جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

مع محمد المهدى

زمان مطالعه: 9 دقیقه

… ثم نطوى الصفحة الأولى – السوداء – من صفحات تاریخ العباسیین مع امامنا الکاظم علیه‏السلام، لنفتح صفحة عهد آخر کان له مساس حقیقى به، لأن الخلیفة الجدید – المهدى – قد بدأ عهده بأسوأ مما انتهى به عهد سلفه.

و لنعطیک صورة عن تأسیس ذلک السلطان الغاشم على أسس الحقد و خبث السریرة، نورد لک نموذجا حیا مما أجراه ذلک الخلیفة الذى لم یعرف الهدى منذ مطلع عهده، فنضع بین یدیک وقائع الجلسة اللیلیة التالیة:

«انه لما بویع محمد المهدى، دعا حمید بن قحطبة نصف اللیل و قال:

ان اخلاص أبیک و أخیک فینا أظهر من الشمس، و حالک عندى موقوف.

فقال: أفدیک بالمال و النفس.

فقال: هذا لسائر الناس.

قال: أفدیک بالروح، و الأهل، و المال، و الولد.

فلم یجب المهدى.

فقال: أفدیک بالمال، و النفس، و الأهل و الولد، و الدین!.

فقال: لله درک.

فعاهده على ذلک. و أمره بقتل الکاظم علیه‏السلام فى السحر بغتة.

فنام – أى المهدى – فرأى علیا علیه‏السلام یشیر الیه و یقرأ: (فهل عسیتم ان تولیتم أن تفسدوا فى الأرض و تقطعوا أرحامکم (22))(1)

فانبته مذعورا، و نهى حمیدا عما أمره، و أکرم الکاظم و وصله»(2)

… و لم هذه العجلة یا أمیر المفسدین بقتل الامام فى أول أیام عهدک؟.

أفأنت تقدمه قربانا لله اذ تمت لک البیعة؟!.

و لم استحوذ علیک الشیطان من أول یوم؟…و لم لم تصبر الى الغد فطلبت هذا المارق السافل فى اللیل؟!.

فتصور کیف فاجأ هذا المتعدى على حرمات الله عمیله بقوله: و حالک عندى موقوف، لیرى مدى استحواذ الشیطان علیه، و مقدار تضحیاته بسبیل هذا العرش الظالم؛ فلم یرض منه أن یفدیه بالمال و النفس و الولد، و سکت عند ذلک لیرى حقیقة اخلاص هذا العتل الزنیم، ففداه ابن‏قحطبة بالدین!!! نعم، و للشیطان در هذا الجلف، ابن‏القحطبة!.

خلیفة لرسول الله، یرید من الناس أن یبیعوا آخرتهم بدنیاهم لینالوا رضاه… و یطلب من هذا الأرعن أن یستفتح له عهده بقتل امام الزمان!.

ثم تبایت هذا الخلیفة الضال، و ذاک المرائى الجبان على ارتکاب هذه الجریمة النکراء، فألقى الله تعالى کیدهما فى نحرهما، حین یحبط على

أمیرالمؤمنین مکیدتهما و یصفع الخلیفة الوقح بآى من القرآن الکریم قام من نومه عند سماعها ذعرا خائفا.

فیا قارئى الکریم، اسأل معى هذا القطحبة الذى هو کحمار المصطبة: لم یفدى هذا الخلیفة بدینه؟!.

لقد فداه بالدین… و هو بلا دین.

واسمه حمید، ولکنه ذمیم، و قراره الذى اتخذه أمام الخلیفة لا ترتضیه الحمیر.

أجل، هذه صفحة واحدة من الصفحات السود فى تاریخ خلفاء للمسلمین، لم یرفضهم أحد من المسلمین، اذا استثنینا أئمتنا علیهم‏السلام و أتباعهم.

ثم ورد خبر احضار الامام علیه‏السلام، و محاولة قتله، فى هذا العهد، هکذا:

«و لقد نقل عن الفضل بن الربیع، أنه أخبر عن أبیه – الوزیر – أن محمد المهدى ابن‏المنصور، طلب موسى بن جعفر من المدینة الى بغداد، فحبسه. ففى بعض اللیالى رأى المهدى فى منامه على بن أبى‏طالب علیه‏السلام، و هو یقول: (فهل عسیتم ان تولیتم أن تفسدوا فى الأرض و تقطعوا أرحامکم (22)«(1)

قال الربیع – الوزیر -: فأرسل الى لیلا فراعنى و خفت من ذلک. و جئت الیه و اذا هو یقرأ هذه الآیة و کان أحسن الناس صوتا -، فقال: على الآن بموسى بن جعفر.

فجئته به، فعانقه و أجلسه الى جانبه و قال: یا أباالحسن، رأیت أمیرالمؤمنین على بن أبى‏طالب علیه‏السلام فى النوم، فقرأ على کذا. فتؤمننى أن تخرج على أو على أحد من ولدى؟.

فقال: لا والله لا فعلت ذلک، و لا هو من شأنى.

فقال: صدقت.. یا ربیع أعطه ثلاثة آلاف دینار، ورده الى أهله الى المدینة.

قال الربیع: فأحکمت أمره لیلا، فما أصبح الا و هو فى الطریق خوف العوائق»(3)

و روى الجنابذى هذا الخبر، و ذکر أنه وصله بعشرة آلاف دینار، ورده الى أهله»(4)

فهل من لائم لى اذا قلت بسفاهة هؤلاء الخلفاء؟. و أنهم کانوا عمى البصائر، لا یمیزون بین ما یجوز، و ما لا یجوز، من أجل ملک زائل لم یتنعموا به عشر معشار ما قاسوا من آلامه و ویلاته، و من عذاب الضمائر، لو کانت لهم ضمائر، لکن… قد حملوا آثامه و موبقاته… فبئس ما أوردوا أنفسهم من المهالک فى الدنیا و فى الآخرة، لما قنعوا بحمل أسماء جوفاء خلعوها و السیوف فى رقابهم، مشهورة بأیدیهم لا بأیدى من کانوا یعذبونهم ظلما و عدوانا.

لقد قتلوا کثیرین من بنى‏على… و مات أکثرهم قتلا بنفس السیوف.

و قتلوا بنى عمومتهم… و قتلهم أبناؤهم، أو اخوانهم، أو قادتهم!.

و قتلوا غیرهم قتل شهادة… ثم ماتوا – هم – میتة سوء!.

فتعسا لهم، و ضلت أعمالهم… و خسرت صفقتهم.

و هکذا، فقد «أقدم المهدى امامنا الى بغداد، ثم رده الى المدینة بعد سماع تلک الآیة التى ردته عن عزمه على قتله لا تورعا منه و لا خوفا من الله، بل لأن الامام کان مؤخرا فى علم الله تعالى، اذ أقام أبوالحسن علیه‏السلام فى المدینة الى أیام الرشید الذى قدم المدینة فحمله معه، و حبسه ببغداد الى أن توفى فیها(5) کما رأیت سابقا – و لم یستقدمه المهدى الى بغداد الا لیقتله کما سمعت فى قصة ابن‏قحطبة (الذى زید فى اسمه حرف الطاء) ولکن وسوسة ابلیس، و مکر الخلیفة التعیس، و مکر عمیله الخسیس، داسها کلها أمیرالمؤمنین على بن أبى‏طالب علیه‏السلام، بنعله المخصوفة حین تراءى للمهدى فى المنام و أطار لبه هلعا، و أفقده صوابه فزعا.

و من جمیل صنع الله تعالى أن ورود أئمتنا علیهم‏السلام على جبابرة تلک القصور، کان یوقع أولئک الجبابرة فى مآزق لا مخارج لهم منها، اذ کان الأئمة علیهم‏السلام یقولون کلمة الحق فى مجلس الظلم و الباطل، و یحتجون على الحاکمین و عملائهم من القضاة و غیرهم بما لا جواب عندهم فیه، فیفضحون باطلهم و لا یجد الحاکمون حیلة للبطش بهم بسهولة، فتخرج فضائح الحکم و القضاء فى الدین على ألسنتهم الصادقة التى لا تعرف المراءاة و لا المداراة.

روى أحمد بن محمد،، ان أبى‏قتادة القمى، عن أبى‏خالد الزبالى قال:

قدم أبوالحسن، موسى، زبالة – مکان بطریق مکة من الکوفة – و معه جماعة من أصحاب المهدى – العباسى – بعثهم فى اشخاصه القدمة الأولى.

قال: و أمرنى بشراء حوائج له. فنظر الى و أنا مغموم فقال لى:

یا أباخالد، مالى أراک مغموما.

قلت: هوذا تصیر الى هذا الطاغیة، و لا آمنه علیک.

قال: یا أباخالد، لیس على منه بأس. اذا کان شهر کذا و کذا، فانتظرنى فى أول اللیل، فانى أوافیک ان‏شاءالله.

فما کانت لى همة الا احصاء الشهور و الأیام، حتى کان ذلک الیوم، فغدوت أول اللیل الى المصر الذى وعدنى. فلم أزل أنتظره حتى کادت الشمس أن تغیب. و وسوس الشیطان فى صدرى فلم أر أحدا، و خفت أن أشک، و وقع فى نفسى أثر عظیم. فبینا أنا کذلک و اذا سواد قد أقبل من ناحیة العراق. فانتظرته، فوافانى أبوالحسن أمام القطار – أى القافلة – على بغلة له، فقال: ایه أباخالد!.

قلت: لبیک یابن رسول الله.

قال: لا تشکن؛ ود الشیطان أنک شککت.

قلت: قد کان ذلک.

فسررت بتخلیصه فقلت: الحمدالله الذى خلصک من الطاغیة.

فقال: یا أباخالد، ان لهم الى عودة لا أتخلص منها»(6)

أولى لنا فأولى، ثم أولى لنا فأولى أن نقر بشأن هؤلاء الأئمة العظام

الذین یوقتون للشى‏ء قبل حدوثه. بالسنین، و بالشهور، و الأیام!. بل بالساعات من اللیل أو النهار… ثم لا یخطئون فى التوقیت مطلقا. و جدیر بنا أن لا نمر بمثل هذه الحوادث الغریبة مرورا عابرا دون وقفة تأمل بحال مخلوقین من البشر یفجأون الناس فى کل حین بما یمیزهم عن البشر، و یرفعهم الى مراتب عالیة لم ینلها الا الرسل و الأنبیاء و الأصفیاء؛ ثم نغض الطرف و لا ننظر الیهم بعمق لنقف على شى‏ء من حقیقة أمرهم الربانى من حیث کرامة الله تعالى لهم و اکرامه.

فامامنا الکاظم علیه‏السلام، الذى أشخص مکرها من الحجاز الى العراق، وجى‏ء به تحت الحراسة العسکریة الشدیدة، بأمر سلطان الزمان الغاشم الذى یخشى أن یغدر به و یقتله، أقول امامنا هذا – و فى هذه الحال – یلتقى بأحد شیعته فى زبالة، و یریح باله من الخوف علیه من بطش السلطان الجبار، ثم یضرب معه موعدا یحدده بالشهور، و بالأیام، ثم بالساعات من اللیل، لیلتقى معه أثناء عودته سالما، فى ذلک المکان، و کأنه هو علیه‏السلام یصرف الأمور، و کأن الأقدار تتصرف عن أمره!. ثم یدهش أکثر ما یدهش عودته فى الموعد المضروب تماما، و یلاحظ على صاحبه بأن الشیطان کاد یستزله دون أن یصرح بشى‏ء، ثم بقول بجزم: ان لهم الى عودة لا أتخلص منها.

عمیت بصیرة من لا یراک اماما ملهما یا أباابراهیم!.

و عمیت القلوب التى فى صدور منکرى امامتک، و جاحدى حقک الذى اختصک به ربک عزوجل!.

و هل کان معاصروک عمیان أبصار. و قلوب… و بصائر… و مرضى نفوس؟!.

لا، ولکن (الشیطان سول لهم و أملى لهم (25))(7)

لقد خسروا لما زعموا أنهم یتمکنون من معرفة الله سبحانه عن طریق غیرکم، و ضلوا لما عبدوه و لم یجعلوکم وسیلة بینهم و بینه لتقبل عبادتهم.

و أیم الحق ان قلوب بنى‏العباس لمتحجرة انسانیا، و خالیة من الایمان دینیا، و لقد أضلوا أشیاعهم و أتباعهم؛ و الا فما معنى أن یروا مثل هذه العجائب و الآیات ثم لا یعیرونها انتباها، بل یکذبون بها و یصرفون الناس عنها، و یرصدون کل اهتمامهم لاطفاء نور الله بأفواههم حین یحاربون أولیاءه و نجباءه من على منبر الاسلام و باسم جدهم الذى جاء بالاسلام من عند ربه عزوعلا.

لیت هؤلاء الأئمة الدین طهرهم الله من الرجس و اختصهم بما اختصهم به – لیتهم کانوا أئمة لغیر المسلمین، و لغیر العرب، و اذا لرأیت لهم تقدیسا و تمجیدا و تحمیدا…

فیوم قال النبى صلى الله علیه و اله و سلم: «ویل لولدى من ولد العباس» کان یعنى ما یقول، و کان یلفت نظر المسلمین الى فراعنة حکم ینکلون بولده و لا یراعون فیهم قرابة و لا رحما… ولکن قوله ذاک، لم یردع بنى‏العباس عما مارسوه من القسوة، و لم یردع أکثر المسلمین عن مشایعتهم على محاربة أهل البیت علیهم‏السلام مع ما رأوا فى ذلک من باطل و ظلم.

قال على بن أسباط: «لما ورد أبوالحسن، موسى علیه‏السلام على المهدى، – العباسى – رآه یرد المظالم.

فقال: یا أمیرالمؤمنین، ما بال مظلمتنا لا ترد؟!.

فقال له: و ما ذاک یا أباالحسن؟.

قال: ان الله تبارک و تعالى، لما فتح على نبیه صلى الله علیه و اله و سلم فدک و ما والاها،

لم یوجف علیه بخیل و لا رکاب، فأنزل الله على نبیه صلى الله علیه و اله و سلم: (وءات ذا القربى حقه)(8) فلم یدر رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم من هم. فراجع فى ذلک جبرائیل، و راجع جبرئیل علیه‏السلام ربه، فأوحى الله الیه أن ادفع فدک الى فاطمة علیهم‏السلام.فدعاها رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم فقال لها: یا فاطمة ان الله أرمنى أن أدفع الیک فدکا.

فقالت: قد قبلت یا رسول الله من الله و منک.

فلم یزل و کلاؤها فیها حیاة رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم.

فلما ولى أبوبکر أخرج منها وکلاءها.

فأتته فسألته أن یردها علیها. فقال لها: ائتینى بأسود أو أحمر یشهد لک بذلک.

فجاءت بأمیرالمؤمنین علیه‏السلام، و أم أیمن، فشهدا لها.

فکتب بترک التعرض.

فخرجت والکتاب معها. فلقیها عمر فقال: ما هذا معک یا بنت محمد؟.

قالت: کتاب کتبه لى ابن أبى‏قحافة.

قال: أرینیه.

فأبت. فانتزعه من یدها و نظر فیه. ثم تفل فیه و محاه، و خرقه. فقال لها: هذا لم یوجف علیه أبوک بخیل و لا رکاب، فضعى الحبال فى رقابنا. – أى جرینا بالحبال الى أى حاکم أو علقى مشانقنا اذا قدرت -.

فقال المهدى: یا أباالحسن، حدها لى. – یعنى بین حدودها -.

فقال: حد منها جبل أحد، وحد منها عریش مصر، وحد منها سیف البحر، وحد منها دومة الجندل.

فقال له: کل هذا؟.

قال: نعم، یا أمیرالمؤمنین، هذا کله. ان هذا کله مما لم یوجف على أهله رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم بخیل و لا رکاب.

فقال: کثیر!. و أنظر فیه».(9)

کثیر، و تنظر فیه؟!. و لا تنفذه و أنت ترد المظالم الى أهلها؟.

لقد نظر فیه من هو أکبر منک، و أعطى صکا بثبوته. ثم انتزع الصک من الزهراء علیهاالسلام بدوافع سیاسیة ترمى الى اضعاف بنى‏على و فاطمة مادیا، و بسبیل محاربتهم معنویا، و ترمى – أیضا – الى ضرب کل ما أوصى به محمد صلى الله علیه و اله و سلم!. و قد کان المأمول منک یابن عباس أن تثأر لأبناء عمک لو کنت تعقل… ولکنک على نفس الخط الهادف الى افقارهم و حربهم، و تبا للملک الذى یردى صاحبه فى نار جهنم.

و بالنسبة لفدک ذکر الزمخشرى فى (ربیع الأبرار) ثم ذکر فى کتاب (تاریخ الخلفاء) أن هارون الرشید کان یقول لموسى بن جعفر: خذ فدکا حتى أردها الیک، فیأبى، حتى ألح علیه، فقال علیه‏السلام:

لا آخذها الا بحدودها.

قال: و ما حدودها؟.

قال: ان حددتها لم تردها.

قال: بحق جدک الا فعلت.

قال: أما الحد الأول فعدن.

فتغیر وجه الرشید و قال: ایها. – أى أنه یستزید الحدیث عن حدودها -.

قال: والحد الثانى سمرقند.

فاربد وجهه – أى صار أغبر -.

والحد الثالث أفریقیة.

فاسود وجهه و قال: هیه!.

قال: و الرابع سیف البحر مما یلى الخزر و أرمینیة.

قال الرشید: فلم یبق لنا شى‏ء!. فتحول الى مجلسى. – أى تربع على عرش الملک -.

قال موسى – علیه‏السلام -: قد أعلمتک أننى ان حددتها لم تردها.

فعند ذلک عزم على قتله، واستکفى أمره»(10)

و فى روایة ابن‏أسباط أنه قال: أما الحد الأول فعرش مصر، و الثانى دومة الجندل، و الثالث أحد، و الرابع سیف البحر. – و هذا هو الصحیح -.

فقال: هذا کله؟!. هذه الدنیا.(و أدرک أن رد فدک یعنى رد الأمر الى أصحابه…)

فقال: هذا کان فى أیدى الیهود بعد موت أبى‏هالة، فأفاءه الله على رسوله بلا خیل و لا رکاب، فأمره الله أن یدفعه الى فاطمة علیهاالسلام»(4)

والتحدید الذى ورد فى أول هذه الروایة لم أره فى غیرها، و فدک معروفة الحدود فى ذلک العصر، و فى کل عصر، ولکنها تسلیة أمراء المسلمین أثناء محاوراتهم التافهة… ولکن الذى کان غیر معروف عند سائر الناس هو أن ینزو بنوأمیة و بنوعباس على منبر الاسلام، و هم من أشد الناس بعدا عن الاسلام و مروقا من الدین!.

«و قد جرى لأبى یوسف – القاضى الفقیه فى القصر – مع أبى‏الحسن، موسى صلوات الله علیه بمحضر المهدى، أن موسى علیه‏السلام سأل أبایوسف عن مسألة لیس فیها عنده شى‏ء.

فقال لأبى‏الحسن، موسى علیه‏السلام: انى أرید أن أسألک عن شى‏ء.

قال: هات.

قال: ما تقول فى التظلیل للمحرم؟.

قال: لا یصلح.

قال: فیضرب الخباء فى الأرض فیدخل فیه؟.

قال: نعم.

قال: فما فرق بین هذا و ذلک؟!.

قال أبوالحسن، موسى علیه‏السلام: ما تقول فى الطامث تقضى الصلاة؟

قال: لا.

قال: تقضى الصوم؟

قال: نعم.

قال: ولم؟!.

قال: ان هذا، کذا جاء.

قال أبوالحسن علیه‏السلام: و کذلک هذا.

فقال المهدى لأبى یوسف: ما أراک صنعت شیئا.

قال: یا أمیرالمؤمنین، رمانى بحجة».(11)

و فى مورد آخر ذکر فى آخر الحدیث أن الامام علیه‏السلام قال: «أتعجب من سنة النبى و تستهزى‏ء بها؟. ان رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم، کشف ظلاله فى احرامه، و مشى تحت الظلال و هو محرم. ان أحکام الله تعالى لا تقاس، فمن قاس بعضها على بعض فقد ضل سواء السبیل.

فسکت السائل لا یرجع جوابا».(12)

و هکذا کان دیدن أئمتنا علیهم‏السلام مع قضاة العصر، و عملاء القصر، فکثیرا ما تعرض لهم الأئمة و ساءلوهم، فوقفوا حیارى عن الجواب، و ضاعوا وضاع علفهم فى تلک القصور، وذاب ورمهم و شحمهم حین الفشل الذریع الذى کانوا یقعون فیه.


1) سورة محمد: 22.

2) مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 300.

3) کشف الغمة ج 3 ص 3 و ینابیع المودة ج 3 ص 11 و ص 32 مکرر الى آخره، و هو فى تذکرة الخواص ص 314-313.

4) المصدر السابق.

5) کشف الغمة ج 3 ص 9 و انظر تذکرة الخواص ص 314.

6) کشف الغمة ج 3 ص 28 و المحجة البیضاء ج 4 ص 276- 275 و الکافى م 1 ص 477 و هو فى مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 287 باختلاف یسیر فى بعض ألفاظه.

7) سورة محمد: 25.

8) سورة الاسراء: 26.

9) الکافى م 1 ص 543.

10) مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 321-320 و تذکرة الخواص ص 314.

11) الاحتجاج ج 2 ص 394 و مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 314-313.

12) الاحتجاج ج 2 ص 394 ورد أن ذلک بمحضر الرشید، و کذلک فى کشف الغمة ج 3 ص 20 و الارشاد ص 279 و مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 314 و اعلام الورى ص 299.