ء؟.

فقلت: لا والله لا یرى بیت الله أبدا.

فلما نزل بئر میمون(23) أتیت أباالحسن علیه‏السلام، فوجدته قد سجد و أطال السجود، ثم رفع رأسه الى فقال: اخرج فانظر ما یقول الناس.

فخرجت، فسمعت الواعیة على أبى‏جعفر.

فرجعت فأخبرته، فقال: الله‏أکبر، ما کان لیرى بیت الله أبدا»(24)

فیا أیها القارى‏ء الکریم: (و لا ینبئک مثل خبیر (14))(25) فامامنا الکریم علیه‏السلام یتکلم عن علم محتوم مسطر على اللوح المحفوظ، و هو لا ینطق عن هوى، و لا یتکلم الا بما یعلمه بوسائل سفارته السماویة التى تخترق العجائب… و هو امام زمان الذى یطلعه ربه جل و عز على جمیع الأحوال الطارئة فى الکرة الأرضیة، و على کل شى‏ء فى حینه.

ثم نتابع هذا الشریط، فنعرض لقارئنا الکریم صورا أخرى عن علم الامام علیه‏السلام: فمن ذلک ما رواه عیسى المدائنى الذى قال:

«خرجت سنة الى مکة فأقمت بها، ثم قلت: أقیم بالمدینة مثلما أقمت فى مکة فهو أعظم لثوابى.

فقدمت المدینة فنزلت طرف المصلى الى جنب دار أبى‏ذر رضى الله عنه، فأخذت أختلف الى سیدى.

فأصابنا مطر شدید بالمدینة، فأتینا أباالحسن علیه‏السلام یوما، فسلمنا علیه، و ان السماء تهطل.

فلما دخلت ابتدأنى فقال لى: و علیک السلام یا عیسى، ارجع فقد انهدم بیتک على متاعک.

فانصرفت فاذا البیت قد انهدم على المتاع؛ فاکتریت قوما یکشفون عن متاعى، فاستخرجته فما ذهب لى شى‏ء سطل کان لى.

فلما أتیت من الغد مسلما علیه قال: هل فقدت شیئا من متاعک فتدعوالله بالخلف؟.

فقلت: ما فقدت شیئا غیر سطل کان لى أتوضأ فیه، فقدته.

فأطرق ملیا، ثم رفع رأسه الى فقال لى: قد ظننت أنک أنسیته، فسل جاریة رب الدار و قل لها: أنت رفعت السطل فردیه. فانها سترده علیک.

فلما انصرفت أتیت جاریة رب الدار فقلت لها: انى أنسیت سطلا فى الخلاء، و دخلت فأخذتیه، فردیه أتوضأ به… فردته»(26)

فهل رأى الامام علیه‏السلام البیت لما انهدم على المتاع؟.

و هل رأى الجاریة حین أخذت السطل من الخلاء؟.

نعم، أرى ذلک، ولم یقل حدسا و لا تخمینا… و رأى کل شى‏ء رأى العین، بلا أدنى ریب.

و هذا لون آخر من ألوان علم امامنا العظیم علیه‏السلام، حدث به عثمان بن عیسى فقال:

«قال أبوالحسن علیه‏السلام لابراهیم بن عبد الحمید، ولقیه سحرا و ابراهیم ذاهب الى قبا، و أبوالحسن داخل الى المدینة، قال: یا ابراهیم!.

قلت: لبیک.

قال: الى أین؟.

قلت: الى قبا.

قال: فى أى شى‏ء.

قلت: انا کنا نشترى فى کل سنة هذا التمر، فأردت أن آتى رجلا من الأنصار لأشترى من التمر.

قال: و قد أمنتم الجراد؟.

ثم دخل، و مضیت أنا فأخبرت أباالأعز و قلت: والله لا أشترى العام نخلة.

فما مرت بنا خامسة – أى لیلة خامسة – حتى بعث الله جرادا فأکل عامة ما فى النخیل»(24)

فمثل هذا الکشف عما فى الغیب لا یتیسر الا للأنبیاء و أوصیائهم صلوات الله علیهم، لیبرهنوا به على صدق انتدابهم و انتجابهم کأدلاء على الدین، و کأمناء لرب العالمین. و هم یتکلمون فى هذه المواضیع کمن رأى و من سمع، لیحتجوا بذلک على صدق الدعوة التى حملوها، و على خطر الوظیفة التى اضطلعوا بها. والله تعالى یمن علیهم بمثل هذه التجلیات لیفتح أنظار الناس علیهم، و یفتح قلوبهم على کلمة الحق و یتفکروا بقدرة الله تبارک و تعالى عن طریق تلک المواهب العجیبة حین یتحدثون بأشیاء تخفى على الناس و تنکشف الیهم بحقائقها و دقائقها.

و من ذلک أیضا ما حکاه الأصبغ بن موسى الذى قال:

«بعث رجل من أصحابنا الى أبى‏ابراهیم علیه‏السلام بمائة دینار، و کانت معى بضاعة لنفسى، و بضاعة له.

فلما دخلت المدینة صببت على الماء، و غسلت بضاعتى و بضاعة الرجل، و ذررت علیها مسکا.

ثم انى عددت بضاعة الرجل فوجدتها تسعة و تسعین دینارا. فأعدت عدها و هى کذلک. فأخذت دینارا آخر لى فغسلته و ذررت علیه المسک، و أعدتها فى صرة کما کانت.

و دخلت علیه فى اللیل فقلت له: جعلت فداک، ان معى شیئا أتقرب به الى الله تعالى.

فقال: هات.

فناولته الصرة.

قال: صبها.

فصببتها، فنثرها بیده، و أخرج دینارى منها ثم قال: انما بعث الینا وزنا، لا عددا»(27)

فقد علم الامام علیه‏السلام بما جرى تفصیلا و اجمالا و کأنه أجراه بنفسه فغسل الدینار، و ذر علیه المسلک، و خلطه فى التسعة و تسعین دینارا!. ولکن، من دله على الدینار ذاته فاستخرجه من بین الدنانیر؟. و کیف عرف أن الرجل بعث الیه قیمة مائة دینار وزنا، و لم یبعث له مائة دینار عددا… فکر، و احکم… و قل حینئذ ما یملیه علیک ضمیرک النقى… و هذا مدهش فعلا اذا حصل من غیر الامام، أما من امام الزمان فهو شى‏ء طبیعى، و لا ینتظر منه العکس مطلقا.

و للامام علیه‏السلام، فضلا عن هذه الکشوفات، معاجز کانت تظهر فى مناسبات کثیرة لیثبت بها أصحابه و موالیه على الولاء الصحیح. فقد قال اسحاق بن عمار:

«بعث الى على بن یقطین، و اسماعیل بن أحمد، فقالا لى:

خذ هذه الدنانیر فائت بها الکوفة، فالق فلانا و استصحبه فاشتریا راحلتین، وامضیا بالکتب و بما معکما من مال الى موسى بن جعفر علیه‏السلام.

فسرنا حتى اذا کنا ببطن الرملة، و قد اشترینا علفا و وضعناه بین الراحلتین، و جلسنا نأل. فبینما نحن کذلک اذ طلع علینا موسى بن جعفر على بغلة له أو بغل، و خلفه شاکرى – أى أجیر-.

فلما رأیناه و ثبنا له و سلمنا علیه فقال: هاتا ما معکما.

فأخرجناه و دفعناه الیه، و أخرجنا الکتب و دفعناها الیه.

فأخرج کتبا من کمه فقال: هذه جوابات کتبکم، فانصرفوا فى حفظ الله تعالى.

فقلنا: قد فنى زادنا، و قد قربنا من المدینة، فلو أذنت لنا فزرنا رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم، و تزودنا زادا.

فقال: أبقى معکما من زادکما شى‏ء؟.

فقلنا: نعم.

قال: ائتونى به.

فأخرجناه الیه. فقبضه بیده و قال: هذه بلغتکم الى الکوفة، امضیا فى حفظ الله.

فرجعنا و کفانا الزاد الى الکوفة»(28)

فمن غرائب هذه الحادثة أنه صلوات الله علیه قد کتب جوابات الکتب قبل أن یتسلمها من الرسولین و قبل أن یطلع على ما فیها – أولا.

و أنه سلام الله علیه قد طلب ما کانا یحملانه الیه من مال، قبل أن یصرحا الیه بشى‏ء عن المال – ثانیا.

و أنه علیه‏السلام قبض على بقیة الزاد التى کانت معهما بیده الشریفة ثم بارکه و قال: هذه بلغتکم الى الکوفة؛ و کفاهما فعلا – ثالثا.

و هذه الأمور الخارقة للعادة قد صدرت منه فعلا، و کان یصدر ما هو أعجب منها عنه و عن آبائه و أبنائه المعصومین صلوات الله و سلامه علیهم، باذن ربهم الذى خلقهم هکذا بقدرته… و الیک ما هو مثلها:

فقد حدث شعیب العقرقونى قائلا:

«بعثت مبارکا مولاى الى أبى‏الحسن علیه‏السلام و معه مائتا دینار، و کتبت معه کتابا. فذکر لى مبارک أنه سأل عن أبى‏الحسن علیه‏السلام، فقیل له: قد خرج الى مکة.

فقلت: لأسیر بین مکة و المدینة باللیل، و اذا هاتف یهتف بى: یا مبارک مولى شعیب العقرقوفى!

فقلت: من أنت یا عبدالله؟!.

فقال: أنا معتب. یقول لک أبوالحسن: هات الکتاب الذى معک، و واف الذى معک الى منى.

فنزلت من محملى و دفعت الیه الکتاب، و صرت الى منى.

فأدخلت علیه، و صببت الدنانیر التى معى قدامه.

فجر بعضها الیه، و دفع بعضها بیده، ثم قال: یا مبارک، ادفع هذه الدنانیر الى شعیب و قل له: یقول لک أبوالحسن: ردها الى موضعها الذى أخذتها منه، فان صاحبها یحتاج الیها.

فخرجت من عنده، و قدمت على سیدى و قلت له: ما قصة هذه الدنانیر؟!.

قال: انى طلبت من فاطمة خمسین دینارا لأتم به هذه الدنانیر، فامتنعت على و قالت: أرید أن أشترى بها قراح(29) فلان. فأخذتها منها سرا و لم ألتفت الى کلامها.

ثم دعا شعیب بالمیزان، و وزنها، فاذا هى خمسین دینارا!»(30)

فهل غیر أبى‏الحسن، الکاظم علیه‏السلام، یعرف مکان الخادم فى الصحراء، و باللیل، و یبعث بخادمه الیه لینادیه و یأخذ منه الکتاب، و یواعده الى منى؟.

ثم هل غیره یعرف دنانیر المرأة و یمیزها من دنانیر شعیب ثم یردها الى صاحبتها، عالما بصاحبتها و أن الدنانیر أخذت على غفلة منها؟.

لا، لا، و لن یدعى القدرة على ذلک أحد الا اذا کان منتجبا من عند ربه لیقوم بمثل هذه الخوارق.

روى عن على بن یقطین أنه قال:

«أمر أبوجعفر الدوانیقى – أى الخلیفة المنصور – یقطین أن یحفر له بئرا بقصر العبادى. فلم یزل یقطین فى حفرها حتى مات أبوجعفر و لم یستنبط الماء منها. و أخبر المهدى بذلک، فقال له: احفر أبدا حتى یستنبط الماء، ولو أنفقت علیها جمیع ما فى بیت المال.

قال: فوجه یقطین أخاه أباموسى فى حفرها. فلم یزل یحفر حتى ثقبوا ثقبا فى أسفل الأرض، فخرجت منه الریح. قال: فهالهم ذلک، و أخبروا به أباموسى.

فقال: أنزلونى.

قال: فأنزل، و کان رأس البئر أربعین ذراعا فى أربعین ذراع، فأجلس فى ظل محمل ودلى فى البئر. فلما صار فى قعرها نظر الى هول، و سمع دوى الریح فى أسفل ذلک!. فأمرهم أن یوسعوا الخرق، فجعلوه شبه الباب العظیم؛ ثم دلى فیه رجلین فى شق محمل فقال: ایتونى بخبر هذا ما هو؟!.

قال: فنزلا فى شق محمل، فسکتا ملیا، ثم حرکا الحبل، فأصعدا.

فقال لهما: ما رأیتما؟.

قالا: أمرا عظیما: رجالا، و نساء، و بیوتا، و آنیة و متاعا؛ کله ممسوخ من (حجارة)!. فأما النساء والرجال فعلیهم ثیابهم، فمن بین قاعد، و مضطجع، و متکى‏ء… فلما مسسناهم اذا ثیابهم (تتفشى) شبه ألهباء… و منازل قائمة.

قال: فکتب أبوموسى الى المهدى؛ فکتب المهدى الى المدینة، الى موسى بن جعفر یسأله أن یقدم علیه… فقدم علیه فأخبره. فبکى بکاء شدیدا، و قال: یا أمیرالمؤمنین، هؤلاء بقیة قوم عاد، غضب الله علیهم، فساخت بهم منازلهم!. هؤلاء أصحاب الأحقاف.

قال: فقال المهدى: یا أباالحسن، و ما الأحقاف؟.

قال: الرمل»(31)

فلیت شعرى، من أخبر الامام علیه‏السلام، بأصحاب الأحقاف؟.

و من دله أنهم هم أولاء بالذات؟!. و أن هذا هو موطنهم.

و ما الذى أبکاه سوى خشیة الله تبارک و تعالى، و سوى هول تلک الآیة التى جعلت الأرض تسیخ بقوم عاد فى الأحقاف؟!.

سبحان من یمنح أولیاءه علم ما کان و علم ما یکون، لیصبحوا حججه فى أرضه.

و رویت الحادثة السابقة على الشکل التالى:

«حج المهدى، فلما صار فى فتق العبادى – اسم مکان – ضج الناس من العطش!. فأمر أن یحفر بئر.

فلما بلغوا قریبا من القرار، هبت علیهم ریح من البئر، فوقعت الدلاء، و منعت من العمل. فخرجت الفعلة خوفا على أنفسهم. فأعطى على بن یقطین لرجلین عطاء کثیر لیحفرا.

فنزلا، فأبطا… ثم خرجا مرعوبین، قد ذهبت ألوانهما.

فسألهما عن الخبر، فقالا: انا رأینا آثارا و أثاثا، و رأینا رجالا و نساء، فکلما أومأنا الى شى‏ء منهم، صار هباء.

فصار المهدى یسأل عن ذلک فلا یعلمون.

فقال موسى بن جعفر علیه‏السلام: هؤلاء أصحاب الأحقاف؛ غضب الله علیهم فساخت بهم دیارهم و أموالهم»(32)

فعجبا عجبا من هؤلاء الجبابرة من الحکام، الذین عاصروا الأئمة علیهم‏السلام، و رأوا معاجزهم و ما یجرى على أیدیهم و ألسنتهم، ما یظهر عن علمهم و معرفتهم الخارقة للعادة: ثم یبقون على عنادهم و کرههم، و التنکیل بهم و بمن شایعهم و بایعهم.

هذا من شدة غضب الله تعالى على أولئک الحکام المحاربین لله تعالى و لرسوله ولکل ما ینزل من السماء…

«أبوخالد الزبالى، قال:

نزل أبوالحسن علیه‏السلام منزلنا فى یوم شدید البرد، فى سنة مجدبة، و نحن لا نقدر على عود نستوقد به.

فقال: یا أباخالد، ائتنا بحطب نستوقد به.

قلت: والله ما أعرف فى هذا الموضع عودا واحدا.

فقال: کلا یا أباخالد، ترى هذا الفج – أى الطریق الواسع بین جبلین – خذ فیه فانک تلقى أعرابیا معه حملان حطبا، فاشترهما منه، و لا تماکسه.

فرکبت حمارى و انطلقت نحو الفج الذى و صفه لى، فاذا أعرابى معه حملان حطبا، فاشتریتهما منه، و أتیت بهما، فاستوقدوا منه یومهم ذاک.

و أتیته بطرف ما عندنا، فطعم منه ثم قال: یا أباخالد: أنظر خفاف الغلمان و نعالهم فأصلحها حتى نقدم علیک فى شهر کذا و کذا.

قال أبوخالد: فکتب تاریخ ذلک الیوم. فرکبت حمارى یوم الموعود، حتى جئت الى نزق میل(33) – أى جنبه – و نزلت فیه. فاذا أنا براکب مقبل نحو القطار.

فقصدت الیه، فاذا هو یهتف لى: یا أباخالد!.

فقلت: لبیک، جعلت فداک.

قال: أتراک وفیناک بما وعدناک؟. ثم قال: یا أباخالد، ما فعلت بالقبتین اللتین نزلنا بهما؟.

قلت: جلعت فداک، قد هیأتهما لک.

و انطلقت معه حتى نزل فى القبتین اللتین کان نزل فیهما، ثم قال: ما حال خفاف الغلمان و نعالهم؟.

قلت: قد أصلحناها.

فأتیته بها فقال: یا أباخالد، سلنى حاجتک.

فقلت: جعلت فداک، أخبرک بما فیه: کنت زیدى المذهب حتى

قدمت على و سألتنى الحطب، و ذکرت مجیئک فى یوم کذا، فعلمت أنک الامام الذى فرض الله طاعته.

فقال: یا أباخالد، من مات لا یعرف امامه، مات میتة جاهلیة، و حوسب بما عمل فى الاسلام».(34)

فالحمدلله الذى عرفنا بامام زماننا الذى یعرف ما لا یعرفه غیره، بما منحه الله سبحانه من عطایا لا یعطاها الا المنتجبون من خلقه، و نسأله سبحانه أن لا یحاسبنا على سوء ما نعمله لقصور فهمنا و عجز ادراکنا عن استیعاب ما یهبه الله عزوجل للصفوة من عباده؛ و ان الامام الذى یرى الأعرابى – بائع الحطب – من وراء الجبل و خلف الودیان، و یعین موعد رجوعه بالشهر و الیوم مع أنه مأسور، لهو حرى بأن یکون اماما هادیا مهدیا منصبا من لدن خالقه تبارک و تعالى.

و فى کتاب الکافى رویت حادثة الزبالى على هذا الشکل:

«لما أقدم بأبى‏الحسن علیه‏السلام على المهدى القدمة الأولى، نزل زبالة. فکنت أخدمه – فرآنى مغموما فقال لى:

یا أباخالد، ما لى أراک مغموما؟!.

فقلت: کیف لا أغتم و أنت تحمل الى هذا الطاغیة، و لا أدرى ما یحدث فیک؟!.

فقال لى: لیس على بأس. اذا کان شهر کذا و کذا، و یوم کذا، فوافنى فى أول المیل.

فما کان لى هم الا احصاء الشهور و الأیام، حتى کان ذلک الیوم. فوافیت المیل فما زلت عنده حتى کادت الشمس أن تغیب، و وسوس الشیطان فى صدرى و تخوفت أن أشک فیما قال.

فیبنا أنا کذلک اذ نظرت الى سواد قد أقبل من ناحیة العراق.

فاستقبلتهم، فاذا أبوالحسن علیه‏السلام أمام القطار على بغلة، فقال:

ایه أباخالد!.

قلت: لبیک یابن رسول الله.

قلت: لا تشکن، ود الشیطان أنک شککت.

فقلت: الحمدلله الذى خلصک منهم.

فقال: ان لى الیهم عودة، لا أتخلص منهم»(35)

نعم، لا تشکن یا أباخالد بقول امام یعلم ما لا تعلم. فقد خلصک امامنا علیه‏السلام من الشک، و أعملک أنه لا خلاص له من الظالمین، فلا تغتم لذلک، و عش منسجما مع عقیدتک کما عاش هذا الامام العظیم منسجما مع واقعه المقدر برضى و طمأنینة.

انک لا تدرى یا أباخالد ما یحدث به طاغیة العراق… ولکنه – هو – یدرى ما یکون، و هو على موعد مع ما قدر له ربه من الکرامة بأن یکون شهیدا على ید جبار عنید… ولو فکرت ملیا لعرفت أن الذى دفع بک الى مشترى الحطب فى منطقة لیس فیها عود یستوقد به المسافرون، یعرف ما یجرى من حوله، بل لا یخفى علیه ما یلج فى الأرض و ما یخرج منها، و لا ما یعرج الى السماء، و ما ینزل منها، اذ هکذا رسمه الله تعالى سفیرا له فى

الأرض. و لقد تبینت – یا أباخالد – هذه الحقیقة بنفسک، و تبدلت ضیاعک بالهدى، و خلد اسمک فى عداد الذین تحلصوا من حبائل الشیطان، على ید العبد الصالح، سلیل النبوة منذ ابراهیم خلیل الله علیه‏السلام.

و روى عبدالله بن ادریس، عن ابن‏سنان، قال:

«حمل الرشید فى بعض الأیام الى على بن یقطین ثیابا أکرمه بها، و کان فى جملتها دراعة خز سوداء من لباس الملوک مثقلة بالذهب.

فأنفذ على بن یقطین جل تلک الثیاب الى أبى‏الحسن، موسى بن جعفر علیه‏السلام، و أنفذ فى جملتها تلک الدراعة، و أضاف الیها مالا کان أعده على رسم له، فیما یحمله الیه من خمس ماله.

فلما وصل ذلک الى أبى‏الحسن علیه‏السلام، قبل المال و الثیاب، ورد الدراعة على ید الرسول الى على بن یقطین، و کتب الیه: احتفظ بها و لا تخرجها من یدک، فسیکون لک بها شأن تحتاج الیها معه.

فارتاب على بن یقطین بردها علیه، و لم یدر ما سبب ذلک، واحتفظ بالدراعة. فلما کان بعد ذلک بأیام، تغیر على بن یقطین على غلام کان یختص به، فصرفه من خدمته. و کان الغلام یعرف میل على بن یقطین الى أبى‏الحسن علیه‏السلام، و یقف على ما یحمله الیه فى کل وقت من مال و ثیاب و ألطاف و غیر ذلک، فسعى به الى الرشید و قال له: انه یقول بامامة موسى بن جعفر، و یحمل الیه خمس ماله فى کل سنة، و قد حمل الیه الدراعة التى أکرمه بها أمیرالمؤمنین فى وقت کذا و کذا.

فاستشاط الرشید من ذلک، و غضب غضبا شدیدا، و قال: لأکشفن عن‏

هذه القضیة، فان کان الأمر کما تقول أزهقت نفسه!. و أنفذ فى الوقت، و طلب على بن یقطین.

فلما مثل بین یدیه قال له: ما فعلت بالدراعة التى کسوتک بها؟.

قال: یا أمیرالمؤمنین، هى عندى فى سفط مختوم فیه طیب، و قد احتفظت بها. و قلما أصبحت الا و فتحت السفط، و نظرت الیها تبرکا بها، و قبلتها ورددتها الى موضعها. و کلما أمسیت صنعت مثل ذلک.

قال: أحضرها الساعة.

قال: نعم یا أمیرالمؤمنین.

فاستدعى بعض خدمه فقال له: امض الى البیت الفلانى من دارى، فخذ مفتاحه من جاریتى، وافتحه وافتح الصندوق الفلانى، فجئنى بالسفط الذى فیه بختمه.

فلم یلبث الغلام أن جاء بالسفط مختوما. فوضع بین یدى الرشید، فأمر بکسر ختمه و فتحه.

فلما فتح نظر الى الدراعة فیه بحالها مطویة مدفونة بالطیب. فسکن الرشید من غضبه، ثم قال لعلى بن یقطین: ارددها الى مکانها و انصرف راشدا؛ فلن نصدق علیک بعدها ساعیا، و أمر أن یتبع بجائزة سنیة، و تقدم – أى أمر – بضرب الساعى ألف سوط.

فضرب نحو خمسمائة سوط، فمات فى ذلک»(36)

ففکر ملیا یا قارئى الکریم بما فعله الامام علیه‏السلام مع ابن‏یقطین من رد الدراعة و وصیته بالمحافظة علیها لأنه سیحتاج الیها فى موقف ضیق لا

یخلصه منه الا الدراعة. نعم، فکر، و قدر، و تدبر، لتعرف مبلغ علم الامام علیه‏السلام بما سیحدث فى الآتى من الأیام.

و قال محمد بن الفضل: «اختلفت الروایة بین أصحابنا فى مسح الرجلین فى الوضوء، هو من الأصابع الى الکعبین، أم من الکعبین الى الأصابع؟.

فکتب ابن‏یقطین الى أبى‏الحسن، موسى علیه‏السلام: جعلت فداک، ان أصحابنا اختلفوا فى مسح الرجلین؛ فان رأیت أن تکتب بخطک ما یکون عملى علیه فعلت ان‏شاءالله.

فکتب الیه أبوالحسن علیه‏السلام: فهمت ما ذکرت من الاختلاف فى الوضوء. والذى آمرک به فى ذلک، أن تمضمض ثلاثا، واستنشق ثلاثا، و تغسل وجهک ثلاثا و تخلل شعر لحیتک، و تغسل یدیک الى المرفقین ثلاثا، و تمسح رأسک کله، و تمسح ظاهر أذنیک و باطنهما، و تغسل رجلیک الى الکعبین ثلاثا، و لا تخالف ذلک الى غیره.

فلما وصل الکتاب الى على بن یقطین، تعجب مما رسم له فیه مما جمیع العصابة على خلافه، ثم قال: مولاى أعلم بما قال و أنا ممتثل أمره. فکان یعمل فى وضوئه على هذا الحد، و یخالف ما علیه جمیع الشیعة، امتثالا لأمر أبى‏الحسن علیه‏السلام.

و سعى بعلى بن یقطین، و قیل انه رافضى مخالف لک – أى للخلیفة -.

فقال الرشید لبعض خاصته: قد کثر عندى القول فى على بن یقطین و القرف له – أى الاتهام – بخلافنا و المیل الى الروافض. و لست أرى فى خدمته لنا تقصیرا، و قد امتحنته مرارا فما ظهرت منه على ما یقرف به. و أحب أن استبرى‏ء أمر من حیث لا یشعر بذلک فیحترز منى.

فقیل له: ان الرافضة یا أمیرالمؤمنین تخالف الجماعة فى الوضوء فتخففه، و لا ترى غسل الرجلین. فاستمحنه من حیث لا یعلم بالوقوف على وضوئه.

فقال: أجل،ان هذا الوجه یظهر به أمره.

ثم ترکه مدة و ناطه بشى‏ء من الشغل فى الدار حتى دخل وقت الصلاة. و کان على بن یقطین یخلو فى حجرة فى الدار لوضوئه و صلاته. فلما دخل وقت الصلاة وقف الرشید من وراء حائط الحجرة بحیث یرى على بن یقطین و لا یراه هو؛ فدعا بالماء للوضوء فتوضأ کما تقدم، و الرشید ینظر الیه. فلما رآه قد فعل ذلک لم یملک نفسه حتى أشرف علیه بحیث یراه، ثم ناداه: کذب یا على بن یقطین من زعم أنک من الرافضة. وصلحت حاله عنده.

و ورد علیه کتاب أبى‏الحسن علیه‏السلام: ابتداء من الآن، یا على بن یقطین، توضا کما أمر الله تعالى: اغسل وجهک مرة فریضة، و أخرى اسباغا، واغسل یدیک من المرفقین کذلک، وامسح بمقدم رأسک و ظاهر قدمیک من فضل نداوة وضوئک، فقد زال ما کنا نخاف علیه، والسلام»(37)

و فکر، یا قارئى الکریم، بهذه الحادثة من أولها – حیث علم الامام علیه‏السلام بما سیکون من سوء ظن الرشید بابن یقطین، فأفتاه بأن یتوضأ بوضوء الخلیفة – الى آخرها – حیث علم الامام سلام الله علیه بما کان من أمر تجسس الرشید على وزیره و اطمئنانه الى (صلاح) حاله، فأفتاه بالرجوع الى الوضوء الذى شرعه الله تعالى… فکر بعلم حجة الله تعالى فى أرضه، و عظمه اذا أنصفت الحقیقة والحق.


1) بصائر الدرجات ج 7 ص 316.

2) المصدر السابق ص 317.

3) بصائر الدرجات ج 2 ص 80 – 79.

4) کشف الغمة ج 3 ص 29-28.

5) المصدر السابق ص 33.

6) مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 193 -192.

7) رشید الهجرى من أصحاب أمیرالمؤمنین علیه‏السلام، و کان قد ألقى الیه علم المنایا و البلایا.

8) کشف الغمة ج 3 ص 33-32 و المحجة البیضاء ج 4 ص 277 والکافى م 1 ص 484 باختلاف یسیر فى اللفظ، و هو کذلک فى مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 287 و هو فى بصائر الدرجات ج 6 ص 264 عن سیف بن عمیرة، و فى ص 265 خبر یشبهه. و هو فى اعلام الورى ص 295 باختلاف یسیر فى اللفظ.

9) بصائر الدرجات ج 6 ص 265-264.

10) المصدر السابق.

11) کشف الغمة ج 3 ص 33 و المحجة البیضاء ج 4 ص 278 – 277.

12) کشف الغمة ج 3 ص 33.

13) سورة الحج: 5.

14) الاختصاص ص 206-205 و مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 306.

15) بصائر الدرجات ج 5 ص 247.

16) مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 290-289.

17) بصائر الدرجات ج 6 ص 264.

18) مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 287.

19) کشف الغمة ج 3 ص 32-31 و المحجة البیضاء ج 4 ص 277-276.

20) مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 293.

21) المصدر السابق و نفس الصفحة.

22) الظاهر أن المراد به بستان بنى‏عامر، قرب الجحفة.

23) موضع ماء على طریق مکة، و عند قبر أبى‏جعفر المنصور.

24) کشف الغمة ج 3 ص 35.

25) سورة فاطر: 14.

26) کشف الغمة ج 3 ص 31 و المحجة البیضاء ج 4 ص 276.

27) کشف الغمة ج 3 ص 34 و المحجة البیضاء ج 4 ص 278.

28) کشف الغمة ج 3 ص 40-39.

29) القراح: یعنى الأرض التى لا شجر فیها و لا ماء، ولکنها تصلح للزرع.

30) مناقب آل أبى‏طالب ج 1 ص 294-293.

31) الاحتجاج ج 2 ص 389-388.

32) مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 311.

33) المیل هو منار یبنى على أنشاز الأرض کدلیل للمسافرین.

34) مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 295-294، و هو فى اعلام الورى باختلاف یسیر فى اللفظ.

35) الکافى م 1 ص 478-477 و اعلام الورى ص 295.

36) کشف الغمة ج 3 ص 15-14 و المحجة البیضاء ج 4 ص 274-273 و الارشاد ص 274 و مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 289 و اعلام الورى ص 293 رواه عن ابن‏سیار.

37) کشف الغمة ج 3 ص 15 الى ص 17 والمحجة البیضاء ج 4 ص 274 – 273 و الارشاد ص 276-275 و مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 289-288 و اعلام الورى ص 294-293.