روى اسحاق بن عمار، عن امامنا أبىابراهیم علیهالسلام، قال:
«سألته عن قول الله عزوجل: (من ذا الذى یقرض الله قرضا حسنا فیضاعفه له و له أجر کریم (11))؟.
قال: نزلت فى صلة الامام»(1)
و من کان له عقل مفکر فلینظر لنفسه حتى ولو کان هذا من التأویل. و قد قال معمر بن خلاد:
سمعت أباالحسن علیهالسلام یقول: (الم (1) أحسب الناس أن یترکوا أن یقولوا ءامناوهم لا یفتنون (2)).
ثم قال: ما الفتنة؟.
قلت: جعلت فداک، الذى عندنا الفتنة فى الدین.
فقال: یفتنون کما یفتن الذهب. ثم قال: یخلصون کما یخلص الذهب»(2)
أى یمحصون و یصفون من شوائب الکفر والضلال عن الحق. ففى انتظار الفرج و ظهور الحق على ید الامام المنتظر عجل الله تعالى فرجه، فتنة و تمحیص للناس، یعلم فیها من یثبت على العقیدة ممن هو منها فى شک مثلا. فان هذه العقیدة تغربل الناس و لا یثبت علیها الا من امتحن الله قلبه و عصمه عن الزیغ و الانحراف.
و قال یعقوب بن جعفر، و هو أخو الامام علیهالسلام:
«کنت مع أبىالحسن علیهالسلام بمکة، فقال له رجل: انک لتفسر من کتاب الله ما لم أسمع به؟.
فقال أبوالحسن علیهالسلام: علینا نزل قبل الناس، و لنا فسر قبل أن یفسر فى الناس، فنحن نعرف حلاله و حرامه، و ناسخه و منسوخه، و سفریه و حضریه، و فى أى لیلة نزلت کم من آیة، و فى من نزلت، و فیما نزلت. فنحن حکماء الله فى أرضه، و شهداؤه على خلقه، و هو قول الله تبارک و تعالى: (ستکتب شهادتهم و یسئلون (19))(3) و الشهادة لنا، و المسألة للمشهود علیه. فهذا علم ما قد أنهیته الیک، و أدیته الیک ما لزمنى؛ فان قبلت فاشکر، و ان ترکت فان الله على کل شىء شهید»(4)
اى والله انه لقول فصل صدر من أهله فى محله، و لا یتجرأ أن یقوله غیر المعصوم من أهل هذا البیت المطهر صلوات الله و سلامه علیهم؛ فهم ورثة الأنبیاء، و سادة الأوصیاء، و أصفیاء الله المنتجبون، قد اختارهم لأمره، وائتمنهم على وحیه، و انتدبهم لسفارته فى خلقه. و قد روى
عنه علیهالسلام قوله فى الآیة الکریمة: (فاکتبنا مع الشاهدین (53)): نحن هم، نشهد للرسل على أممها»(5)
أجل: قد قبلنا هذا القول الکریم و آمنا به، و نحمدالله سبحانه على ذلک.
قال سلیمان بن جعفر الجعفرى:
«قلت لأبى الحسن، موسى بن جعفر علیهالسلام: یابن رسول الله، ما تقول فى القرآن، فقد اختلف فیه من قبلنا، فقال قوم: انه مخلوق، و قال قوم: انه غیر مخلوق؟.
فقال علیهالسلام: أما انى لا أقول فى ذلک ما یقولون، ولکنى أقول: انه کلام الله»(6)
و نحن نرى واضحا أنه علیهالسلام قد ربط وجود القرآن بوجود الله تبارک و تعالى، ولکنه أشار بلطف خفى الى أنه صادر عنه عز اسمه، أى الى أنه مخلوق و محدث صدر عن الواحد الأحد الذى کان قبل القبل، و یبقى بعد البعد.
و اذا تکلم أئمتنا علیهمالسلام فى أى موضوع، یضیع الى جانب کلامهم کل کلام، و لا یثبت أمام قولهم قول أحد، لأنهم لا ینطقون الا عن علم علیم. و نحن لا نبالغ اذا جزمنا بأنه لا یتجرأ على الجزم فى هذه المواضیع غیرهم، و لا یتکلم بسداد سواهم، لأنهم هم أهل الذکر، و عندهم علم التنزیل و علم التأویل.
قال علیهالسلام فى قوله تعالى: (بلى من کسب سیئة) قال: بغضنا أهل البیت (و أحاطت به خطیئته) قال: من شرک فى دمائنا»(7)
و هذا – فعلا – قلیل بحق من یبغضهم أو یشترک فى دمائهم. ذلک أن بغضهم أسوأ سیئة لأنه اعتراض على مواهب الله تعالى لهم و اختصاصهم بمکرمة الولایة على العباد، و انتقائهم من سائر من برأ و ذرأ، لیکونوا بابه الذى منه یؤتى، و الوسیلة التى بها یناجى.
و قد قال علیهالسلام فى قوله تعالى: (و اذا قیل لهم ماذا أنزل ربکم) قال: هم عدونا أهل البیت، اذا سئلوا عنا قالوا ذلک»(8) ذلک أن أعداءهم لا یعیرون سمعهم لقول الحق، و لا یصغون لمن یهدیهم الى طریق الرشاد؛ و انه لا یعادیهم مسلم موحد لله تعالى، یؤمن برسوله و بما جاء به عن ربه.
و قال عبدالله بن جندب:
«سألت أباالحسن علیهالسلام، عن قول الله عزوجل: (و لقد وصلنا لهم القول لعلهم یتذکرون (51))؟.
قال: امام الى امام)(9)
ذلک أن الأرض لا یمکن أن یخلیها الله تبارک و تعالى من امام حى یکون حجة على الخلق، ظاهر مشهور، أو غائب مستور… و نحن نبین للناس و نطلعهم لا لنقنعهم، بل لیکونوا على علم بما جرت به مشیئة الله عزوعلا.
«و عن طلحة، عن جعفر، عن أبیه علیهالسلام، قال: الأئمة فى کتاب الله امامان:
قال الله عزوجل: (و جعلناهم أئمة یهدون بأمرنا)(10) لا بأمر الناس. یقدمون أمر الله قبل أمرهم، و حکم الله قبل حکمهم.
قال تعالى: (و جعلناهم أئمة یدعون الى النار)(11): یقدمون أمرهم على أمر الله، و حکمهم قبل حکم الله، و یأخذون بأهوائهم خلافا لما فى الکتاب»(12)
و أئمتنا المعصومون سلام الله علیهم یهدون بأمر ربهم، و یحکمون بحکم الله تعالى؛. و من سواهم یقدم أمره على أمر ربه، و یحمل الناس على النزول على حکمه ولو خالف الکتاب و رب الأرباب.
«و روى على بن سوید، عنه علیهالسلام، فى قول الله عزوجل: (یا حسرتى على ما فرطت فى جنب الله…)(13)
قال: جنب الله أمیرالمؤمنین علیهالسلام، و کذلک من کان بعده من الأوصیاء بالمکان الرفیع الى أن ینتهى الأمر الى آخرهم»(14)
فهم جنبه عزوجل لکونهم حملة أمره، و حبل الله الممدود بین السماء و الأرض، و ما عرفه سبحانه حق معرفته غیرهم و غیر جدهم صلى الله علیه
و علیهم فانه حجاب الله المتوسط بینه و بین عباده. و من أنکر ذلک علیهم أنکر علیه جل و عز تقدیره و تدبیره، و استمع لدواعى حسدهم على ما أعطاهم الله من فضله، و ما من علیهم من عطائه.
و قال أحمد بن عمر: «سألت أباالحسن علیهالسلام: لم سمى أمیرالمؤمنین علیهالسلام؟.
قال: لأنه یمیرهم العلم. أما سمعت فى کتاب الله (و نمیر أهلنا)»(15)
و یکفى أنه سلام الله علیه باب مدینة علم رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم.
و بالنسبة لأمیرالمؤمنین علیهالسلام و عظمته، قال أحمد بن عمر الحلال أیضا:
«سألت أباالحسن علیهالسلام عن قول الله عزوجل: (أفمن کان على بینة من ربه و یتلوه شاهد منه)(16)
فقال: أمیرالمؤمنین صلوات الله علیه الشاهد على رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم، و رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم على بینة من ربه»(17)
و رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم لا یحتاج الى من یشهد له، أنه على بینة من ربه، ولکن أمیرالمؤمنین علیهالسلام (شاهد منه) بنص الآیة الکریمة، و نفسه نفسه بنص آیة المباهلة الکریمة أیضا – کهذه الآیة- حیث قال سبحانه: (فمن
حاجک فیه من بعد ما جاءک من العلم فقل تعالوا ندع أبنآءنا(أى الحسن و الحسین علیهالسلام و أبناءکم و نسآءنا (أى فاطمة الزهراء علیهاالسلام) و نسآءکم و أنفسنا (أى على أمیرالمؤمنین علیهالسلام) و أنفسکم)(18)
و روى محمد بن فضیل، عن أبىالحسن الماضى علیهالسلام، فقال: سألته عن قول الله عزوجل: (یریدون لیطفئوا نور الله بأفواههم)؟.
قال: یریدون لیطفئوا ولایة أمیرالمؤمنین علیهالسلام.
قلت: (والله متم نوره)؟.
قال: والله متم الامامة لقوله عزوجل: (فامنوا بالله و رسوله و النور الذى أنزلنا) فالنور هو الامام.
قلت: (هو الذى أرسل رسوله بالهدى و دین الحق)؟.
قال: هو الذى أمر رسوله بالولایة لوصیة. و الولایة هى دین الحق.
قلت: (لیظهره على الدین کله)؟
قال: یظهره على جمیع الأدیان عند قیام القائم. یقول الله: (والله متم نوره): ولایة القائم (ولو کره الکافرون (8))(19) بولایة على.
قلت: هذا تنزیل؟!.
قال: نعم، ان هذا الحرف تنزیل، و أما غیره فتأویل.
قلت: (ذلک بأنهم ءامنوا ثم کفروا).
قال: ان الله تبارک و تعالى سمى من لم یتبع رسولة بولایة وصیه
منافقین، و جعل من جحد وصیه امامته، کان کمن جحد محمدا، و أنزل بذلک قرآنا، فقال: یا محمد: (اذا جاءک المنافقون – بولایة وصیک – قالوا نشهد انک لرسول الله والله یعلم انک لرسوله والله یشهد ان المنافقین – بولایة على – لکاذبون (1) اتخذوا أیمانهم جنة فصدوا عن سبیل الله – و السبیل هو الوصى – انهم سآء کانوا یعملون (2) ذلک بأنهم أمنوا – برسالتک – ثم کفروا – بولایة وصیک – فطبع على قلوبهم فهم لا یفقهون (3)).
قلت: ما معنى لا یفقهون؟.
قال: یقول: لا یعقلون بنبوتک.
قلت: (واذا قیل لهم تعالوا).
قال: و اذا قیل لهم: ارجعوا الى ولایة على، یستغفر لکم النبى من ذنوبکم (لووا رءوسهم) قال الله: (و رأیتهم یصدون – عن ولایة على – و هم مستکبرون (5)) علیه!. ثم عطف القول من الله بمعرفته بهم فقال: (سوآء علیهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن یغفر الله لهم ان الله لا یهدى القوم الفاسقین (6))(20) یقولون: الظالمین لوصیک.
قلت: (أفمن یمشى مکبا على وجهه أهدى أمن یمشى سویا على صراط مستقیم (22))(21)
قال: ان الله ضرب مثل من حاد عن ولایة على کمن یمشى على وجهه، لا یهتدى لأمره، و جعل من تبعه سویا على صراط مستقیم، و الصراط المستقیم أمیرالمؤمنین علیهالسلام.
قلت: قوله: (انه لقول رسول کریم(40)).
قال: یعنى جبرائیل، عن الله، فى ولایة على علیهالسلام.
قلت: (و ما هو بقول شاعر قلیلا ما تؤمنون (41))؟.
قال: قالوا ان محمدا کذاب على ربه و ما أمر الله بهذا فى على، فأنزل الله بذلک قرآنا فقال: ان ولایة على (تنزیل من رب العالمین (43) و لو تقول علینا – محمد- بعض الأقاویل (44) لأخذنا منه بالیمین (45) ثم لقطعنا منه الوتین (46))، ثم عطف القول فقال: (و انه – ولایة على – لتذکرة للمتقین (48) – للعالمین – و انا لنعلم أن منکم مکذبین (49) و انه – و ان علیا – لحسرة على الکافرین (50) و انه – أى ولایته – لحق الیقین (51) فسبح – یا محمد – باسم ربک العظیم (52))(22) یقول: اشکر ربک العظیم الذى أعطاک هذا الفضل.
قلت: قوله: (و أنا لما سمعنا الهدى ءامنا به؟)(23)
قال: الهدى: الولایة. آمنا بمولانا، فمن آمن بولایة مولاه (فلا یخاف بخسا و لا رهقا (13))(23)
قلت: تنزیل؟.
قال: لا، تأویل.
قلت: قوله: (لا أملک لکم ضرا و لا رشدا (21)؟((24)
قال: ان رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم، دعا الناس الى ولایة على، فاجتمعت الیه قریش فقالوا: یا محمد، اعفنا من هذا. فقال لهم رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم: هذا الى الله، لیس الى. فاتهموه و خرجوا من عنده، فأنزل الله: (قل انى لا أملک لکم
ضرا و لا رشدا (21) قل انى لن یجیرنى من الله – ان عصیته – أحد ولن أجد من دونه ملتحدا (22) الا بلاغا من الله و رسالاته) فى على.
قلت: هذا تنزیل؟.
قال: نعم، ثم قال توکیدا: (و من یعص الله و رسوله – فى ولایة على – فان له نار جهنم خالدین فیها أبدا (23) حتى اذا رأوا ما یوعدون فسیعلمون من أضعف ناصرا و أقل عددا (24))(25) یعنى بذلک القائم و أنصاره – علیهالسلام -.
قلت: (و اصبر على ما یقولون)؟.
قال: یقولون فیک: (واهجرهم هجرا جمیلا (10) و ذرنى – یا محمد – و المکذبین – بوصیک – أولى النعمة و مهلهم قلیلا(11))(26)
قلت: هذا تنزیل؟.
قال: نعم.
قلت: (لیستیقن الذین أوتوا الکتاب)؟.
قال: یستیقنون أن الله، و رسوله، و وصیه حق.
قلت: (و یزداد الذین ءامنوا ایمانا)؟.
قال: یزدادون بوصیة الامام ایمانا.
قلت: (و لا یرتاب الذین أوتوا الکتاب و المؤمنون)؟.
قال: بولایة على علیهالسلام.
قلت: ما هذا الارتیاب؟.
قال: یعنى بذلک أهل الکتاب، والمؤمنین الذین ذکر الله فقال: لا یرتابون فى الولایة.
قلت: (و ما هى الا ذکرى للبشر (31))(27)
قال: نعم، ولایة على علیهالسلام.
قلت: (انها لاحدى الکبر(35)).
قال: الولایة.
قلت: (لمن شآء منکم أن یتقدم أو یتأخر(37)).
قال: من تقدم الى ولایتنا تأخر عن سقر، و من تأخر عنا تقدم الى سقر.
قلت: (الأ أصحاب الیمین (39))؟.
قال: هم والله شیعتنا.
قلت: (لم نک من المصلین (43))؟.
قال: انا لم نتول وصى محمد و الأوصیاء من بعده، و لا یصلون علیهم.
قلت: (فما لهم عن التذکرة معرضین (49))؟.
قال: عن الولایة معرضون.
قلت: (کلا انه تذکرة (54))(28)
قال: الولایة.
قلت: (یوفون بالنذر؟).
قال: یوفون لله النذر الذى أخذ علیهم فى المیثاق من ولایتنا.
قلت: (انا نحن نزلنا علیک القرءان تنزیلا(23))؟.
قال: بولایة على علیهالسلام تنزیلا.
قلت: هذا تنزیل؟.
قال: نعم، ذا تأویل.
قلت: (ان هذه تذکرة)؟.
قال: الولایة.
قلت: (یدخل من یشاء فى رحمته)(29)
قال: فى ولایتنا، قال: (و الظالمین أعد لهم عذابا ألیما(31)): ألا ترى أن الله یقول: (و ما ظلمونا ولکن کانوا أنفسهم یظلمون (57))(30) قال: ان الله أعز و أمنع من أن یظلم أو ینسب نفسه الى ظالم، ولکن الله خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه، و ولایتنا ولایته، ثم أنزل بذلک قرآنا على نبیه فقال: (و ما ظلمناهم ولکن کانوا أنفسهم یظلمون (118))(31)
قلت: هذا تنزیل؟.
قال: نعم.
قلت: (ویل یومئذ للمکذبین (15)).
قال: یقول: ویل للمکذبین – یا محمد بما أوصیت الیک من ولایة [على بن أبىطالب علیهالسلام].
قلت: ألم نهلک الأولین (16) ثم نتبعهم الآخرین (17)).
قال: الأولین الذین کذبوا الرسل فى طاعة الأوصیاء.
قلت: (کذلک نفعل بالمجرمین (18))(32)
قال: من أجرم الى آل محمد، و رکب من وصیه ما رکب.
قلت: (ان المتقین…)(33)
قال: نحن والله و شیعتنا، لیس على ملة ابراهیم غیرنا. و سائر الناس منها براء.
قلت: (یوم یقوم الروح و الملائکة صفا لا یتکلمون الا من أذن له الرحمن و قال صوابا (38))(34)
قال: نحن والله المأذون لهم یوم القیامة، و القائلون صوابا.
قلت: ما تقولون اذا تکلمتم؟!.
قال: نمجد ربنا، و نصلى على نبینا، و نشفع لشیعتنا فلا یردنا ربنا.
قلت: (کلا ان کتاب الفجار لفى سجین (7))(35)
قال: هم الذین فجروا فى حق الأئمة واعتدوا علیهم.
قلت: (ثم یقال هذا الذى کنتم به تکذبون (17))(36)؟
قال: یعنى أمیرالمؤمنین.
قلت: تنزیل؟!.
قال: نعم»(37)
و لا عجب، أن یقول الأئمة علیهمالسلام بهذا التنزیل، و بهذا التأویل، فهم ولاة البشر، و أصحاب الأمر و النهى، المنصبون من لدنه تعالى. و لا عجب أیضا أن یغضب الله سبحانه لغضبهم و لغضب کل عبد مؤمن، فانه قد جعل لهم و للمؤمنین حصانة کما تجعل الدولة لموظفیها الحصانة، و هو عزوجل أرأف بالعبد من نفسه و من أمه و أبیه، کتب على نفسه أن یرحمه مطیعا و عاصیا، و أن یرزقه مؤمنا و کافرا، لئلا یبقى لأحد علیه حجة… و من نازع أئمتنا صلوات الله علیهم فى أمرهم شیئا، فکأنما نازع الله تعالى فى أمره و عارضه فى اختیاره.
و عن الحسین بن سعید، عن أبىالحسن علیهالسلام فى قوله عزوجل: (یوم یکشف عن ساق…)(38)
قال: حجاب من نور یکشف، فیقع المؤمنون سجدا، و تدمج أصلاب المنافقین فلا یستطیعون السجود»(39)
نعم، والساق التى یکشف عنها لیست ساق الرب الذى جل عن أن یکون له جسم و علا عن أن یتصور و یتوهم، کما قال بعض المجسمة – و العیاذ بالله – فانه تعالى لا جسم له و لا أعضاء، ولکنها قد تکون ساقا من
سیقان العرش و أرکانه، اذا کشف لأبصار الناس و ظهر لهم یخرون سجدا کما خر موسى صعقا من هیبة النظر الى ذلک النور الباهر… فلا یذهبن الفکر بذوى الأفهام، و لا ینبغى لأحد أن یتصور للخالق عزوجل صورة و هیئة مطلقا، تعالى الله عن ذلک علوا کبیرا.
قال محمد بن عمیر: «سمعت موسى بن جعفر علیهالسلام یقول:
«لا یخلد فى النار الا أهل الکفر و الجحود، و أهل الضلال و الشرک؛ و من اجتنب الکبائر من المؤمنین لم یسأل عن الصغائر، قال الله تبارک و تعالى: (ان تجتنبوا کبآئر ما تنهون عنه نکفر عنکم سیئاتکم و ندخلکم مدخلا کریما(31))(40)
فقلت له: یابن رسول الله، فالشفاعة لمن تجب من المذنبین؟.
قال: حدثنى أبى، عن آبائه، عن على علیهمالسلام، قال: سمعت رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم یقول: انما شفاعتى لأهل الکبائر من أمتى، فأما المحسنون منهم فما علیهم من سبیل.
فقلت له: یابن رسول الله، فکیف تکون الشفاعة لأهل الکبائر، والله تعالى ذکره یقول: (و لا یشفعون الا لمن ارتضى و هم من خشیته مشفقون (28))(41) و من یرتکب الکبائر لا یکون مرتضى؟!.
فقال: یا أباأحمد، ما من مؤمن یرتکب ذنبا الا ساءه ذلک و ندم علیه، و قد قال النبى صلى الله علیه و اله و سلم: کفى بالندم توبة. و قال علیهالسلام: من سرته حسنته، وساءته سیئته، فهو مؤمن. فمن لا یندم على ذنب یرتکبه فلیس بمؤمن، ولم
تجب له الشفاعة و کان ظالما، والله تعالى ذکره یقول: (ما للظالمین من حمیم و لا شفیع یطاع (18))(42)
فقلت له: یابن رسول الله، و کیف لا یکون مؤمنا من لم یندم على ذنب یرتکبه؟!.
فقال: یا أباأحمد، ما من أحد یرتکب کبیرة من المعاصى و هو یعلم أنه سیعاقب علیها الا ندم على ما ارتکب؛ و متى ندم کان تائبا مستحقا للشفاعة…. و متى لم یندم علیها کان مصرا، و المصر لا یغفر له لأنه غیر مؤمن بعقوبة ما ارتکب؛ ولو کان مؤمنا بالعقوبة لندم. و قد قال النبى صلى الله علیه و اله و سلم: لا کبیرة مع الاستغفار، و لا صغیرة مع الاصرار. أما قول الله عزوجل: (و لا یشفعون الا لمن ارتضى) فانهم لا یشفعون الا لمن ارتضى الله دینه. و الدین الاقرار بالجزاء على الحسنات و السیئات. فمن ارتضى الله دینه ندم على ما ارتکب من الذنوب لمعرفته بعاقبته فى القیامة»(43)
و فى مجال التکلم فى القرآن لیس مع قول أئمة أهل البیت علیهمالسلام من قول الا عد مماحکة و تضلیلا.
1) الکافى م 1 ص 537 و الآیة الکریمة فى سورة الحدید: 11.
2) المصدر السابق ص 370 و الآیة الکریمة فى سورة العنکبوت: 2-1.
3) سورة الأعراف: 19.
4) بصائر الدرجات ج 4 ص 198.
5) مناقب آل أبىطالب ج 4 ص 283 و الآیة الکریمة فى سورة آلعمران: 53.
6) التوحید ص 244.
7) مناقب آل أبىطالب ج 4 ص 283 و الآیة الکریمة فى سورة البقرة: 81.
8) المصدر السابق فى نفس الصفحة، و الآیة الکریمة فى سورة النحل: 24.
9) الکافى م 1 ص 415 و الآیة الکریمة فى سورة القصص: 51.
10) سورة الأنبیاء: 73.
11) سورة القصص: 41.
12) الاختصاص ص 21 و قال: رواه الصفار فى بصائر الدرجات الباب 15 من الجزء الأول، والکلینى فى الکافى م 1 ص 216.
13) سورة الزمر: 56.
14) سورة الکافى م 1 ص 145.
15) الکافى م 1 ص 412 و الآیة الکریمة فى سورة یوسف: 65.
16) سورة هود: 17.
17) الکافى م 1 ص 190.
18) سورة آل عمران: 61.
19) سورة الصف: 9-8.
20) سورة المنافقون: 6-3.
21) سورة الملک: 22.
22) سورة الحاقة: 40-الى آخر السورة.
23) سورة الجن: 13.
24) سورة الجن: 21.
25) سورة الجن: 24-21.
26) سورة المزمل: 11 -10.
27) سورة المدثر: 31.
28) سورة المدثر: 54-31.
29) سورة الانسان من 7 الى 31.
30) سورة البقرة: 57 و سورة الأعراف: 160. و هذه الآیة ورد تأویلها فى مناقب آل أبىطالب ج 4 ص 284.
31) سورة النحل: 118.
32) سورة المرسلات من الآیة 15 الى 18.
33) تابع لما سبق.
34) سورة النبأ: 38 و هذا الجزء مذکور فى مناقب آل أبىطالب ج 4 ص 284.
35) سورة المطففین: 7.
36) سورة المطففین: 17 و انظر الرقم السابق.
37) تجد هذا الحدیث بکامله فى الکافى م 1 ص 432 الى 435 و فى الصفحة 196 أوله فقط.
38) سورة القلم: 42.
39) التوحید ص 154.
40) سورة النساء: 31.
41) سورة الأنبیاء: 28.
42) سورة المؤمن: 18.
43) التوحید ص 48-47.