ومن الاسالیب التی استخدمتها السلطات العبّاسیة عامة والمنصور بشکل خاص، سیاسة اتّخاذ (وعّاظ السلاطین) بعد أن غیّب الإمام
موسى الکاظم(علیه السلام) عن المسرح السیاسی والفکری، وظاهرة وعّاظ السلاطین هى بدیل یرعاه الخلیفة ویدعمه بما أوتی من قوة لیغطّی له الفراغ من جانب وتؤید له سیاسته من جانب آخر اذ یوحی للاُمة بأنه مع الخط الإسلامی السائر على نهج السنة النبویّة، ووجد من (مالک بن أنس) وأمثاله ممن تناغم معه فی الاختیار العقائدی الذی لا یصطدم مع سیاسته، ووجد من تجاوب مع رغبته وکال له ولاسرته المدیح والثناء، الأمر الذی دفع بالمنصور أن یفرض (الموطأ) على الناس بالسیف ثم جعل لمالک السلطة فی الحجاز على الولاة وجمیع موظّفی الدولة فازدحم الناس على بابه وهابته الولاة والحکّام وحینما وفد الشافعی علیه فشفّع بالوالی لکی یسهّل له أمر الدخول علیه فقال له الوالی: انی أمشی من المدینة الى مکة حافیاً راجلا أهون علیّ من أن أمشی الى باب مالک. ولست أرى الذل حتى أقف على باب داره(1)
1) الأئمة الأربعة لمصطفى الشکعة: 2 / 100، حیاة مالک بن أنس، الفصل الخامس، باب 6 مهابة مالک، سیرة الأئمة الاثنی عشر، هاشم معروف الحسنی: 2 / 326، حیاة الإمام موسى بن جعفر الکاظم(علیهما السلام).