تبعاً لطبیعة الظروف التی مرّ بها الإمام الکاظم (علیه السلام) فی حیاته تنقسم الدراسة عن حیاته الى ثلاث مراحل متمیّزة:
المرحلة الاُولى: إذا اعتبرنا المرحلة الاُولى من حیاة الإمام (علیه السلام) هی مرحلة ما قبل التصدی للامامة الشرعیة أی منذ ولادته فی سنة (128) أو (129 هـ) حتى استشهاد أبیه الصادق (علیه السلام) سنة (148 هـ).
فالمرحلة الاُولى: هی مرحلة نشأته وحیاته فی ظلّ أبیه(علیهما السلام) وهی تناهز العقدین من عمره الشریف. وقد تمیزت هذه المرحلة بظهور علمه الربّانی وقدرته الفائقة على الحوار والحجاج حتى أفحم مثل أبی حنیفة وهو صبی لم یتجاوز نصف العقد الواحد من عمره المبارک.
المرحلة الثانیة: وتبدأ بتسلّمه لزمام الامور الدینیة (العلمیة والسیاسیة والتربویة) بعد استشهاد أبیه فی ظروف سیاسیّة قاسیة کان یخشى فیها على حیاته المبارکة حتى اضطرالإمام الصادق(علیه السلام) لان یجعله واحداً من خمسة أوصیاء فیوصیته المشهورة التی بدّد فیها تخطیط المنصور لاغتیال وصی الإمام الصادق(علیه السلام).
واستمرت هذه المرحلة حتى مات المنصور سنة (158 هـ) واستولى
المهدی ثم الهادی سنة (169 هـ) على مرکز السلطة فهى تبلغ حوالی عقدین أو مایزید علیهما بقلیل وکانت مرحلة انفراج نسبی لأهل البیت(علیهم السلام) وأتباعهم سیما فی عهد المهدی العباسی.
المرحلة الثالثة: وهی مرحلة معاصرته لحکم الرشید حیث استولى على زمام الحکم سنة (170 هـ) وهو المعروف بحقده للعلویین بعد أخیه الهادی وأبیه المهدی. واستمرت هذه المرحلة حتى سنة (183 هـ) وهی سنة استشهاد الإمام الکاظم بید أحد عمّال الرشید. وهذه المرحلة هی من أحرج مراحل حیاة الإمام(علیه السلام) وأدقّها من حیث تشدید التضییق علیه، ولم ینته العقد الأول من حکم الرشید إلاّ والإمام فی مطامیر سجونه، تارة فی البصرة واُخرى فی بغداد. وتمیّزت هذه السنوات العجاف بالتخطیط المستمر من قبل الرشید لادانة الإمام(علیه السلام) والسعی المتواصل لسجنه واغتیاله.
وقد أخذ الإمام یکثّف نشاطه ضد الحکم القائم. فیما إذا قیس الى مواقفه من المنصور والمهدی وانتهت هذه المرحلة بالتضییق والتشدید على أهل البیت(علیهم السلام) وأتباعهم والإمام الکاظم بشکل خاص بالرغم من عدم قیام العلویین بالثورة ضد هارون الرشید. ولکن الإمام قد استثمر کل طاقاته لبلوغ أهدافه رغم حراجة الظرف وتشدید القبضة على العلویین. وکان الإمام فیها یعلم بسیاسة هارون وقراره النهائی باغتیال الإمام(علیه السلام) مهما کلّف الأمر حتى انه لم یتقبل وساطة أیّ واحد من مقربی بلاطه.
وانتهت هذه المرحلة بمقاومة الإمام(علیه السلام) وثباته على مواقفه وعدم تنازله عند رغبات الرشید ومحاولاته لاستذلال الإمام(علیه السلام) بشکل وآخر لیرکع أمام جبروته لقاء تنفّسه هواء الحریة خارج السجن.
ولکن الإمام باشر مهامه بکل إحکام واتقان وأوصى الى ابنه الرضا وضمن للجماعة الصالحة استمرار المسیرة، وقضى مسموماً صابراً محتسباً. مکللا جهاده بالشهادة فی سبیل الله تعالى.
تأریخ الاستشهاد: استشهد مظلوماً فی حبس السندی بن شاهک فی 25 من رجب سنة (183 هـ) ودفن فی مقابر قریش فی بغداد.