و غنى عن البیان: أن الحرکة السیاسیة للأئمة «علیهمالسلام»، لا تقتصر على بعض المواقف القویة التى تختزن الکثیر من التصمیم على مواجهة أخطار التحدى للسلطة، و لرکائزها السیاسیة العقائدیة..
بل یتعدى ذلک لیطبع حیاتهم کلها بطابع الجهاد، و لتکون کل کلماتهم و مواقفهم، و کل أسلوب حیاتهم زاخرا بالمعانى، غنیا بالمعطیات، حتى أکلهم و شربهم، و مشیهم، و رکوبهم، و لبسهم، فى ألوانه، و فى تکوینه، و حتى ألقابهم، و حتى فى نقش خواتیمهم.
و قد کتبنا عن نقش خاتم الامام الجواد «علیهالسلام»، ما یلى:
«بعد أن تمکن المأمون من تغییر مجریات الأمور لصالحه، و لصالح تثبیت دعائم الحکم العباسى، عن طریق اجبار الامام الرضا «علیهالسلام» على قبول ولایة العهد، و بیعة الناس له «علیهالسلام» بها.. ثم تمکنه من تصفیة الامام «علیهالسلام» جسدیا بدس السم الیه..
و بعد أن أخمدت الثورات، و خنقت جمیع الأصوات، و عادت المیاه الى مجاریها بین المأمون و بنىأبیه العباسیین، فان من الطبیعى أن یشعروا (المأمون، و العباسیون، و أعوانهم): أنهم قد حققوا غایة آمالهم، و حصلوا على أعز و أغلى أمنیاتم، ألا و هى تثبیت دعائم ملکهم، و ترسیخ أرکان سلطانهم، و أنه لم یعد ثمة أیة قوة تستطیع أن تقف فى وجه جبروتهم، و مقابل فاحش طغیانهم…
بعد کل ذلک نلاحظ: أن نقش خاتم الامام الجواد «علیهالسلام»، یتحدى کل تصوراتهم تلک، و یدین جمیع مظاهر بغیهم و ظلمهم، فیکون هو: «نعم القادر لله»..
و هذا هو نفس نقش أحد الخواتیم التى کانت لأمیرالمؤمنین «علیهالسلام»، من قبل، فى ظروف لا تبتعد عن ظروف حفیده صلوات الله
و سلامه علیهم أجمعین..