و من الجهة الأخرى..
فان هذه الفرقة – فرقة الامامیة من الشیعة – لو استطاعت أن تجتاز هذه المرحلة المصیریة البالغة الحساسیة. و تمکنت من أن تربح المعرکة الفکریة، و أن تحتفظ بدورها الطلیعى، على الصعید الفکرى العام، و على صعید
الواقع و نفس الأمر.. فانها تکون قد برهنت بشکل قاطع و نهائى على حقانیتها، و أثبتت جدارتها، لیس فقط بالنسبة لذلک الجیل الذى عاصر ذلک الحدث المتمیز، و عایش تلک الانطلاقة الفکریة فى أوج قوتها.. و انما للأجیال الأخرى، التى سوف تأتى فیما بعد أیضا..
و ما ذلک.. الا لأن انتصار هذه الفرقة، فى هذا الظرف بالذات، قد جاء على خصوم، هم فى أفضل حالاتهم، و أتمها، و أقواها، و لاسیما فکریا، و سیاسیا، و فى غیر ذلک من مجالات، و اتجاهات..
فهم یستفیدون من هیبة السلطان، و من کل ما تحت یده من قوة عسکریة و اقتصادیة لدولة هى الأقوى فى العالم، و الأکثر استقرارا، و الأوسع نفوذا، و الأعظم نشاطا ثقافیا، و مخابراتیا، و یحکمها، ویدبر شؤونها، و یکید خصومها أعظم خلفاء بنىالعباس فى العلم و الدهاء، و فى السیاسة، و المکر..
ثم یرى الناس: من وجهة أخرى.. أن أعظم الفرق شأنا، من حیث العلم و الفکر، تمر فى أدق مرحلة، و أخطرها، و تواجه خصومها و هم فى أقصى درجات القوة – تواجههم – و هى فى أشد حالات الضعف، مع عدم وجود ما یمنع من الاحتکاک المباشر و الصریح، و ابراز کل ما یملک أولئک و هؤلاء، من طاقات و قدرات، مع وجود اندفاع غیر عادى من قبل خصومها لمواجهتها، و للانقضاض علیها و تمزیقها، و اسقاط أطروحتها..