و أما عن کیفیة استشهاده فهناک روایات تقول انه سم على ید زوجته أمالفضل بنت المأمون، بایعاز من عمها المعتصم نفسه..
ولکن بعض الروایات تقول: انه بعد أن استقدمه المعتصم، أنفذ الیه شراب حماض الأترج، تحت ختمه على یدى أشناس، فقال: ان أمیرالمؤمنین ذاقه، قبل أحمد بن أبىدؤاد، و سعید بن الخضیب، و جماعة من المعروفین. و یأمرک أن تشرب منها بماء الثلج، و صنع فى الحال، و قال، اشربها باللیل، و قال: انها تنقع باردا، و قد ذاب الثلج. و أصر على ذلک. فشربها عالما بفعلهم(1)
و فى نص آخر: أن ابنأبىدؤاد حرض المعتصم على قتله، بعد قضیة جرت، ترتبط بقطع ید السارق، حیث أقام الامام «علیهالسلام» علیهم الحجة، و أخذ المعتصم بقوله دونهم. فقال ابنأبىدؤاد للمعتصم:
«ان نصیحة أمیرالمؤمنین على واجبة، و أنا أکمله بما أعلم أنى أدخل به النار!
قال: ما هو؟
قلت: جمع أمیرالمؤمنین فى مجلسه فقهاء رعیته و علماءهم لأمر واقع من أمور الدین، فسألهم الحکم فیه، فأخبروه بما عندهم من الحکم فى ذلک، و قد حضر مجلسه أهل بیته و قواده، و وزراؤه، و کتابه، و قد تسامع الناس بذلک من وراء بابه، ثم یترک أقاویلهم لقول رجل یقول شطر هذه الأمة بامامته.
و یدعون أنه أولى منه بمقامه، ثم یحکم بحکمه، دون حکم الفقهاء؟!
قال: فتغیر لونه، وانتبه لما نبهته له.
و قال: جزاک الله عن نصیحتک خیرا..
قال: فأمر الیوم الرابع فلانا، من کتاب وزرائه، بأن یدعوه الى منزله، فدعاه، فأبى أن یجیبه، و قال: قد علمت أنى لا أحضر مجالسکم.
فقال: انى انما أدعوک الى الطعام، و أحب أن تطأ ثیابى، و تدخل منزلى، فأتبرک بذلک، فقد أحب فلان بن فلان – من وزراء الخلیفة – لقاءک..
فصار الیه، فلما طعم منها أحس السم، فدعا دابته، فسأله رب المنزل أن یقیم، قال: خروجى من دارک خیر لک.
فلم یزل یومه ذلک و لیله فى خلفة(2)، حتى قبض «علیهالسلام»(3)
و لعل دس السم الیه «علیهالسلام»، قد تکرر، و یمکن أن یکون المعتصم قد بذل المحاولات الثلاث فى یوم واحد، لکى یتأکد لدیه النجاح فیما یرمى الیه..
کما و یلاحظ: أن روایة أشناس لا تصرح بأنه «علیهالسلام» قد استشهد نتیجة لشربه ذلک الشراب..
و حول توهم وفاته «علیهالسلام» فى زمن الواثق راجع کتاب بحارالأنوار..(4) فان ذلک ناشىء عن صلاة الواثق علیه فى ظاهر الحال، حسبما أشار الیه العلامة المجلسى رحمهالله تعالى..
1) المناقب لابنشهرآشوب ج 4 ص 384 و البحار ج 5 ص 8.
2) الخلفة: انطلاق البطن، والقىء و القیام جمیعا.
3) البحار ج 50 ص 6 و 7 و تفسیر العیاشى ج 1 ص 320 و تفسیر البرهان ج 1 ص 471 و الوسائل ج 18 ص 490 ذکر شطرا من الحدیث.
4) البحار ج 50 ص 8 و 11 و 12 و 13.