وحسب الأوامرالمعدّة سلفاً من قبل هارون کما تدل علیها القرائن، لاجل أن یتنصل عن قتله للإمام، لیس أمام الشیعة فحسب وإنما أمام الاُمة الإسلامیة کلّها، وأن تکون طریقة التخلّی من مسؤولیة الحادث بأن یستبطن أن المقتول ما هو إلاّ رجل عادی لا وزن له، فعلام هذا التضخیم والتهویل والتشکیک بموته؟
فتخطّى السندی بن شاهک بالاُسلوب التالی: حیث وضع الإمام على جسر الرصافة وهو میت ینظر إلیه القریب والبعید وتتفرّج علیه المارّة قد أحاطت بجثمانه المقدّس شرطة الطاغیة القاتل وکشفت وجهه للناس قاصدین بذلک انتهاک حرمته(علیه السلام) والحط من کرامته والتشهیر به.
وقد أمر السندی جلاوزته أن ینادوا على جثمان الإمام بذلک النداء المؤلم الذی تذهب النفوس لهوله أسى وحسرة: «هذا إمام الرافضة فاعرفوه» هذا موسى بن جعفر الذی تزعم الرافضة أنه لایموت فانظروا إلیه میتاً.
متى قالت الشیعة إنّ الإمام موسى لا یموت؟
نعم قالت الواقفیة بذلک والشیعة منهم براء وهارون وجلاوزته أعلم من غیرهم بهذه الحقیقة. لکنه وسیلة من وسائل التشهیر وإلصاق التهم بالشیعة بسبب أن الواقفیة تذهب الى أن الإمام موسى حی لم یمت وأنه رفع الى السماء کما رفع المسیح عیسى بن مریم.
بهذا الاُسلوب حاولت الاجهزة الحاکمة أن تنسب هذا الرأی للشیعة ظلماً، وتبرر الإهانة والاذلال وقد لُحق النداء المذکور بهذا المقطع: ألا من
أراد أن یرى الخبیث بن الخبیث موسى بن جعفر فلیخرج(1)
وقد حاول هارون بهذا الاُسلوب ـ بالإضافة الى احتقار الشیعة واذلالهم ـ الوقوف على العناصر الفعّالة منهم والتعرف على مدى نشاطها وحماسها، عن طریق هذا الاستفزاز الصارخ والاعتداء على کرامة الإمام(علیه السلام) أمامها کأسلوب ماکر للتخلّص من خطرهم لیساقوا بعد ذلک للسجون والقبور.
یقول الشیخ باقر القرشی: وأکبر الظن أنّ الشیعة قد عرفت هذا القصد، فلذا لم تقم بأیّ عمل إیجابی ضده(2)
1) کمال الدین: 38، عیون الاخبار: 1 / 99 / ح5، وعنهما فی بحار الأنوار: 48 / 227 ح29 والفصول المهمة: 54.
2) حیاة الإمام موسى بن جعفر: 2 / 523.