… ثم نطوى الصفحة الأولى – السوداء – من صفحات تاریخ العباسیین مع امامنا الکاظم علیهالسلام، لنفتح صفحة عهد آخر کان له مساس حقیقى به، لأن الخلیفة الجدید – المهدى – قد بدأ عهده بأسوأ مما انتهى به عهد سلفه.
و لنعطیک صورة عن تأسیس ذلک السلطان الغاشم على أسس الحقد و خبث السریرة، نورد لک نموذجا حیا مما أجراه ذلک الخلیفة الذى لم یعرف الهدى منذ مطلع عهده، فنضع بین یدیک وقائع الجلسة اللیلیة التالیة:
«انه لما بویع محمد المهدى، دعا حمید بن قحطبة نصف اللیل و قال:
ان اخلاص أبیک و أخیک فینا أظهر من الشمس، و حالک عندى موقوف.
فقال: أفدیک بالمال و النفس.
فقال: هذا لسائر الناس.
قال: أفدیک بالروح، و الأهل، و المال، و الولد.
فلم یجب المهدى.
فقال: أفدیک بالمال، و النفس، و الأهل و الولد، و الدین!.
فقال: لله درک.
فعاهده على ذلک. و أمره بقتل الکاظم علیهالسلام فى السحر بغتة.
فنام – أى المهدى – فرأى علیا علیهالسلام یشیر الیه و یقرأ: (فهل عسیتم ان تولیتم أن تفسدوا فى الأرض و تقطعوا أرحامکم (22))(1)
فانبته مذعورا، و نهى حمیدا عما أمره، و أکرم الکاظم و وصله»(2)
… و لم هذه العجلة یا أمیر المفسدین بقتل الامام فى أول أیام عهدک؟.
أفأنت تقدمه قربانا لله اذ تمت لک البیعة؟!.
و لم استحوذ علیک الشیطان من أول یوم؟…و لم لم تصبر الى الغد فطلبت هذا المارق السافل فى اللیل؟!.
فتصور کیف فاجأ هذا المتعدى على حرمات الله عمیله بقوله: و حالک عندى موقوف، لیرى مدى استحواذ الشیطان علیه، و مقدار تضحیاته بسبیل هذا العرش الظالم؛ فلم یرض منه أن یفدیه بالمال و النفس و الولد، و سکت عند ذلک لیرى حقیقة اخلاص هذا العتل الزنیم، ففداه ابنقحطبة بالدین!!! نعم، و للشیطان در هذا الجلف، ابنالقحطبة!.
خلیفة لرسول الله، یرید من الناس أن یبیعوا آخرتهم بدنیاهم لینالوا رضاه… و یطلب من هذا الأرعن أن یستفتح له عهده بقتل امام الزمان!.
ثم تبایت هذا الخلیفة الضال، و ذاک المرائى الجبان على ارتکاب هذه الجریمة النکراء، فألقى الله تعالى کیدهما فى نحرهما، حین یحبط على
أمیرالمؤمنین مکیدتهما و یصفع الخلیفة الوقح بآى من القرآن الکریم قام من نومه عند سماعها ذعرا خائفا.
فیا قارئى الکریم، اسأل معى هذا القطحبة الذى هو کحمار المصطبة: لم یفدى هذا الخلیفة بدینه؟!.
لقد فداه بالدین… و هو بلا دین.
واسمه حمید، ولکنه ذمیم، و قراره الذى اتخذه أمام الخلیفة لا ترتضیه الحمیر.
أجل، هذه صفحة واحدة من الصفحات السود فى تاریخ خلفاء للمسلمین، لم یرفضهم أحد من المسلمین، اذا استثنینا أئمتنا علیهمالسلام و أتباعهم.
ثم ورد خبر احضار الامام علیهالسلام، و محاولة قتله، فى هذا العهد، هکذا:
«و لقد نقل عن الفضل بن الربیع، أنه أخبر عن أبیه – الوزیر – أن محمد المهدى ابنالمنصور، طلب موسى بن جعفر من المدینة الى بغداد، فحبسه. ففى بعض اللیالى رأى المهدى فى منامه على بن أبىطالب علیهالسلام، و هو یقول: (فهل عسیتم ان تولیتم أن تفسدوا فى الأرض و تقطعوا أرحامکم (22)«(1)
قال الربیع – الوزیر -: فأرسل الى لیلا فراعنى و خفت من ذلک. و جئت الیه و اذا هو یقرأ هذه الآیة و کان أحسن الناس صوتا -، فقال: على الآن بموسى بن جعفر.
فجئته به، فعانقه و أجلسه الى جانبه و قال: یا أباالحسن، رأیت أمیرالمؤمنین على بن أبىطالب علیهالسلام فى النوم، فقرأ على کذا. فتؤمننى أن تخرج على أو على أحد من ولدى؟.
فقال: لا والله لا فعلت ذلک، و لا هو من شأنى.
فقال: صدقت.. یا ربیع أعطه ثلاثة آلاف دینار، ورده الى أهله الى المدینة.
قال الربیع: فأحکمت أمره لیلا، فما أصبح الا و هو فى الطریق خوف العوائق»(3)
و روى الجنابذى هذا الخبر، و ذکر أنه وصله بعشرة آلاف دینار، ورده الى أهله»(4)
فهل من لائم لى اذا قلت بسفاهة هؤلاء الخلفاء؟. و أنهم کانوا عمى البصائر، لا یمیزون بین ما یجوز، و ما لا یجوز، من أجل ملک زائل لم یتنعموا به عشر معشار ما قاسوا من آلامه و ویلاته، و من عذاب الضمائر، لو کانت لهم ضمائر، لکن… قد حملوا آثامه و موبقاته… فبئس ما أوردوا أنفسهم من المهالک فى الدنیا و فى الآخرة، لما قنعوا بحمل أسماء جوفاء خلعوها و السیوف فى رقابهم، مشهورة بأیدیهم لا بأیدى من کانوا یعذبونهم ظلما و عدوانا.
لقد قتلوا کثیرین من بنىعلى… و مات أکثرهم قتلا بنفس السیوف.
و قتلوا بنى عمومتهم… و قتلهم أبناؤهم، أو اخوانهم، أو قادتهم!.
و قتلوا غیرهم قتل شهادة… ثم ماتوا – هم – میتة سوء!.
فتعسا لهم، و ضلت أعمالهم… و خسرت صفقتهم.
و هکذا، فقد «أقدم المهدى امامنا الى بغداد، ثم رده الى المدینة بعد سماع تلک الآیة التى ردته عن عزمه على قتله لا تورعا منه و لا خوفا من الله، بل لأن الامام کان مؤخرا فى علم الله تعالى، اذ أقام أبوالحسن علیهالسلام فى المدینة الى أیام الرشید الذى قدم المدینة فحمله معه، و حبسه ببغداد الى أن توفى فیها(5) کما رأیت سابقا – و لم یستقدمه المهدى الى بغداد الا لیقتله کما سمعت فى قصة ابنقحطبة (الذى زید فى اسمه حرف الطاء) ولکن وسوسة ابلیس، و مکر الخلیفة التعیس، و مکر عمیله الخسیس، داسها کلها أمیرالمؤمنین على بن أبىطالب علیهالسلام، بنعله المخصوفة حین تراءى للمهدى فى المنام و أطار لبه هلعا، و أفقده صوابه فزعا.
و من جمیل صنع الله تعالى أن ورود أئمتنا علیهمالسلام على جبابرة تلک القصور، کان یوقع أولئک الجبابرة فى مآزق لا مخارج لهم منها، اذ کان الأئمة علیهمالسلام یقولون کلمة الحق فى مجلس الظلم و الباطل، و یحتجون على الحاکمین و عملائهم من القضاة و غیرهم بما لا جواب عندهم فیه، فیفضحون باطلهم و لا یجد الحاکمون حیلة للبطش بهم بسهولة، فتخرج فضائح الحکم و القضاء فى الدین على ألسنتهم الصادقة التى لا تعرف المراءاة و لا المداراة.
روى أحمد بن محمد،، ان أبىقتادة القمى، عن أبىخالد الزبالى قال:
قدم أبوالحسن، موسى، زبالة – مکان بطریق مکة من الکوفة – و معه جماعة من أصحاب المهدى – العباسى – بعثهم فى اشخاصه القدمة الأولى.
قال: و أمرنى بشراء حوائج له. فنظر الى و أنا مغموم فقال لى:
یا أباخالد، مالى أراک مغموما.
قلت: هوذا تصیر الى هذا الطاغیة، و لا آمنه علیک.
قال: یا أباخالد، لیس على منه بأس. اذا کان شهر کذا و کذا، فانتظرنى فى أول اللیل، فانى أوافیک انشاءالله.
فما کانت لى همة الا احصاء الشهور و الأیام، حتى کان ذلک الیوم، فغدوت أول اللیل الى المصر الذى وعدنى. فلم أزل أنتظره حتى کادت الشمس أن تغیب. و وسوس الشیطان فى صدرى فلم أر أحدا، و خفت أن أشک، و وقع فى نفسى أثر عظیم. فبینا أنا کذلک و اذا سواد قد أقبل من ناحیة العراق. فانتظرته، فوافانى أبوالحسن أمام القطار – أى القافلة – على بغلة له، فقال: ایه أباخالد!.
قلت: لبیک یابن رسول الله.
قال: لا تشکن؛ ود الشیطان أنک شککت.
قلت: قد کان ذلک.
فسررت بتخلیصه فقلت: الحمدالله الذى خلصک من الطاغیة.
فقال: یا أباخالد، ان لهم الى عودة لا أتخلص منها»(6)
أولى لنا فأولى، ثم أولى لنا فأولى أن نقر بشأن هؤلاء الأئمة العظام
الذین یوقتون للشىء قبل حدوثه. بالسنین، و بالشهور، و الأیام!. بل بالساعات من اللیل أو النهار… ثم لا یخطئون فى التوقیت مطلقا. و جدیر بنا أن لا نمر بمثل هذه الحوادث الغریبة مرورا عابرا دون وقفة تأمل بحال مخلوقین من البشر یفجأون الناس فى کل حین بما یمیزهم عن البشر، و یرفعهم الى مراتب عالیة لم ینلها الا الرسل و الأنبیاء و الأصفیاء؛ ثم نغض الطرف و لا ننظر الیهم بعمق لنقف على شىء من حقیقة أمرهم الربانى من حیث کرامة الله تعالى لهم و اکرامه.
فامامنا الکاظم علیهالسلام، الذى أشخص مکرها من الحجاز الى العراق، وجىء به تحت الحراسة العسکریة الشدیدة، بأمر سلطان الزمان الغاشم الذى یخشى أن یغدر به و یقتله، أقول امامنا هذا – و فى هذه الحال – یلتقى بأحد شیعته فى زبالة، و یریح باله من الخوف علیه من بطش السلطان الجبار، ثم یضرب معه موعدا یحدده بالشهور، و بالأیام، ثم بالساعات من اللیل، لیلتقى معه أثناء عودته سالما، فى ذلک المکان، و کأنه هو علیهالسلام یصرف الأمور، و کأن الأقدار تتصرف عن أمره!. ثم یدهش أکثر ما یدهش عودته فى الموعد المضروب تماما، و یلاحظ على صاحبه بأن الشیطان کاد یستزله دون أن یصرح بشىء، ثم بقول بجزم: ان لهم الى عودة لا أتخلص منها.
عمیت بصیرة من لا یراک اماما ملهما یا أباابراهیم!.
و عمیت القلوب التى فى صدور منکرى امامتک، و جاحدى حقک الذى اختصک به ربک عزوجل!.
و هل کان معاصروک عمیان أبصار. و قلوب… و بصائر… و مرضى نفوس؟!.
لا، ولکن (الشیطان سول لهم و أملى لهم (25))(7)
لقد خسروا لما زعموا أنهم یتمکنون من معرفة الله سبحانه عن طریق غیرکم، و ضلوا لما عبدوه و لم یجعلوکم وسیلة بینهم و بینه لتقبل عبادتهم.
و أیم الحق ان قلوب بنىالعباس لمتحجرة انسانیا، و خالیة من الایمان دینیا، و لقد أضلوا أشیاعهم و أتباعهم؛ و الا فما معنى أن یروا مثل هذه العجائب و الآیات ثم لا یعیرونها انتباها، بل یکذبون بها و یصرفون الناس عنها، و یرصدون کل اهتمامهم لاطفاء نور الله بأفواههم حین یحاربون أولیاءه و نجباءه من على منبر الاسلام و باسم جدهم الذى جاء بالاسلام من عند ربه عزوعلا.
لیت هؤلاء الأئمة الدین طهرهم الله من الرجس و اختصهم بما اختصهم به – لیتهم کانوا أئمة لغیر المسلمین، و لغیر العرب، و اذا لرأیت لهم تقدیسا و تمجیدا و تحمیدا…
فیوم قال النبى صلى الله علیه و اله و سلم: «ویل لولدى من ولد العباس» کان یعنى ما یقول، و کان یلفت نظر المسلمین الى فراعنة حکم ینکلون بولده و لا یراعون فیهم قرابة و لا رحما… ولکن قوله ذاک، لم یردع بنىالعباس عما مارسوه من القسوة، و لم یردع أکثر المسلمین عن مشایعتهم على محاربة أهل البیت علیهمالسلام مع ما رأوا فى ذلک من باطل و ظلم.
قال على بن أسباط: «لما ورد أبوالحسن، موسى علیهالسلام على المهدى، – العباسى – رآه یرد المظالم.
فقال: یا أمیرالمؤمنین، ما بال مظلمتنا لا ترد؟!.
فقال له: و ما ذاک یا أباالحسن؟.
قال: ان الله تبارک و تعالى، لما فتح على نبیه صلى الله علیه و اله و سلم فدک و ما والاها،
لم یوجف علیه بخیل و لا رکاب، فأنزل الله على نبیه صلى الله علیه و اله و سلم: (وءات ذا القربى حقه)(8) فلم یدر رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم من هم. فراجع فى ذلک جبرائیل، و راجع جبرئیل علیهالسلام ربه، فأوحى الله الیه أن ادفع فدک الى فاطمة علیهمالسلام.فدعاها رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم فقال لها: یا فاطمة ان الله أرمنى أن أدفع الیک فدکا.
فقالت: قد قبلت یا رسول الله من الله و منک.
فلم یزل و کلاؤها فیها حیاة رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم.
فلما ولى أبوبکر أخرج منها وکلاءها.
فأتته فسألته أن یردها علیها. فقال لها: ائتینى بأسود أو أحمر یشهد لک بذلک.
فجاءت بأمیرالمؤمنین علیهالسلام، و أم أیمن، فشهدا لها.
فکتب بترک التعرض.
فخرجت والکتاب معها. فلقیها عمر فقال: ما هذا معک یا بنت محمد؟.
قالت: کتاب کتبه لى ابن أبىقحافة.
قال: أرینیه.
فأبت. فانتزعه من یدها و نظر فیه. ثم تفل فیه و محاه، و خرقه. فقال لها: هذا لم یوجف علیه أبوک بخیل و لا رکاب، فضعى الحبال فى رقابنا. – أى جرینا بالحبال الى أى حاکم أو علقى مشانقنا اذا قدرت -.
فقال المهدى: یا أباالحسن، حدها لى. – یعنى بین حدودها -.
فقال: حد منها جبل أحد، وحد منها عریش مصر، وحد منها سیف البحر، وحد منها دومة الجندل.
فقال له: کل هذا؟.
قال: نعم، یا أمیرالمؤمنین، هذا کله. ان هذا کله مما لم یوجف على أهله رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم بخیل و لا رکاب.
فقال: کثیر!. و أنظر فیه».(9)
کثیر، و تنظر فیه؟!. و لا تنفذه و أنت ترد المظالم الى أهلها؟.
لقد نظر فیه من هو أکبر منک، و أعطى صکا بثبوته. ثم انتزع الصک من الزهراء علیهاالسلام بدوافع سیاسیة ترمى الى اضعاف بنىعلى و فاطمة مادیا، و بسبیل محاربتهم معنویا، و ترمى – أیضا – الى ضرب کل ما أوصى به محمد صلى الله علیه و اله و سلم!. و قد کان المأمول منک یابن عباس أن تثأر لأبناء عمک لو کنت تعقل… ولکنک على نفس الخط الهادف الى افقارهم و حربهم، و تبا للملک الذى یردى صاحبه فى نار جهنم.
و بالنسبة لفدک ذکر الزمخشرى فى (ربیع الأبرار) ثم ذکر فى کتاب (تاریخ الخلفاء) أن هارون الرشید کان یقول لموسى بن جعفر: خذ فدکا حتى أردها الیک، فیأبى، حتى ألح علیه، فقال علیهالسلام:
لا آخذها الا بحدودها.
قال: و ما حدودها؟.
قال: ان حددتها لم تردها.
قال: بحق جدک الا فعلت.
قال: أما الحد الأول فعدن.
فتغیر وجه الرشید و قال: ایها. – أى أنه یستزید الحدیث عن حدودها -.
قال: والحد الثانى سمرقند.
فاربد وجهه – أى صار أغبر -.
والحد الثالث أفریقیة.
فاسود وجهه و قال: هیه!.
قال: و الرابع سیف البحر مما یلى الخزر و أرمینیة.
قال الرشید: فلم یبق لنا شىء!. فتحول الى مجلسى. – أى تربع على عرش الملک -.
قال موسى – علیهالسلام -: قد أعلمتک أننى ان حددتها لم تردها.
فعند ذلک عزم على قتله، واستکفى أمره»(10)
و فى روایة ابنأسباط أنه قال: أما الحد الأول فعرش مصر، و الثانى دومة الجندل، و الثالث أحد، و الرابع سیف البحر. – و هذا هو الصحیح -.
فقال: هذا کله؟!. هذه الدنیا.(و أدرک أن رد فدک یعنى رد الأمر الى أصحابه…)
فقال: هذا کان فى أیدى الیهود بعد موت أبىهالة، فأفاءه الله على رسوله بلا خیل و لا رکاب، فأمره الله أن یدفعه الى فاطمة علیهاالسلام»(4)
والتحدید الذى ورد فى أول هذه الروایة لم أره فى غیرها، و فدک معروفة الحدود فى ذلک العصر، و فى کل عصر، ولکنها تسلیة أمراء المسلمین أثناء محاوراتهم التافهة… ولکن الذى کان غیر معروف عند سائر الناس هو أن ینزو بنوأمیة و بنوعباس على منبر الاسلام، و هم من أشد الناس بعدا عن الاسلام و مروقا من الدین!.
«و قد جرى لأبى یوسف – القاضى الفقیه فى القصر – مع أبىالحسن، موسى صلوات الله علیه بمحضر المهدى، أن موسى علیهالسلام سأل أبایوسف عن مسألة لیس فیها عنده شىء.
فقال لأبىالحسن، موسى علیهالسلام: انى أرید أن أسألک عن شىء.
قال: هات.
قال: ما تقول فى التظلیل للمحرم؟.
قال: لا یصلح.
قال: فیضرب الخباء فى الأرض فیدخل فیه؟.
قال: نعم.
قال: فما فرق بین هذا و ذلک؟!.
قال أبوالحسن، موسى علیهالسلام: ما تقول فى الطامث تقضى الصلاة؟
قال: لا.
قال: تقضى الصوم؟
قال: نعم.
قال: ولم؟!.
قال: ان هذا، کذا جاء.
قال أبوالحسن علیهالسلام: و کذلک هذا.
فقال المهدى لأبى یوسف: ما أراک صنعت شیئا.
قال: یا أمیرالمؤمنین، رمانى بحجة».(11)
و فى مورد آخر ذکر فى آخر الحدیث أن الامام علیهالسلام قال: «أتعجب من سنة النبى و تستهزىء بها؟. ان رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم، کشف ظلاله فى احرامه، و مشى تحت الظلال و هو محرم. ان أحکام الله تعالى لا تقاس، فمن قاس بعضها على بعض فقد ضل سواء السبیل.
فسکت السائل لا یرجع جوابا».(12)
و هکذا کان دیدن أئمتنا علیهمالسلام مع قضاة العصر، و عملاء القصر، فکثیرا ما تعرض لهم الأئمة و ساءلوهم، فوقفوا حیارى عن الجواب، و ضاعوا وضاع علفهم فى تلک القصور، وذاب ورمهم و شحمهم حین الفشل الذریع الذى کانوا یقعون فیه.
1) سورة محمد: 22.
2) مناقب آل أبىطالب ج 4 ص 300.
3) کشف الغمة ج 3 ص 3 و ینابیع المودة ج 3 ص 11 و ص 32 مکرر الى آخره، و هو فى تذکرة الخواص ص 314-313.
4) المصدر السابق.
5) کشف الغمة ج 3 ص 9 و انظر تذکرة الخواص ص 314.
6) کشف الغمة ج 3 ص 28 و المحجة البیضاء ج 4 ص 276- 275 و الکافى م 1 ص 477 و هو فى مناقب آل أبىطالب ج 4 ص 287 باختلاف یسیر فى بعض ألفاظه.
7) سورة محمد: 25.
8) سورة الاسراء: 26.
9) الکافى م 1 ص 543.
10) مناقب آل أبىطالب ج 4 ص 321-320 و تذکرة الخواص ص 314.
11) الاحتجاج ج 2 ص 394 و مناقب آل أبىطالب ج 4 ص 314-313.
12) الاحتجاج ج 2 ص 394 ورد أن ذلک بمحضر الرشید، و کذلک فى کشف الغمة ج 3 ص 20 و الارشاد ص 279 و مناقب آل أبىطالب ج 4 ص 314 و اعلام الورى ص 299.