1 ـ عن سماعة، عن أبی الحسن موسى(علیه السلام)، قال: قلت له: أکلّ شیء فی کتاب الله وسنّة نبیّه (صلى الله علیه وآله)؟ أو تقولون فیه؟ قال: «بل کلّ شیء فی کتاب الله وسنّة نبیه(صلى الله علیه وآله)(1)
2 ـ عن سماعة، عن العبد الصالح قال: سألته فقلت: إنّ أناساً من أصحابنا قد لقوا أباک وجدّک وسمعوا منهما الحدیث فربما کان شیء یبتلی به بعض
أصحابنا ولیس فی ذلک عندهم شیء یفتیه وعندهم مایشبهه، یسعهم أن یأخذوا بالقیاس؟ فقال: «لا إنما هلک من کان قبلکم بالقیاس»، فقلت له: لم لا یقبل ذلک؟ فقال: «لأنه لیس من شیء إلاّ وجاء فی الکتاب والسنة»(2)
3 ـ عن موسى بن بکر، قال: قال أبو الحسن (علیه السلام): «من افتى الناس بغیر علم لعنته ملائکة الأرض وملائکة السماء»(3)
4 ـ عن عثمان بن عیسى، قال: سألت أبا الحسن موسى (علیه السلام) عن القیاس فقال: «مالکم والقیاس إنّ الله لا یسأل کیف أحلّ وکیف حرّم»(4)
5 ـ عن یونس بن عبدالرحمن، قال: قلت لابی الحسن الأوّل(علیه السلام): بما اُوحّد الله؟ فقال: «یا یونس لا تکوننّ مبتدعاً، من نظر برأیه هلک، ومن ترک أهل بیت نبیّه(صلى الله علیه وآله) ضلّ، ومن ترک کتاب الله وقول نبیّه کفر»(5)
6 ـ إنّ من غرر أحادیث الإمام موسى بن جعفر(علیه السلام) فی مجال العقل کمصدر معرفی أساس هو وصیّته الثمینة لهشام بن الحکم والتی سُمّیت برسالة العقل عند الإمام(علیه السلام)، وإلیک نصّ الرسالة:
قال(علیه السلام): «إنّ الله تبارک وتعالى بشّر أهل العقل والفهم فی کتابه فقال: (… فبشّر عبادِ الذین یستمعونَ القولَ فیتّبعونَ أحسنهُ أولئکَ الذینَ هداهمُ الله وأولئکَ همُ اُولوا الألبابِ)(6)
یا هشام بن الحکم إنّ الله عزّوجلّ أکمل للناس الحجج بالعقول وأفضى إلیهم بالبیان
ودلّهم على ربوبیته بالأدلاّء، فقال: (وإلهکم إله واحدُ لا إلهَ إلاّ هوَ الرحمنُ الرحیمُ انّ فی خلقِ السمواتِ والارضِ واختلافِ اللیلِ والنهارِ ـ الى قوله ـ لآیات لقوم یعقلونَ)(7)
یا هشام قد جعل الله عزّ وجلّ ذلک دلیلا على معرفته بأنّ لهم مدبّراً فقال:(وسخّرَ لکمُ اللیل والنهارَ والشمسَ والقمرَ والنجومُ مسخّراتٌ بأمره إنَّ فی ذلک لآیات لقوم یعقلونَ)(8) وقال: (حم والکتاب المبین إنّا جعلناهُ قرآناً عربیاً لعلکم تعقلونَ)(9) وقال:(ومنْ آیاتهِ یریکمُ البرقَ خوفاً وطمعاً وینزّل من السماءِ ماءً فیُحیی بهِ الارضَ بعدَ موتها إنَّ فی ذلکَ لآیات لقوم یعقلونَ)(10)
یا هشام ثمّ وعظ أهل العقل ورغّبهم فی الآخرة فقال:(وما الحیاةُ الدنیا إلاّ لعبٌ لاولهوٌ وللدارُ الاخرةُ خیرٌ للذین َ یتّقونَ أفلا تعقلونَ)(11) وقال:(وما أوتیتُم من شیء فمتاعُ الحیاةِ الدنیا وزینتها وما عندَ الله خیرٌ وأبقى أفلا تعقلونَ)(12)
یا هشام ثمّ خوَّف الذین لا یعقلون عذابه فقال عزّ وجلّ: (ثمّ دمّرنا الآخرینَ وانکم لتمرونَ علیهم مصبحینَ وباللیلِ أفلا تعقلونَ)(13)
یا هشام ثمّ بیّن أن العقل مع العلم فقال:(وتلکَ الامثالُ نضربها للناسِ وما یعقلها إلاّ العالمونَ)(14)
یا هشام ثمّ ذمّ الذین لایعقلون فقال:(وإذا قیلَ لهمُ اتّبعوا ما أنزلَ الله قالوا بلْ نتّبعُ
ما ألفینا علیهِ آباءنا أولو کانَ آباؤهم لا یعقلونَ شیئاً ولا یهتدونَ)(15) وقال:(إنَّ شرّ الدوابِّ عندَ الله الصمُّ البکمُ الذینَ لا یعقلونَ)(16) وقال:(ولئن سألتهم من خلقَ السمواتِ والأرضَ لیقولنَّ الله قلِ الحمدُ لله بلْ أکثرهمْ لا یعلمون)(17)
ثمّ ذم الکثرة فقال: (وإن تُطع أکثرَ من فی الارض یُضلّوکَ عن سبیلِ الله)(18) وقال: (ولکنَّ أکثرهم لا یعلمونَ)(19) «وأکثرهم لا یشعرون»(20)
یا هشام ثمّ مدح القلة فقال:(وقلیلٌ منْ عبادیَ الشّکور)(21) وقال:(وقلیلٌ ماهُمْ)(22) وقال:(وما آمنَ معهُ إلاّ قلیلٌ)(23)
یا هشام ثمّ ذکر أولی الالباب بأحسن الذکر وحلاّهم بأحسن الحلیة، فقال:(یُوتی الحکمةَ من یشاءُ ومنْ یُؤتَ الحکمةَ فقد أوتی خیراً کثیراًوما یذّکرُ إلاّ اُولوا الالبابِ)(24)
یا هشام إنّ الله یقول:(انّ فی ذلکَ لذکرى لمن کانَ لهُ قلبٌ)(25) یعنی العقل. وقال:(ولقد آتینا لُقمانَ الحکمةَ)(26) قال: الفهم والعقلَ.
یا هشام إنّ لقمان، قال لابنه: تواضع للحق تکن أعقلَ الناس». یا بنیّ إنّ الدنیا بحرٌ عمیقٌ قد غرق فیه عالم کثیر فلتکن سفینتک فیها تقوى الله وحشوها الإیمان وشراعها التوکل
وقیمتها العقل. ودلیلها العلم وسکّانها الصبر.
یا هشام لکل شیء دلیل ودلیل العاقل التفکر ودلیل التفکر الصمت. ولکل شیء مطیّة ومطیّة العاقل التواضع وکفى بک جهلا، أن ترکب ما نُهیت عنهُ.
یا هشام لو کان فی یدک جوزة وقال الناس (فی یدک) لؤلؤة ما کان ینفعک وأنت تعلم أنها جوزة. ولو کان فی یدک لؤلؤة وقال الناس: انّها جوزة ما ضرّک وأنت تعلم أنها لؤلؤة.
یا هشام ما بعث الله أنبیاءه ورسله الى عباده إلاّ لیعقلوا عن الله، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة لله. وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا. وأعقلهم أرفعهم درجة فی الدنیا والآخرة.
یا هشام ما من عبد إلاّ وملک آخذ بناصیته، فلا یتواضع إلاّ رفعه الله ولا یتعاظم إلاّ وضعه الله.
یا هشام إنّ لله على الناس حجتین حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأمّا الظاهرة فالرسل والأنبیاء والأئمة. وأمّا الباطنة فالعقول.
یاهشام إنّ العاقل، الذی لا یشغل الحلال شکره ولا یغلب الحرام صبره.
یا هشام من سلّط ثلاثاً على ثلاث فکأ نّما أعانَ هواه على هدم عقله: من أظلم نور فکره بطول أمله، ومحا طرائف حکمته بفضول کلامه. وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فکأنما أعان هواه على هدم عقله. ومن هدم عقله أفسد علیه دینه ودنیاه.
یا هشام کیف یزکو عند الله عملک وأنت قد شغلت عقلک عن أمر ربک وأطعت هواک على غلبة عقلک.
یا هشام الصبر على الوحدة علامة قوّة العقل، فمن عقل عن الله تبارک وتعالى اعتزل أهل الدنیا والراغبین فیها. ورغب فیما عند ربه ـ وکان الله ـ آنسه فی الوحشة وصاحبه فی
الوحدة. وغناه فی العیلة ومعزه فی غیر عشیرة(27)
یا هشام نصب الخلق لطاعة الله(28) ولا نجاة إلاّ بالطاعة. والطاعة بالعلم والعلم بالتعلم. والتعلم بالعقل یعتقد(29) ولا علم إلاّ من عالم ربانی ومعرفة العالم بالعقل.
یا هشام قلیل العمل من العاقل مقبول مضاعف. وکثیر العمل من أهلِ الهوى والجهل مردود.
یا هشام إنّ العاقل رضی بالدّون من الدنیا مع الحکمة. ولم یرض بالدّون من الحکمة مع الدنیا، فلذلک ربحت تجارتهم.
یا هشام إن کان یغنیک ما یکفیک فأدنى ما فی الدنیا یکفیک. وإن کان لا یغنیک ما یکفیک فلیس شیء من الدنیا یغنیک.
یا هشام إنّ العقلاء ترکوا فضول الدنیا فکیف الذنوب. وترک الدنیامن الفضل وترک الذنوب من الفرض.
یا هشام إنّ العقلاء زهدوا فی الدنیا ورغبوا فی الآخرة لانّهم علموا أنّ الدنیا طالبة ومطلوبة والآخرة طالبة ومطلوبة، فمن طلب الآخرة طلبته الدنیا حتّى یستوفی منها رزقه. ومن طلب الدنیا طلبته الآخرة فیأتیه الموت فیفسد علیه دنیاه وآخرته.
یا هشام من أراد الغنى بلا مال وراحة القلب من الحسد والسلامة فی الدین فلیتضرّع الى الله فی مسألته بأن یُکمل عقله، فمن عقل قنع بما یکفیه ومن قنع بما یکفیه استغنى ومن لم یقنع بما یکفیه لم یُدرک الغنى أبداً.
یا هشام إنّ الله جلّ وعزّ حکى عن قوم صالحین، أنهم قالوا:(ربّنا لا تُزغ قلوبنا بعدَ
اذ هدیتنا وهب لنا من لدنک رحمةً انّک أنت الوهاب)(30) حین علموا أنّ القلوب تزیغ وتعود الى عماها ورداها انّه لم یخف الله من لم یعقل عن الله ومن لم یعقل عن الله لم یعقد قلبه على معرفة ثابتة یُبصرها ویجد حقیقتها فی قلبه. ولا یکون أحدٌ کذلک إلاّ من کان قوله لفعله مصدِّقاً، وسرّه لعلانیته موافقاً، لانّ الله لم یدلّ على الباطن الخفی من العقل إلاّ بظاهر منه وناطق عنه.
یا هشام کان أمیر المؤمنین (علیه السلام)، یقول: ما من شیء عبد الله به أفضل من العقل وما تمّ عقل امرء حتى یکون فیه خصال شتّى، الکفر والشر منه مأمونان(31) والرشد والخیر منه مأمولان(32) وفضل ماله مبذول. وفضل قوله مکفوف. نصیبه من الدنیا القوت. ولا یشبع من العلم دهره. الذلّ أحب إلیه مع الله من العزّ مع غیره. والتّواضع أحبّ إلیه من الشرف. یستکثر قلیل المعروف من غیره ویستقل کثیر المعروف من نفسه. ویرى الناس کلهم خیراً منه وأنه شرّهم فی نفسه وهو تمام الأمر(33)
یا هشام من صدق لسانه زکى عمله. ومن حسنت نیته زید فی رزقه. ومن حسن برّه باخوانه وأهله مدّ فی عمره.
یا هشام لا تمنحوا الجهّال الحکمة فتظلموها(34)، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم.
یا هشام کما ترکوا لکم الحکمة فاترکوا لهم الدنیا.
یا هشام لا دین لمن لا مروّة له. ولا مُرُوّة لمن لا عقل له. وأنّ أعظم الناس قدراً الذی
لا یرى الدنیا لنفسه خطراً(35)، أما إنّ أبدانکم لیس لها ثمن إلاّ الجنة، فلا تبیعوها بغیرها…(36)
یا هشام انّ أمیر المؤمنین (علیه السلام) کان یقول: «لا یجلس فی صدر المجلس إلاّ رجل فیه ثلاث خصال: یجیب اذا سئل وینطق اذا عجز القوم عن الکلام، ویشیر بالرأی الذی فیه صلاح أهله، فمن لم یکن فیه شیء منهنّ فجلس فهو أحمق».
وقال الحسن بن علی (علیهما السلام): «اذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها» قیل: یا ابن رسول الله ومن أهلها؟ قال: «الذین قصّ الله فی کتابه وذکرهم، فقال: (إنّما یتذکّرُ اولوا الألباب)(37) قال: هم أولوا العقول».
وقال علی بن الحسین (علیهما السلام): «مجالسة الصالحین داعیة الى الصلاح وأدب العلماء زیادة فی العقل، وطاعة ولاة العدل تمام العز واستثمار المال(38) تمام المروة. وارشاد المستشیر قضاء لحق النعمة. وکف الاذى من کمال العقل وفیه راحة البدن عاجلا وآجلا».
یا هشام انّ العاقل لا یحدّث من یخاف تکذیبه ولا یسأل من یخاف منعه. ولا یعد مالا یقدر علیه. ولا یرجو ما یعنّف برجائه(39) ولا یتقدم على ما یخاف العجز عنه.
وکان أمیر المؤمنین(علیه السلام) یوصی أصحابه یقول: «أوصیکم بالخشیة من الله
فی السر والعلانیة، والعدل فی الرضا والغضب، والاکتساب فی الفقر والغنى، وأن تصلوا من قطعکم، وتعفوا عمّن ظلمکم، وتعطفوا على من حرمکم ولیکن نظرکم عبراً. وصمتکم فکراً. وقولکم ذکراً وطبیعتکم السخاء، فإنه لایدخل الجنة بخیل ولایدخل النار سخی».
یا هشام رحم الله من استحیا من الله حق الحیاء، فحفظ الرأس وما حوى(40) والبطن وما وعى، وذکر الموت والبلى، وعلم أنّ الجنة محفوفة بالمکاره(41) والنار محفوفة بالشهوات.
یا هشام من کف نفسه عن أعراض الناس أقاله الله عثرته یوم القیامة. ومن کف غضبه عن الناس کفّ الله عنه غضبه یوم القیامة.
یا هشام انّ العاقل لا یکذب وان کان فیه هواه.
یا هشام وجد فی ذؤابة(42) سیف رسول الله (صلى الله علیه وآله): انّ أعتى الناس على الله من ضرب غیر ضاربه وقتل غیر قاتله. ومن تولّى غیر موالیه فهو کافر بما أنزل الله على نبیّه محمد (صلى الله علیه وآله) ومن أحدث حدثا(43)، أو آوى محدثاً لم یقبل الله منه یوم القیامة صرفاً ولا عدلا.
یا هشام أفضل ما یتقرب به العبد الى الله بعد المعرفة به الصلاة، وبرّ الوالدین، وترک
الحسد والعجب والفخر.
یا هشام أصلح أیّامک الذی هو أمامک، فانظر أی یوم هو وأعدّ له الجواب، فانک موقوف ومسؤول. وخذ موعظتک من الدهر وأهله، فانّ الدهر طویلة قصیرة فاعمل کأنک ترى ثواب عملک لتکون أطمع فی ذلک. واعقل عن الله وانظر فی تصرف الدّهر وأحواله، فانّ ما هو آت من الدنیا، کما ولّى منها، فاعتبر بها.
وقال علی بن الحسین (علیهما السلام): «انّ جمیع ما طلعت علیه الشمس فی مشارق الارض ومغاربها بحرها وبرّها وسهلها وجبلها عند ولیّ من أولیاء الله وأهل المعرفة بحق الله کفیء الظلال ـ ثم قال (علیه السلام): أَوَلا حرّ یدع (هذه) اللمّاظة لاهلها(44) ـ یعنی الدنیا ـ فلیس لانفسکم ثمن إلاّ الجنّة فلا تبیعوها بغیرها، فإنّه من رضی من الله بالدنیا فقد رضی بالخسیس».
یا هشام انّ کل الناس یبصر النجوم ولکن لا یهتدی بها إلاّ من یعرف مجاریها ومنازلها. وکذلک أنتم تدرسون الحکمة ولکن لا یهتدی بها منکم إلاّ من عمل بها.
یا هشام انّ المسیح (علیه السلام) قال للحواریین: «یا عبید السوء یهولکم طول النّخلة»(45) وتذکرون شوکها ومؤونة مراقیها وتنسون طیب ثمرها ومرافقها(46) کذلک تذکرون مؤونة عمل الآخرة فیطول علیکم أمده(47) وتنسون ما تفضون الیه من نعیمها ونورها وثمرها. یا عبید السوء نقّوا القمح وطیّبوه وأدقّوا طحنه تجدوا طعمه ویهنئکم أکله، کذلک فأخلصوا الایمان وأکملوه تجدوا حلاوته وینفعکم غبّه(48)
بحقّ أقول لکم: لو وجدتم سراجاً یتوقد بالقطران(49) فی لیلة مظلمة لاستضأتم به ولم یمنعکم منه ریح نتنه. کذلک ینبغی لکم أن تأخذوا الحکمة ممن وجدتموها معه ولا یمنعکم منه سوء رغبته فیها.
یا عبید الدنیا بحق أقول لکم: لا تدرکون شرف الآخرة إلاّ بترک ما تحبون، فلا تنظروا بالتوبة غداً، فانّ دون غد یوماً ولیلةً وقضاء الله فیهما(50) یغدوا ویروح.
بحقّ أقول لکم: انّ من لیس علیه دین من الناس أروح وأقل همّاً ممّن علیه الدین وان أحسن القضاء، وکذلک من لم یعمل الخطیئة أروح هماً ممن عمل الخطیئة وان أخلص التوبة وأناب. وانّ صغار الذنوب ومحقراتها من مکائد ابلیس، یحقّرها لکم ویصغّرها فی أعینکم فتجتمع وتکثر فتحیط بکم.
بحقّ أقول لکم: انّ الناس فی الحکمة رجلان: فرجلٌ أتقنها بقوله وصدّقها بفعله. ورجل أتقنها بقوله وضیّعها بسوء فعله، فشتان بینهما، فطوبى للعلماء بالفعل وویل للعلماء بالقول.
یا عبید السوء اتّخذوا مساجد ربّکم سجوناً لاجسادکم وجباهکم. واجعلوا قلوبکم بیوتاً للتقوى ولا تجعلوا قلوبکم مأوىً للشهوات.
انّ أجزعکم عند البلاء لاشدّکم حبّاً للدنیا. وانّ أصبرکم على البلاء لازهدکم فی الدنیا.
یا عبید السوء لا تکونوا شبیهاً بالحداء الخاطفة(51) ولا بالثعالب الخادعة ولا بالذئاب
الغادرة ولا بالاُسُد العاتیة کما تفعل بالفرائس(52) کذلک تفعلون بالناس، فریقاً تخطفون وفریقاً تخدعون وفریقاً تغدرون بهم.
بحق أقول لکم: لا یغنی عن الجسد أن یکون ظاهره صحیحاً وباطنه فاسداً. کذلک لا تغنی أجسادکم التی قد أعجبتکم وقد فسدت قلوبکم. وما یغنی عنکم أن تنقّوا جلودکم وقلوبکم دنسة. لا تکونوا کالمنخل(53) یخرج منه الدقیق الطیب ویمسک النخالة. کذلک أنتم تخرجون الحکمة من أفواهکم ویبقى الغلّ فی صدورکم.
یا عبید الدنیا انّما مثلکم مثل السراج یضیء للناس ویحرق نفسه.
یابنی اسرائیل زاحموا العلماء فی مجالسهم ولو جثوّاً على الرکب(54)، فانّ الله یحیی القلوب المیتة بنور الحکمة کما یحیی الارض المیتة بوابل المطر(55)
یا هشام مکتوب فی الإنجیل «طوبى للمتراحمین، أولئک المرحمون یوم القیامة طوبى للمصلحین بین الناس، أولئک هم المقربون یوم القیامة، طوبى للمطهّرة قلوبهم، أولئک هم المتقون یوم القیامة، طوبى للمتواضعین فی الدنیا، أولئک یرتقون منابر الملک یوم القیامة».
یا هشام قلّة المنطق حکم عظیم، فعلیکم بالصمت، فانّه دعة حسنة وقلّة وزر وخفّة من الذنوب. فحصنوا باب الحلم، فانّ بابه الصبر، وانّ الله عزّوجلّ یبغض الضحّاک من غیر
عجب والمشّاء الى غیر أرب(56) ویجب على الوالی أن یکون کالراعی لا یغفل عن رعیته ولا یتکبر علیهم. فاستحیوا من الله فی سرائرکم، کما تستحیون من الناس فی علانیتکم. واعلموا انّ الکلمة من الحکمة ضالّة المؤمن، فعلیکم بالعلم قبل أن یرفع ورفعه غیبة عالمکم بین أظهرکم.
یا هشام تعلم من العلم ما جهلت. وعلّم الجاهل ممّا علّمت. عظّم العالم لعلمه ودع منازعته. وصغّر الجاهل لجهله ولا تطرده ولکن قرّبه وعلّمه.
یا هشام انّ کل نعمة عجزت عن شکرها بمنزلة سیئة تؤاخذ بها. وقال أمیر المؤمنین صلوات الله علیه: «انّ لله عباداً کسرت قلوبهم خشیته فأسکتتهم عن المنطق وانّهم لفصحاء عقلاء، یستبقون الى الله بالاعمال الزکیّة، لا یستکثرون له الکثیر ولا یرضون لهم من أنفسهم بالقلیل، یرون فی أنفسهم أنهم أشرار وأنهم لاکیاس وأبرار»(57)
یا هشام الحیاء من الإیمان، والإیمان فی الجنّة والبذاء من الجفاء(58) والجفاء فی النار.
یا هشام المتکلّمون ثلاثة: فرابح وسالم وشاجب(59)، فأما الرابح فالذاکر لله وأمّا السالم فالساکت، وأمّا الشاجب فالذی یخوض فی الباطل، انّ الله حرّم الجنة على کلّ فاحش بذیء قلیل الحیاء لا یبالی ما قال ولا ما قیل فیه. وکان أبو ذرّ ـ رضی الله عنه ـ یقول: «یا مبتغی العلم انّ هذا اللسان مفتاح خیر ومفتاح شر، فاختم على فیک کما تختم على ذهبک وورقک».
یا هشام بئس العبد یکون ذا وجهین وذا لسانین، یطری أخاه إذا شاهده(60) ویأکله إذا غاب عنه، إنّ أُعطی حسده وان ابتلی خذله. انّ اسرع الخیر ثواباً البرّ، وأسرع الشر عقوبة البغی. وانّ شر عباد الله من تکره مجالسته لفحشه. وهل یکبّ الناس على مناخرهم فی النار إلاّ حصائد السنتهم. ومن حسن اسلام المرء ترک ما لا یعنیه.
یا هشام لا یکون الرجل مؤمناً حتى یکون خائفاً راجیاً. ولا یکون خائفاً راجیاً حتى یکون عاملا لما یخاف ویرجو.
یا هشام قال الله جلّ وعزّ: وعزّتی وجلالی وعظمتی وقدرتی وبهائی وعلوّی فی مکانی لا یؤثر عبد هوای على هواه إلاّ جعلت الغنى فی نفسه. وهمّه فی آخرته. وکففت علیه (فی) ضیعته(61) وضمّنت السماوات والأرض رزقه وکنت له من وراء تجارة کلّ تاجر.
یا هشام الغضب مفتاح الشر وأکمل المؤمنین ایماناً أحسنهم خلقاً، وان خالطت الناس فان استطعت ان لا تخالط أحداً منهم إلاّ من کانت یدک علیه العلیا(62) فافعل.
یا هشام علیک بالرفق، فانّ الرفق یُمنٌ والخرق شُؤمٌ، انّ الرفق والبرّ وحسن الخلق یعمر الدّیار ویزید فی الرزق.
یا هشام قول الله: (هل جزاء الاحسان إلاّ الاحسان)(63) جرت فی المؤمن والکافر والبرّ والفاجر. من صنع الیه معروف فعلیه أن یکافئ به، ولیست المکافأة أن تصنع کما صنع حتى ترى فضلک، فان صنعت کما صنع فله الفضل بالابتداء(64)
یا هشام انّ مثل الدنیا مثل الحیّة مسّها لیّن وفی جوفها السمّ القاتل، یحذرها الرّجال ذوو العقول ویهوی الیها الصّبیان بأیدیهم.
یا هشام اصبر على طاعة الله واصبر عن معاصی الله، فانّما الدنیا ساعة، فما مضى منها فلیس تجد له سروراً ولا حزناً، وما لم یأت منها فلیس تعرفه، فاصبر على تلک الساعة التی انت فیها فکأنک قد اغتبطت(65)
یا هشام مثل الدنیا مثل ماء البحر کلّما شرب منه العطشان ازداد عطشاً حتى یقتله.
یا هشام ایّاک والکبر، فانّه لا یدخل الجنة من کان فی قلبه مثقال حبة من کبر. الکبر رداء الله، فمن نازعه رداءه أکبّه الله فی النار على وجهه.
یا هشام لیس منا من لم یحاسب نفسه فی کّل یوم، فإن عمل حسناً استزاد منه.وان عمل سیئاً استغفر الله منه وتاب الیه.
یا هشام تمثلت الدنیا للمسیح (علیه السلام) فی صورة امرأة زرقاء فقال لها: کم تزوجت؟ فقالت: کثیراً، قال: فکلّ طلّقک؟ قالت: لا بل کلا قتلتُ. قال المسیح (علیه السلام): فویحٌ لازواجک الباقین، کیف لا یعتبرون بالماضین.
یا هشام انّ ضوء الجسد فی عینه، فإن کان البصر مضیئاً استضاء الجسد کله. وإنّ ضوء الروح العقل، فإذا کان العبد عاقلا کان عالما بربه واذا کان عالما بربه أبصر دینه. وان کان جاهلا بربه لم یقم له دین. وکما لا یقوم الجسد إلاّ بالنفس الحیّة، فکذلک لا یقوم الدین إلاّ بالنیّة الصادقة، ولا تثبت النیّة الصادقة إلاّ بالعقل.
یا هشام انّ الزّرع ینبت فی السهل ولا ینبت فی الصفا(66) فکذلک الحکمة تعمر فی قلب المتواضع ولا تعمر فی قلب المتکبّر الجبّار، لانّ الله جعل التواضع آلة العقل وجعل
التکبّر من آله الجهل، ألم تعلم أنّ من شمخ إلى السقف(67) برأسه شجّه(68) ومن خفض رأسه استظلّ تحته وأکنّه. وکذلک من لم یتواضع لله خفضه الله ومن تواضع لله رفعه.
یا هشام ما أقبح الفقر بعد الغنى، وأقبح الخطیئة بعد النسک، وأقبح من ذلک العابد لله ثم یترک عبادته.
یا هشام لا خیر فی العیش الا لرجلین: لمستمع واع، وعالم ناطق.
یا هشام ما قسّم بین العباد أفضل من العقل، نوم العاقل أفضل من سهر الجاهل وما بعث الله نبیاً إلاّ عاقلا حتى یکون عقله أفضل من جمیع جهد المجتهدین وما أدّى العبد فریضة من فرائض الله حتى عقل عنه(69)
یا هشام قال رسول الله (صلَّى الله علیه وآله): «اذا رأیتم المؤمن صموتاً فادنوا منه، فإنه یلقی الحکمة. والمؤمن قلیل الکلام کثیر العمل والمنافق کثیر الکلام قلیل العمل».
یا هشام أوحى الله تعالى إلى داود (علیه السلام) قل لعبادی: لا یجعلوا بینی وبینهم عالماً مفتوناً بالدنیا فیصدهم عن ذکری وعن طریق محبتی ومناجاتی، أولئک قطاع الطریق من عبادی، انّ أدنى ما أنا صانع بهم أن انزع حلاوة محبتی ومناجاتی من قلوبهم.
یا هشام من تعظّم فی نفسه لعنته ملائکة السماء وملائکة الارض. ومن تکبّر على اخوانه واستطال علیهم فقد ضاد الله(70) ومن ادعى ما لیس له فهو (أ) عنی لغیر رشده(71)
یا هشام أوحى الله تعالى الى داود (علیه السلام) یا داود حذّر، وأنذر أصحابک عن حبّ الشهوات، فإنّ المعلقة قلوبهم بشهوات الدنیا قلوبهم محجوبة عنّی.
یا هشام ایّاک والکبر على أولیائی والاستطالة بعلمک فیمقتک الله، فلا تنفعک بعد مقته دنیاک ولا آخرتک. وکن فی الدنیا کساکن دار لیست له، انّما ینتظر الرحیل.
یا هشام مجالسة أهل الدین شرف الدنیا والآخرة. ومشاورة العاقل الناصح یُمنٌ وبرکة ورشد وتوفیق من الله، فإذا أشار علیک العاقل الناصح فإیّاک والخلاف فإنّ فی ذلک العطب(72)
یا هشام ایّاک ومخالطة الناس والانس بهم إلاّ أن تجد منهم عاقلا ومأموناً فآنس به واهرب من سایرهم کهربک من السباع الضاریة(73) وینبغی للعاقل اذا عمل عملا أن یستحیی من الله. واذا تفردّ له بالنعم ان یشارک فی عمله أحداً غیره(74) واذا مرّ بک أمران لا تدری أیهما خیرٌ وأصوب، فانظر أیهما أقرب الى هواک فخالفه، فانّ کثیر الصواب فی مخالفة هواک. وایّاک أن تغلب الحکمة وتضعها فی أهل الجهالة(75) قال هشام: فقلت له: فان وجدت رجلا طالباً له غیر أن عقله لا یتّسع لضبط ما القی الیه؟
قال (علیه السلام): فتلطّف له بالنصیحة، فإن ضاق قلبه (فـ)ـلا تعرضنّ نفسک للفتنة، واحذر ردّ المتکبرین، فانّ العلم یُذِلُّ على أن یملى على من لا یفیق(76) قلت: فان لم أجد من یعقل السؤال عنها؟ قال (علیه السلام): فاغتنم جهله عن السؤال حتى تسلم من فتنة القول وعظیم فتنة الردّ. واعلم انّ الله لم یرفع المتواضعین بقدر تواضعهم ولکن رفعهم بقدر عظمته ومجده. ولم یؤمنّ الخائفین بقدر خوفهم ولکن آمنهم بقدر کرمه وجوده.ولم یفرّح
المحزونین بقدر حزنهم ولکن بقدر رأفته ورحمته، فما ظنک بالرؤوف الرحیم الذی یتودّد الى من یؤذیه بأولیائه فکیف بمن یؤذى فیه، وما ظنک بالتواب الرحیم الذی یتوب على من یعادیه، فکیف بمن یترضاه(77) ویختار عداوة الخلق فیه.
یا هشام من أحبّ الدنیا ذهب خوف الآخرة من قلبه وما أوتی عبدٌ علماً فازداد للدنیا حباً إلاّ ازداد من الله بعداً وازداد الله علیه غضباً.
یا هشام انّ العاقل اللّبیب من ترک ما لا طاقة له به، وأکثر الصواب فی خلاف الهوى. ومن طال أمله ساء عمله.
یا هشام لو رأیت مسیر الأجل لالهاک عن الأمل.
یا هشام ایّاک والطمع، وعلیک بالیأس مما فی أیدی الناس. وأمت الطمع من المخلوقین، فانّ الطمع مفتاح للذل واختلاس العقل واخلاق المروات(78) وتدنیس العرض، والذهاب بالعلم، وعلیک بالاعتصام بربّک والتوکل علیه. وجاهد نفسک لتردّها عن هواها، فإنّه واجب علیک کجهاد عدوّک.
قال هشام: فقلت له فأَیّ الاعداء أوجبهم مجاهدة؟ قال (علیه السلام): أقربهم الیک وأعداهم لک وأضرّهم بک وأعظمهم لک عداوة وأخفاهم لک شخصاً مع دنوه منک، ومن یحرّض أعداءک علیک وهو ابلیس الموکّل بوسواس القلوب فله فلتشتد عداوتک ولا یکونن أصبر على مجاهدته لهلکتک منک على صبرک لمجاهدته، فإنّه أضعف منک رکناً فی قوّته(79) وأقلّ منک ضرراً فی کثرة شرّه. إذا أنت اعتصمت بالله فقد هدیت الى صراط مسقیم.
یا هشام من أکرمه الله بثلاث فقد لطف به: عقل یکفیه مؤونة هواه وعلم یکفیه مؤونة جهله وغنى یکفیه مخافة الفقر.
یا هشام احذر هذه الدنیا واحذر أهلها، فانّ الناس فیها على أربعة أصناف: رجل متردّ معانق لهواه. ومتعلم متقرّى کلما ازداد علماً ازداد کبراً، یستعلی بقراءته وعلمه على من هو دونه، وعابد جاهل یستصغر من هو دونه فی عبادته یحبّ أن یعظّم ویوفّر. وذی بصیرة عالم عارف بطریق الحق یحب القیام به، فهو عاجزٌ أو مغلوب ولا یقدر على القیام بما یعرفـ) ـه (فهو محزون مغموم بذلک، فهو أمثل أهل زمانه(80) وأوجههم عقلا.
یا هشام اعرف العقل وجنده، والجهل وجنده تکن من المهتدین، قال هشام: فقلت: جعلت فداک لا نعرف إلاّ ما عرّفتنا.
یا هشام انّ الله خلق العقل وهو أوّل خلق خلقه الله من الروحانیّین(81) عن یمین العرش من نوره فقال له: أدبر، فأدبر ثم قال له: أقبل فأقبل. فقال الله جلّ وعزّ: خلقتک خلقاً (عظیماً) وکرّمتک على جمیع خلقی. ثم خلق الجهل من البحر الاجاج الظلمانی، فقال له: أدبر، فأدبر ثم قال له: أقبل،فلم یقبل فقال له: استکبرت فلعنه، ثم جعل للعقل خمسة وسبعین جنداً، فلمّا رأى الجهل ما کرّم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة، فقال الجهل: یا ربّ هذا خلق مثلی خلقته و کرّمته وقوّیته وأنا ضده ولا قوّة لى به أعطنی من الجند مثل ما أعطیته فقال تبارک وتعالى، نعم، فان عصیتنی بعد ذلک أخرجتک وجندک من جواری ومن رحمتی، فقال: قد رضیت. فأعطاه الله خمسة وسبعین جنداً فکان مما أعطى العقل من الخمسة والسبعین جنداً: الخیر وهو وزیر العقل وجعل ضدّه الشر وهو وزیر الجهل.
الإیمان، الکفر. التصدیق، التکذیب. الاخلاص، النفاق.
الرجاء، القنوط. العدل، الجور. الرضى، السخط.
الشکر، الکفران. الیأس، الطمع. التوکل، الحرص.
الرأفة، الغلظة. العلم، الجهل. العفة، التهتک.
الزهد، الرغبة. الرفق، الخرق. الرهبة، الجرأة.
التواضع، الکبر. التؤدة، العجلة. الحلم، السفه.
الصمت، الهذر. الاستسلام، الاستکبار. التسلیم، التجبر.
العفو، الحقد. الرحمة، القسوة. الیقین، الشک.
الصبر، الجزع. الصفح، الانتقام. الغنى، الفقر.
التفکّر، السهو. الحفظ، النسیان. التواصل، القطیعة.
القناعة، الشره. المؤاساة، المنع. المودة، العداوة.
الوفاء، الغدر. الطاعة، المعصیة. الخضوع، التطاول.
السلامة، البلاء. الفهم، الغباوة. المعرفة، الانکار.
المداراة، المکاشفة. سلامة الغیب، المماکرة. الکتمان، الافشاء.
البرّ، العقوق. الحقیقة، التسویف. المعروف، المنکر.
التقیة، الاذاعة. الانصاف، الظلم. التقى، الحسد.
النظافة، القذر. الحیاء، القحة. القصد، الاسراف.
الراحة، التعب. السهولة، الصعوبة. العافیة، البلوى.
القوام، المکاثرة. الحکمة، الهوى. الوقار، الخفة.
السعادة، الشقاء. التوبة، الاصرار. المحافظة، التهاون.
الدعاء، الاستنکاف. النشاط، الکسل. الفرح، الحزن.
الالفة، الفرقة. السخاء، البخل. الخشوع، العجب.
صون الحدیث النمیمة. الاستغفار، الاغترار. الکیاسة، الحمق.
یا هشام لا تُجمعُ هذه الخصال إلاّ لنبیّ أو وصیّ أو مؤمن امتحن الله قلبه للإیمان. وأما سایر ذلک من المؤمنین فإنّ أحدهم لا یخلو من أن یکون فیه بعض هذه الجنود من أجناد العقل حتى یستکمل العقل ویتخلص من جنود الجهل. فعند ذلک یکون فی الدرجة العلیا مع الأنبیاء والأوصیاء(علیهم السلام) وفّقنا الله وإیّاکم لطاعته(82)
1) الکافی: 1 / 62.
2) الاختصاص: 281.
3) المحاسن: 1 / 205، وبحار الأنوار: 2 / 122.
4) المحاسن: 1 / 214.
5) اُصول الکافی: 1 / 56.
6) الزمر (39): 17 ـ 18.
7) البقرة (2): 163 ـ 164.
8) النحل (16): 12.
9) الزخرف (43): 1 ـ 3.
10) الروم (30): 24.
11) الأنعام (6): 32.
12) القصص (28): 60.
13) الصافات (37): 137 ـ 138.
14) العنکبوت (29): 43.
15) البقرة (2): 170.
16) الأنفال (8): 22.
17) لقمان (31): 25.
18) الأنعام (6): 116.
19) الأنعام (6): 37.
20) مضمون مأخوذ من آى القرآن.
21) سبأ (34): 13.
22) ص (38): 24.
23) هود (11): 40.
24) البقرة (2): 269.
25) ق (50): 37.
26) لقمان (31): 11.
27) العَیلة: الفاقة.
28) نصب ـ من باب ضرب على صیغة المجهول ـ بمعنى وضع أو من باب التفعیل من نصب الامیر فلاناً ولاّه منصباً.
29) اعتقد الشیء: نقیض حله.
30) آل عمران (3): 7.
31) الکفر فی الاعتقاد والشر فی القول والعمل والکل ینشأ من الجهل.
32) الرشد فی الاعتقاد والخیر فی القول والکل ناشئ من العقل.
33) أی ملاک الامر وتمامه فی أن یکون الانسان کاملا تام العقل هو کونه متصفاً بمجموعة هذه الخصال.
34) لا تمنحوا الجهال أی لا تعطوهم ولا تعلموهم. والمنحة: العطاء.
35) معادلاً وموازیاً فی الخطر أی القدر والرفعة.
36) ههنا کلام نقله صاحب الوافی عن استاذه ـ رحمهما الله ـ قال: وذلک لأن الابدان فی التناقص یوماً فیوماً لتوجه النفس منها الى عالم آخر فان کانت النفس سعیدة کانت غایة سعیه فی هذه الدنیا وانقطاع حیاته البدنیّة الى الله سبحانه والى نعیم الجنة لکونه على منهج الهدایة والاستقامة فکأنه باع بدنه بثمن الجنة معاملة مع الله تعالى ولهذا خلقه الله عزّ وجلّ وان کانت شقیّة کانت غایة سعیه وانقطاع أجله وعمره الى مقارنة الشیطان وعذاب النیران لکونه على طریق الضلالة فکأنه باع بدنه بثمن الشهوات الفانیة واللذات الحیوانیة التی ستصیر نیراناً محرقة مؤلمة وهی الیوم کامنة مستورة عن حواسّ أهل الدنیا وستبرز یوم القیامة (وبرّزت الجحیم لمن یرى) معاملة مع الشیطان وخسر هنالک المبطلون.
37) الزمر (39): 12.
38) اى استنماؤه بالکسب والتجارة.
39) التعنیف: اللؤم والتوبیخ والتقریع. والمراد انّ العاقل لا یرجو فوق مایستحقه وما لم یستعدّه.
40) (وما حوى) أى ما حواه الرأس من الاوهام والافکار بأن یحفظها ولا یبدیها ویمکن أن یکون المراد ما حواه الرأس من العین والاذن وسائر المشاعر بأن یحفظها عمّا یحرم علیه. وما وعى أى ما جمعه من الطعام والشراب بأن لا یکون من حرام. والبلى ـ بالکسر ـ: الاندراس والاضمحلال.
41) هذا الکلام مشهور معروف بین الفریقین متواتر منقول عن النبی وأهل بیته صلوات الله علیهم. والمحفوفة: المحیطة. والمکاره: جمع مکرهة -بفتح الراء وضمّها-: مایکرهه الانسان ویشق علیه. والمراد أن الجنة محفوفة بما یکره النفس من الاقوال والافعال فتعمل بها، فمن عمل بها دخل الجنة، والنار محفوفة بلذات النفس وشهواتها، فمن أعطى نفسه لذّتها وشهوتها دخل النار.
42) الذؤابة من کل شیء: أعلاه. ومن السیف: علاقته. ومن السوط: طرفه. ومن الشعر: ناصیته. وعتا یعتو عتوا، وعتى یعتى عتیاً بمعنى واحد ای استکبر وتجاوز الحدّ، والعتو: الطغیان والتجاوز عن الحدود والتجبّر.
43) الحدث: الأمر الحادث الذى لیس بمعتاد ولا معروف فی السنّة.
44) اللمّاظة ـ بالضم ـ: بقیة الطعام فی الفم. وأیضاً بقیة الشیء القلیل. والمراد بها هنا الدنیا.
45) یهولکم أی یفزعکم وعظم علیکم.
46) مؤونة المراقی: شدة الارتقاء، والمرافق: المنافع وهی جمع مرفق ـ بالفتح ـ: ما انتفع به.
47) الامد: الغایة ومنتهى الشیء، یقال: طال علیهم الامد أی الأجل. والنور ـ بالفتح ـ: الزهرة.
48) الغبّ ـ بالکسر ـ: العاقبة، وأیضا بمعنى البعد.
49) القطران ـ بفتح القاف وسکون الطاء وکسرها أو بکسر القاف وسکون الطاء ـ: سیّال دهنی شبیه النفط، یتخذ بعض الاشجار کالصنوبر والارز فیهنأ به الابل الجربى ویسرع فیه اشعال النار. وقوله: (نتنه) أى خبت رائحته.
50) کنایة عن الموت فإنه یأتی فی الغداة والرواح.
51) الحداء ـ بالکسر ـ: جمع حدأة ـ کعنبه ـ: طائر من الجوارح وهو نوع من الغراب یخطف الاشیاء والخاطفة من خطف الشیء یخطف کعلم یعلم ـ: استلبه بسرعة والغادرة: الخائنة والعاتی: الجبّار.
52) الفریسة: ما یفترسه الاسد ونحوه.
53) المنخل ـ بضم المیم والخاء أو بفتح الخاء ـ: ما ینخل به. والنخالة ـ بالضم ـ: ما بقی فی المنخل من القشر ونحوه.
54) جثا یجثو وجثى یجثی: جلس على رکبتیه أو قام على أطراف الاصابع. وفی بعض النسخ (حبواً) أیپ زحفاً على الرکب من حبا یحبو وحبى یحبی: اذا مشى على أربع.
55) الوابل: المطر الشدید الضخم القطر.
56) المشاء: الکثیر المشی. وأیضا النمام والمراد ههنا الاول. والارب ـ بفتحتین ـ: الحاجة. وفی بعض النسخ (الى غیر أدب).
57) الاکیاس: جمع کیّس ـ کسیّد ـ الفطن، الظریف، الحسن الفهم والادب.
58) البذاء: الفحش. والبذى ـ على فعیل ـ: السفیه والذی أفحش فی منطقه.
59) الشاجب: الهذّاء المکثار أی کثیر الهذیان وکثیر الکلام. وأیضاً الهالک وهو الانسب.
60) أی یحسن الثناء وبالغ فی مدحه اذا شاهده: ویعیبه بالسوء ویذمّه اذا غاب.
61) الضیعة ـ بالفتح ـ: هذا من قبیل تسمیة الشیء باسم ضدّه کالمفازة للصحراء التی یخاف فیها الهلاک، فالضیعة هنا یعنی موطن الإنسان کما لازال یستعمل بهذا المعنى فی عامّة بلاد الشام. وکففت علیه أی رزقته الکِفاف وهو فی وطنه غیر مسافر فی طلب الرزق.
62) الید العلیا: المعطیة المتعلقة.
63) الرحمن (55): 60.
64) أی له الفضیلة بسبب ابتدائه بالاحسان، فهو أفضل منک.
65) اغتبط: کان فی مسرة وحسن حال.
66) الصفا: الحجر الصلد الضخم.
67) شمخ ـ من باب منع ـ: علا ورفع.
68) أی کسره وجرحه.
69) أی عرفه إلى حدّ التعقل.
70) استطال علیهم: أى تفضل علیهم.
71) عنی ـ بصیغة المجهول أو المعلوم ـ بالأمر کلّف ما یشقّ علیه. وفی بعض النسخ (أعنى لغیره) أی یدخل غیره فی العناء والتعب. هذا ویحتمل أن یکون الأصل (فهو لغیّ لغیر رشدة) فصحّف.
72) العطب: الهلاک.
73) الضاری: الحیوان السبع، من ضرّ الکلب بالصید یضرو: تعودّه وأولع به. وأیضا: تطعم بلحمه ودمه.
74) أی إذا اختص العاقل بنعمة ینبغی له أن یشارک غیره فی هذه النعمة بأن یعطیه منها.
75) قال المجلسی (رحمه الله) کأنّ فیه حذفاً وایصالا أی تغلب على الحکمة أی یأخذها منک قهراً من لا یستحقها بأن یقرأ على صیغة المجهول أو على المعلوم أی تغلب على الحکمة فانها تأبى عمّن لا یستحقها. ویحتمل أن یکون بالفاء والتاء من الافلات بمعنى الاطلاق فانهم یقولون: انفلت منی کلام أی صدر بغیر رویّة.
76) الافاقة: الرجوع عن الکسر والاغماء والغفلة الى حال الاستقامة.
77) یترضّاه: أی یطلب رضاه.
78) الاختلاق: الافتراء. وفی بعض النسخ (واخلاق) والظاهر أنه جمع خلق ـ بالتحریک ـ أی البالی. والعرض: النفس والخلیقة المحمودة ـ وأیضا: ما یفتخر الانسان من حسب وشرف.
79) الرکن: العزّ والمنعة. وأیضا: ما یقوى به. والأمر العظیم. أی لا یکن صبره فی المجاهدة أقوى منک. فانک إذا کنت على الاستقامة فی مخالفته یکون مع قوّته أضعف منک رکناً وضرراً.
80) الامثل: الافضل.
81) أی هو أول مخلوق من المنسوبین الى الروح فی مدینة بنیة الانسان المتمرکزین بأمر الربّ والسلطان فی مقرّ الحکومة العقلیة. فهو أولّها ورأسها ثم یوجد بعده وبسببه جنداً فجنداً إلى أن یکمل للانسان جودة العقل.
82) بحار الأنوار: 75 / 296 ـ 319.