والأسباب التی أدّت الى الثورة عدیدة، نذکر منها سببین:
الأوّل: الاضطهاد والإذلال الذى مارسه الخلفاء العبّاسیون ضد العلویین واستبداد موسى الهادی على وجه الخصوص.
الثانی: الولاة الذین عیّنهم موسى الهادی على المدینة مثل تعیینه اسحاق ابن عیسى بن علی الذى استخلف علیها رجلا من ولد عمر بن الخطاب یعرف بعبد العزیز.
وقد بالغ هذا الأثیم فی اذلال العلویین وظلمهم فالزمهم بالمثول عنده کل یوم، وفرض علیهم الرقابة الشخصیة فجعل کل واحد منهم یکفل صاحبه
بالحضور، وقبضت شرطته على کل من الحسن بن محمد بن عبدالله بن الحسن، ومسلم بن جندب وعمر بن سلام، وادّعت الشرطة انها وجدتهم على شراب فأمر بضربهم، وجعل فی أعناقهم حبالا، وأمر أن یطاف بهم فی الشوارع لیفضحهم(1)
وفی سنة (169 هـ) عزم الحسین بن علی ـ صاحب فخ ـ على الخروج وفاتح الإمام موسى الکاظم(علیه السلام) بالأمر وطلب منه المبایعة فقال له الإمام(علیه السلام): «یا ابن عم لا تکلّفنی ماکلّف ابن عمک، عمک أبا عبدالله فیخرج منی ما لا أرید، کما خرج من أبی عبدالله ما لم یکن یرید». فقال له الحسین: إنّما عرضت علیک أمراً فان أردته دخلت فیه. وان کرهته لم أحملک علیه والله المستعان، ثم ودّعه.
فجمع الحسین أصحابه مثل یحیى، وسلیمان، وادریس بن عبدالله بن الحسن، وعبد الله بن الحسن الافطس وغیرهم.
فلما أذّن المؤذن الصبح دخلوا المسجد ونادوا أحد أحد، وصعد الافطس المنارة، وأجبر المؤذّن على قول: حیّ على خیر العمل وصلى الحسین بالناس الصبح.
فخطب بعد الصلاة وبایعه الناس، وبعد أن استولى على المدینة توجّه نحو مکة وبعد أن وصل الى (فخ) فعسکر فیه وکان معه (300) مقاتل ولحقته الجیوش العبّاسیة وبعد صراع رهیب استشهد الحسین وأصحابه وأرسلت رؤوس الأبرار الى الطاغیة موسى الهادی، ومعهم الأسرى وقد قیّدوا بالحبال والسلاسل ووضعوا فی أیدیهم وأرجلهم الحدید، وأمر الطاغیة بقتلهم فقتلوا صبراً وصلبوا على باب الحبس(2)
1) بحار الأنوار: 48 / 161 عن الاصفهانی فی مقاتل الطالبیین.
2) تاریخ الطبری: 10 / 29 وبحار الأنوار: 48 / 161 ـ 165 عن مقاتل الطالبیین.