جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

المجال السیاسی (1)

زمان مطالعه: 4 دقیقه

قام الإمام (علیه السلام) بتوضیح موقفه تجاه الخلفاء والخلافة للاُمة، وان کلفه الموقف ثمناً قد یؤدّی بحیاته.

لقد کان هذا التحرک من الإمام(علیه السلام) لئلا یتسرّب الفهم الخاطئ للنفوس ویکون تقریراً منه للوضع الحاکم أو یُتخذ سکوته ذریعة لتبریر المواقف الانهزامیة.

من هنا نجد للإمام (علیه السلام) المواقف التالیة:

الموقف الأول: لقد ذکرنا بأن المهدی العباسی عند تسلّمه زمام الحکم من أبیه المنصور أبدى سیاسة مرنة مع العلویین أراد بها کسبهم وحاول أن ینسب من خلالها المظالم العبّاسیة الى العهد البائد، ویوحی من جانب قوة الخلافة وشرعیتها وعدالتها عندما أعلن اعادة حقوق العلویین لهم وأصدر عفواً عاماً للمسجونین، وأرجع أموال الإمام الصادق(علیه السلام) الى الإمام الکاظم (علیه السلام).

من هنا وجد الإمام (علیه السلام) فرصته الذهبیة لاستغلال هذه البادرة فبادر بمطالبة المهدی بارجاع فدک باعتبارها تحمل قیمة سیاسیة ورمزاً للصراع التأریخی بین خط السقیفة وخط أهل البیت (علیهم السلام).

فدخل على المهدی فرآه مشغولا بردّ المظالم فقال له الإمام (علیه السلام): «ما بال مظلمتنا لا ترد؟!

فقال المهدی: وما ذاک یا أبا الحسن؟ قال: إنّ الله تبارک وتعالى لمّا فتح على نبیّه(صلى الله علیه وآله) فدک وماوالاها لم یوجف علیه بخیل ولا رکاب فأنزل الله على نبیه (صلى الله علیه وآله): (وآت ذا القربى حقه)(1) فلم یدر رسول الله (صلى الله علیه وآله) من هم؟ فراجع فی ذلک جبرئیل وراجع جبرئیل(علیه السلام) ربّه فأوحى الله الیه: ان ادفع فدک إلى فاطمة (علیها السلام).

فدعاها رسول الله(صلى الله علیه وآله) فقال لها: یا فاطمة إنّ الله أمرنی أن أدفع إلیک فدک، فقالت: قد قبلت یا رسول الله من الله ومنک. فلم یزل وکلاؤها فیها فی حیاة رسول الله(صلى الله علیه وآله)، فلمّا ولّى أبو بکر أخرج عنها وکلاءها فأتته فسألته أن یردّها علیها فقال لها: ایتینی بأسود أو أحمر یشهد بذلک، فجاءت بأمیر المؤمنین(علیه السلام) وأم أیمن فشهدا لها، فکتب لها بترک التعرّض فخرجت والکتاب معها. فلقیها عمر فقال: ماهذا معک یا بنت محمد؟ قالت: کتاب کتبه لی ابن أبی قحافة، قال: أرینیه فأبت، فانتزعه من یدها ونظر فیه ثم تفل فیه ومحاه وخرقه، فقال لها: هذا لم یوجف علیه أبوک بخیل ولا رکاب فضعی الجبال فی رقابنا.

فقال له المهدی: حدّها لی.

فقال(علیه السلام): حدّ منها جبل احد، وحد منها عریش مصر، وحد منها سیف البحر، وحدّ منها دومة الجندل.

فقال المهدی: کل هذه حدود فدک؟!

فقال له الإمام(علیه السلام): نعم یا أمیر المؤمنین هذا کلّه، إنّ هذا کله ممّا لم یوجف أهله على رسول الله بخیل ولا رکاب.

فتغیّر المهدی وبدا الغضب على وجهه حیث أعلن له الإمام(علیه السلام): أنّ جمیع أقالیم العالم الإسلامی قد اخذت منهم، فانطلق قائلا: هذا کثیر وأنظر فیه»(2)

الموقف الثانی: فی هذه المرحلة کان الإمام(علیه السلام) حریصاً على تماسک الوجود الشیعی فی وسط المجتمع الإسلامی ووحدة صفه، لان الظروف الصعبة، تشکّل فرصة لنفوذ النفوس الضعیفة والحاقدة بقصد التخریب.

وظاهرة القرابة والمحسوبیة کانت أهم الرکائز التی اعتمد علیها بناء الحکم العبّاسی، وکانت هی الحاکمة فوق کل المقاییس.

لذا نجد موقف الإمام(علیه السلام) من خطورة هذه الظاهرة کان حاسماً، إذ نراه یعلن عن مقاطعة عمّه محمّد بن عبدالله الأرقط أمام الناس تطهیراً للوجود الشیعی من أیّ عنصر مضر مهما کان نسبه قریباً من الإمام(علیه السلام)، فلم یسمح له بالتسلق وصولا للمواقع أو استغلالا لها.

فعن عمر بن یزید قال: کنت عند أبی الحسن (علیه السلام) فذکر محمد بن عبدالله الأرقط فقال: «انی حلفت ان لا یظلّنی وإیّاه سقف بیت.

فقلت فی نفسی: هذا یأمر بالبرّ والصلة ویقول هذا لعمّه!

قال: فنظر الیّ فقال: هذا من البر والصلة، انّه متى یأتینی ویدخل علیّ فیقول

یصدّقه الناس واذا لم یدخل علیّ، لم یقبل قوله إذا قال»(3)

وزاد فی روایة ابراهیم بن المفضّل بن قیس: «فاذا علم الناس أن لا اُکلّمه لم یقبلوا منه وأمسک عن ذکرى فکان خیراً له»(4)

الموقف الثالث: هو موقف الإمام الکاظم(علیه السلام) من ثورة الحسین بن علی ابن الحسن ـ صاحب ثورة فخ ـ بن الحسن المثنى ابن الحسن المجتبى(علیه السلام).

إن الإمام الکاظم (علیه السلام) بالرغم من امتداد شیعة أبیه فی أرجاء العالم الإسلامی لم یعمل فی هذه المرحلة بصیغة المواجهة المسلّحة طیلة أیام حیاته، حتى أعلن عن موقفه هذا من حکومة المهدی عندما حبسه المهدی ورأى الإمام علیاً(علیه السلام) فی عالم الرؤیا وقصّ رؤیاه على الإمام(علیه السلام) وقرر إطلاق سراحه، قال له: أفتؤمننی أن تخرج علیّ أو على أحد من ولدی؟ فقال الإمام(علیه السلام): «والله لا فعلت ذلک ولا هو من شأنی»(5)

وهذا الموقف للإمام (علیه السلام) بقی کما هو مع حکومة موسى الهادی لأسباب موضوعیة سبقت الاشارة الى بعضها إلاّ أن الإمام (علیه السلام) مارس دور الاسناد والتأیید لثورة الحسین ـ صاحب فخ ـ من أجل تحریک

ضمیر الاُمة والارادة الإسلامیة ضد التنازل المطلق عن شخصیتها وکرامتها للحکام المنحرفین.

ولمّا عزم الحسین على الثورة قال له الإمام (علیه السلام): «إنّک مقتول فأحدّ الضراب فإنّ القوم فسّاق یظهرون إیماناً ویضمرون نفاقاً وشرکاً فإنّا لله وإنّا إلیه راجعون

وعند الله أحتسبکم من عُصبة»(6)

ولمّا سمع الإمام الکاظم بمقتل الحسین رضی الله عنه بکاه وأبّنه بهذه الکلمات: «إنّا لله وإنا إلیه راجعون، مضى والله مسلماً صالحاً، صوّاماً قوّاماً، آمراً بالمعروف، ناهیاً عن المنکر، ما کان فی أهل بیته مثله»(7)


1) الإسراء (17): 26.

2) اُصول الکافی: 1 / 543 ح2، بحار الأنوار: 48 / 156. ونقل السبط فی تذکرة الخواص: 314 عن ربیع الأبرار للزمخشری: أن ذلک لم یکن من المهدی بل من هارون کان یقول لموسى الکاظم: خذ فدکاً، وهو یمتنع ویقول: إنّ حددتها لم تردها، فلمّا ألحّ علیه قال: ما أخذها إلاّ بحدودها، قال: وما حدودها؟ فقال… فعند ذلک استلفى أمره وعزم على قتله.

3) بحار الأنوار: 48 / 160 عن بصائر الدرجات: 64 ب 10 ح 5.

4) بحار الأنوار: 48 / 159 عن قرب الاسناد: 232 ح 1174.

5) تاریخ بغداد، وعنه فی تذکرة الخواص: 311 ومطالب السؤول لابن طلحة الشافعی: 83 وعن الجنابذی فی کشف الغمة: 3 / 2 ـ 3 وعنه فی بحار الأنوار: 48 / 148 ح 22.

6) اُصول الکافی: 1 / 366 وعنه فی بحار الأنوار: 48 / 161، ح 6.

7) بحار الأنوار: 48 / 165 عن مقاتل الطالبیین لأبی الفرج الاصفهانی.