وهی تشتمل على اثنی عشر حدیثا:
توجد فی مصادرنا الروائیة أحادیث منسوبة إلى أبی جعفر محمد الجواد (علیه السلام)، والقرائن تحکم بخلافه، کما فی روایة أبی جمیلة، میسر، غالب الهمدانی ونحوهم حیث لم یدرکوا أبا جعفر الجواد (علیه السلام) وإنما اشتبه الأمر على بعض الأعلام فجعلوها منه ونحن أوردنا هذه الأحادیث فی خاتمة الموسوعة تحت عنوان (الأحادیث المشتبهة).
(1091) 1 – محمد یعقوب الکلینی (رحمه الله): محمد بن یحیى، عن محمد بن الحسین، عن محمد بن إسماعیل بن بزیع، عن عمه حمزة بن بزیع، والحسین ابن محمد الأشعری، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن یزید بن عبد الله، عمن حدثه قال: کتب أبو جعفر (علیه السلام) إلى سعد الخیر:
بسم الله الرحمن الرحیم
أما بعد: فإنی أوصیک بتقوى الله، فإن فیها السلامة من التلف، والغنیمة فی المنقلب.
إن الله عز وجل یقی بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ویجلی بالتقوى عنه عماه وجهله.
وبالتقوى نجا نوح ومن معه فی السفینة، وصالح ومن معه من الصاعقة.
وبالتقوى فاز الصابرون ونجت تلک العصب من المهالک، ولهم أخوان على تلک الطریقة یلتمسون تلک الفضیلة، نبذوا طغیانهم من الإیراد بالشهوات لما بلغهم فی الکتاب من المثلات، حمدوا ربهم على ما رزقهم وهو أهل الحمد، وذموا أنفسهم على ما فرطوا وهو أهل الذم.
وعلموا أن الله تبارک وتعالى الحلیم العلیم إنما غضبه على من لم یقبل منه رضاه وإنما یمنع من لم یقبل منه عطاه وإنما یضل من لم یقبل منه هداه.
ثم أمکن أهل السیئات من التوبة بتبدیل الحسنات.
دعا عباده فی الکتاب إلى ذلک بصوت رفیع لم ینقطع، ولم یمنع دعاء عباده.
فلعن الله الذین یکتمون ما أنزل الله.
وکتب على نفسه الرحمة، فسبقت قبل الغضب، فتمت صدقا وعدلا، فلیس یبتدئ العباد بالغضب قبل أن یغضبوه.
وذلک من علم الیقین، وعلم التقوى، وکل أمة قد رفع الله عنهم علم الکتاب
حین نبذوه، وولاهم عدوهم حین تولوه.
وکان من نبذهم الکتاب أن أقاموا حروفه وحذفوا حدوده، فهم یروونه ولا یرعونه، والجهال یعجبهم حفظهم للروایة، والعلماء یحزنهم ترکهم للرعایة.
وکان من نبذهم الکتاب أن ولوه الذین لا یعلمون، فأوردوهم الهوى، وأصدروهم إلى الردى، وغیروا عرى الدین، ثم ورثوه فی السفه والصباء.
فالأمة یصدرون عن أمر الناس بعد أمر الله تبارک وتعالى، وعلیه یردون،
فبئس للظالمین بدلا.
ولایة الناس بعد ولایة الله، وثواب الناس بعد ثواب الله، ورضی الناس بعد رضى الله، فأصبحت الأمة کذلک، وفیهم المجتهدون فی العبادة على تلک الضلالة معجبون مفتونون، فعبادتهم فتنة لهم ولمن اقتدى بهم.
وقد کان فی الرسل ذکرى للعابدین، إن نبیا من الأنبیاء کان یستکمل الطاعة، ثم یعصى الله تبارک وتعالى فی الباب الواحد، فخرج به من الجنة، وینبذ به فی بطن الحوت، ثم لا ینجیه إلا الاعتراف والتوبة.
فأعرف أشباه الأحبار والرهبان الذین ساروا بکتمان الکتاب وتحریفه، فما ربحت تجارتهم وما کانوا مهتدین.
ثم أعرف أشباههم من هذه الأمة الذین أقاموا حروف الکتاب وحرفوا حدوده، فهم مع السادة والکبرة، فإذا تفرقت قادة الأهواء کانوا مع أکثرهم دنیا، وذلک مبلغهم من العلم، لا یزالون کذلک فی طبع وطمع.
لا یزال یسمع صوت إبلیس على ألسنتهم بباطل کثیر، یصبر منهم العلماء على الأذى والتعنیف.
ویعیبون على العلماء بالتکلیف، والعلماء فی أنفسهم خانة إن کتموا النصیحة إن رأوا تائها ضالا لا یهدونه أو میتا لا یحیونه.
فبئس ما یصنعون، لأن الله تبارک وتعالى أخذ علیهم المیثاق فی الکتاب أن یأمروا بالمعروف، وبما أمروا به، وأن ینهوا عما نهوا عنه، وأن یتعاونوا على البر والتقوى، ولا یتعاونوا على الإثم والعدوان.
فالعلماء من الجهال فی جهد وجهاد، إن وعظت، قالوا: طغت، وإن علموا الحق الذی ترکوا، قالوا: خالفت.
وإن اعتزلوهم، قالوا: فارقت، وإن قالوا: هاتوا برهانکم على ما تحدثون،
قالوا: نافقت، وإن أطاعوهم، قالوا: عصیت الله عز وجل.
فهلک جهال فیما لا یعلمون، أمیون فیما یتلون یصدقون بالکتاب عند التعریف، ویکذبون به عند التحریف، فلا ینکرون.
أولئک أشباه الأحبار والرهبان، قادة فی الهوى، سادة فی الردى.
وآخرون منهم جلوس بین الضلالة والهدى، لا یعرفون إحدى الطائفتین من الأخرى، یقولون ما کان الناس یعرفون هذا ولا یدرون ما هو، وصدقوا ترکهم رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) على البیضاء لیلها من نهارها، لم یظهر فیهم بدعة ولم یبدل فیهم سنة، لا خلاف عندهم، ولا اختلاف.
فلما غشی الناس ظلمة، خطایاهم صاروا إمامین: داع إلى الله تبارک وتعالى، وداع إلى النار.
فعند ذلک نطق الشیطان، فعلا صوته على لسان أولیائه وکثر خیله ورجله، وشارک فی المال والولد من أشرکه، فعمل بالبدعة، وترک الکتاب السنة.
ونطق أولیاء الله بالحجة، وأخذوا بالکتاب والحکمة.
فتفرق من ذلک الیوم أهل الحق وأهل الباطل، وتخاذل وتهادن أهل الهدى، وتعاون أهل الضلالة حتى کانت الجماعة مع فلان وأشباهه، فاعرف هذا الصنف وصنف آخر فأبصرهم رأی العین نجباء، وألزمهم حتى ترد أهلک.
فإن الخاسرین الذین خسروا أنفسهم وأهلیهم یوم القیامة ألا ذلک هو الخسران المبین.
إلى ههنا روایة الحسین، وفی روایة محمد بن یحیى زیادة:
لهم علم بالطریق، فإن کان دونهم بلاء فلا تنظر إلیهم، فإن کان دونهم عسف من أهل العسف وخسف ودونهم بلایا تنقضی، ثم تصیر إلى رخاء.
ثم اعلم، أن إخوان الثقة ذخائر بعضهم لبعض، ولولا أن تذهب بک الظنون
عنی لجلیت لک عن أشیاء من الحق غطیتها، ولنشرت لک أشیاء من الحق کتمتها ولکنی أتقیک وأستبقیک، ولیس الحلیم الذی لا یتقی أحدا فی مکان التقوى.
والحلم لباس العالم، فلا تعرین منه، والسلام(1)
(1092) 2 – محمد بن یعقوب الکلینی (رحمه الله): محمد بن یحیى، عن محمد بن الحسین، عن محمد بن إسماعیل بن بزیع، عن عمه حمزة بن بزیع، قال: کتب أبو جعفر (علیه السلام) إلى سعد الخیر(2):
بسم الله الرحمن الرحیم
أما بعد، فقد جاءنی کتابک تذکر فی معرفة مالا ینبغی ترکه، وطاعة من رضى الله رضاه، فقبلت من ذلک لنفسک ما کانت نفسک مرتهنة لو ترکته تعجب.
إن رضى الله وطاعته ونصیحته لا تقبل ولا توجد ولا تعرف إلا فی عباد غرباء، أخلاء من الناس قد اتخذهم الناس سخریا یرمونهم به من المنکرات.
وکان یقال: لا یکون المؤمن مؤمنا حتى یکون أبغض إلى الناس من جیفة الحمار.
ولولا أن یصیبک من البلاء مثل الذی أصابنا فتجعل فتنة الناس کعذاب الله – وأعیذک بالله وإیانا من ذلک – لقربت على بعد منزلتک.
واعلم رحمک الله، أنه لا تنال(3) محبة الله إلا ببغض کثیر من الناس ولا ولایته إلا بمعاداتهم وفوت ذلک قلیل یسیر لدرک ذلک من الله لقوم یعلمون.
یا أخی! إن الله عز وجل جعل فی کل من الرسل بقایا من أهل العلم یدعون من ضل إلى الهدى، ویصبرون معهم على الأذى، یجیبون داعی الله، ویدعون إلى الله.
فأبصرهم، رحمک الله، فإنهم فی منزلة رفیعة، وإن أصابتهم فی الدنیا وضیعة، أنهم یحیون بکتاب الله الموتى، ویبصرون بنور الله من العمى.
کم من قتیل لإبلیس قد أحیوه، وکم من تائه ضال قد هدوه، یبذلون دماءهم دون هلکة العباد، وما أحسن أثرهم على العباد وأقبح آثار العباد علیهم(4)
(1093) 3 – محمد بن یعقوب الکلینی (رحمه الله): عدة من أصحابنا، عن سهل بن زیاد، عن جعفر بن محمد، عن إبراهیم بن أبی البلاد(5)، قال: دخلت على
أبی جعفر ابن الرضا (علیهما السلام) فقلت له: إنی أرید ألصق بطنی ببطنک.
فقال: هاهنا یا أبا إسماعیل! فکشف عن بطنه، وحسرت عن بطنی، وألزقت(6) بطنی ببطنه، ثم أجلسنی، ودعا بطبق فیه زبیب، فأکلت، ثم أخذ فی الحدیث، فشکا إلى معدته، وعطشت فاستقیت(7)
فقال (علیه السلام): یا جاریة! اسقیه من نبیذی.
فجاءتنی بنبیذ مریس(8) فی قدح من صفر، فشربت أحلى من العسل.
فقلت له: هذا الذی أفسد معدتک!
قال: فقال لی: هذا تمر من صدقة النبی (صلى الله علیه وآله وسلم) یؤخذ غدوة، فیصب علیه
الماء، فتمرسه الجاریة، فأشربه على أثر طعامی وسائر نهاری، فإذا کان اللیل أخذته الجاریة، فسقته أهل الدار.
فقلت له: إن أهل الکوفة لا یرضون بهذا!
فقال: وما نبیذهم؟
قلت: یؤخذ التمر فینقى، ویلقى علیه القعوة.
قال: وما القعوة؟
قلت: الداذی(9)(10)
قال: وما الداذی؟
قلت: حب یؤتى به من البصرة، فیلقى فی هذا النبیذ حتى یغلی ویسکن، ثم یشرب.
فقال: ذاک حرام(11)
(1094) 4 – الشیخ الصدوق (رحمه الله): علی بن إبراهیم، عن أبیه، عن الحسن بن علی بن فضال، عن عبد الله بن مسکان، عن میسر، عن أبی جعفر الثانی (علیه السلام)(12)، قال: رحم الله عبدا أحیا ذکرنا.
قلت: ما إحیاء ذکرکم؟
قال: التلاقی والتذاکر عند أهل الثبات(13)
(1095) 5 – الشیخ الصدوق (رحمه الله): علی بن إبراهیم، عن أبیه، عن الحسن بن علی بن الفضال، عن عبد الله بن مسکان، عن میسر، عن أبی جعفر [الثانی] (علیه السلام) قال لی: أتخلون وتحدثون وتقولون ما شئتم؟
فقلت: أی والله، لنخلو – و نتحدث – ونقول ما شئنا.
فقال: أما والله! لوددت أنی معکم فی بعض تلک المواطن، أما والله، إنی لأحب ریحکم وأرواحکم.
وأنکم على دین الله و – دین ملائکته، فأعینونا بورع – واجتهاد(14)
(1096) 6 – الکراجکی (رحمه الله): ذکروا أن أحد الأئمة صلوات الله علیهم استدعاه السلطان فی ذلک الزمان. وأظن أن الامام کان محمد بن علی الرضا (علیهما السلام)، وأن المستدعی کان المتوکل.
قالوا: فلما دخل إلیه وجده فی قبة مزینة فی وسط بستان وبیده کأس فیها خمر، فقر به، وهم أن یناوله الکأس.
فامتنع الإمام (علیه السلام)، فقال: إنا أهلبیت ما خامرت لحومنا ودمائنا ساعة قط. قال: فقال له: فأنشدنی شعرا.
فأنشده الإمام (علیه السلام):
با تو على قلل الأجبال تحرسهم++
غلب الرجال فلم تمنعهم القلل
واستنزلوا بعد عز من معاقلهم++
فأسکنوا حفرا یا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد ما دفنوا++
أین الأسرة والتیجان والحلل
أین الوجوه التی کانت محجبة++
من دونها تضرب الأستار والکلل
فأفصح القبر عنهم حین سائلهم++
تلک الوجوه علیها الدود تنتقل
قد طال ما اکلوا دهرا وما شربوا++
فأصبحوا بعد طول الأکل قد اکلوا
قال: فضرب المتوکل بالکأس من الأرض وتنغص عیشه(15)
(1097) 7 – ابن حمزة الطوسی (رحمه الله): عن أحمد بن محمد الحضرمی(16)، قال: حج أبو جعفر (علیه السلام) فلما نزل زبالة، فإذا هو بامرأة ضعیفة تبکی على بقرة مطروحة على قارعة الطریق، فسألها عن علة بکائها؟
فقامت المرأة إلى أبی جعفر (علیه السلام)، وقالت: یا ابن رسول الله! إنی امرأة ضعیفة لا أقدر على شئ، وکانت هذه البقرة کل مال أملکه.
فقال لها أبو جعفر (علیه السلام): إن أحیاها الله تبارک وتعالى لک فما تفعلین؟
قالت: یا ابن رسول الله! لأجددن لله شکرا.
فصلى أبو جعفر (علیه السلام) رکعتین، ودعا بدعوات، ثم رکض برجله البقرة، فقامت البقرة، وصاحت المرأة: عیسى بن مریم!؟
فقال أبو جعفر (علیه السلام): لا تقولی هذا، بل(17) عباد مکرمون، أوصیاء الأنبیاء(18)
(1098) 8 – السید محسن الأمین (رحمه الله): روى الکلینی فی الکافی بسنده عن أبی جعفر (علیه السلام) (والظاهر أنه الجواد (علیه السلام)):
إنا معشر آل محمد نلبس الخز والیمنة(19)
(1099) 9 – مقدمة البرهان: فی کتاب سعد السعود عن الجواد (علیه السلام)، قال: نحن کهفکم کأصحاب الکهف حتى استردوا الأیمان وأظهروا(20)(21)
(1100) 10 – العروسی الحویزی (رحمه الله): فی عیون الأخبار فی الزیارة الجامعة للأئمة (علیهم السلام) المنقولة عن الجواد (علیه السلام):
السلام على الدعاة إلى الله – إلى قوله – والمظهرین لأمر الله ونهیه، وعباده المکرمین الذین لا یسبقونه بالقول وهم بأمره یعملون(22)
(1101) 11 – العلامة المجلسی (رحمه الله): ابن موسى، عن الأسدی، عن سهل، عن عبد العظیم الحسنی، عن أبی جعفر الثانی(23)، عن آبائه، عن الحسین بن علی (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم): إن أبا بکر منی بمنزلة السمع، وإن عمر منی بمنزلة البصر، وإن عثمان منی بمنزلة الفؤاد.
قال: فلما کان من الغد دخلت إلیه وعنده أمیر المؤمنین (علیه السلام) وأبو بکر وعمر وعثمان، فقلت له: یا أبة! سمعتک تقول فی أصحابک هؤلاء قولا، فما هو؟
فقال علیه وآله السلام: نعم! ثم أشار بیده إلیهم، فقال هم السمع والبصر والفؤاد، وسیسألون عن ولایة وصیی هذا – وأشار إلى علی بن أبی موسوعة الإمام الجواد (ع) – السید الحسینی القزوینی – ج 2 – ص 672 – 680 طالب (علیه السلام) – ثم قال: إن الله تبارک وتعالى یقول:
(إن السمع والبصر والفؤاد کل أولئک کان عنه مسؤولا)(24)
ثم قال علیه وآله السلام: وعزة ربی إن جمیع أمتی لموقوفون یوم القیامة
ومسئولون عن ولایته، وذلک قول الله عز وجل: (وقفوهم إنهم مسؤولون)(25)(26)
(1102) 12 – السید هاشم البحرانی (رحمه الله): الإمام أبو محمد العسکری (علیه السلام) فی
تفسیره، عن الإمام علی بن محمد بن علی بن موسى، (عن أبیه)(27)، أن النبی (صلى الله علیه وآله وسلم) قصده عشرة من الیهود یریدون أن یتعنتوه ویسألونه عن أشیاء یریدون أن یتعانتوه بها.
فبینما هم کذلک إذ جاء أعرابی کأنه یدفع فی قفاه، قد علق على عصا – عل عاتقه – جرابا مشدود الرأس، فیه شئ قد ملاه لا یدرون ما هو، فقال: یا محمد! أجبنی عما أسألک.
فقال رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم): یا أخا العرب! قد سبقک الیهود لیسألوا، أفتأذن لهم حتى أبدأ بهم؟
فقال الأعرابی: لا! فإنی غریب مجتاز.
فقال رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم): فأنت إذن أحق منهم لغربتک واجتیازک.
فقال الأعرابی: ولفظة أخرى.
قال رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم): ما هی؟
قال: إن هؤلاء أهل الکتاب یدعونه یزعمونه حقا، ولست آمن أن تقول
شیئا یواطؤنک علیه ویصدقونک، لیفتنوا الناس عن دینهم، وأنا لا أقنع بمثل هذا، لا أقنع إلا بأمر بین.
فقال رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم): أین علی بن أبی طالب (علیه السلام)؟
فدعا بعلی، فجاء حتى قرب من رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم)، فقال الأعرابی: یا محمد! وما تصنع بهذا فی محاورتی إیاک؟
قال: یا أعرابی! سألت البیان، وهذا البیان الشافی، وصاحب العلم الکافی، أنا مدینة الحکمة وهذا بابها، فمن أراد الحکمة والعلم فلیأت الباب.
فلما مثل بین یدی رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) قال رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) بأعلى صوته: یا عباد الله! من أراد أن ینظر إلى آدم فی جلالته، وإلى شیث فی حکمته، وإلى إدریس فی نباهته، [ومهابته] وإلى نوح فی بغض کل عدو لله ومنابذته، وإلى عیسى فی حب کل مؤمن و [حسن] معاشرته، فلینظر إلى علی بن أبی طالب هذا.
فأما المؤمنون فازدادوا بذلک إیمانا، وأما المنافقون فازداد نفاقهم.
فقال الأعرابی: یا محمد! هکذا مدحک لابن عمک، [إن] شرفه شرفک، وعزه عزک، ولست أقبل من هذا [شیئا] إلا بشهادة من لا یحتمل شهادته بطلانا ولا فسادا بشهادة هذا الضب.
فقال رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم): یا أخا العرب! فأخرجه من جرابک لتستشهده، فیشهد لی بالنبوة ولأخی هذا بالفضیلة.
فقال الأعرابی: لقد تعبت فی اصطیاده وأنا خائف أن یطفر ویهرب.
فقال رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم): لا تخف، فإنه لا یطفر، بل یقف ویشهد لنا بتصدیقنا وتفضیلنا.
فقال الأعرابی: [إنی] أخاف أن یطفر.
فقال رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم): فإن طفر فقد کفاک به تکذیبا لنا، واحتجاجا علینا، ولن یطفر، ولکنه سیشهد لنا بشهادة الحق، فإذا فعل ذلک فخل سبیله، فإن محمدا یعوضک عنه ما هو خیر لک منه.
فأخرجه الأعرابی من الجراب ووضعه على الأرض، فوقف واستقبل رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) ومرغ خدیه فی التراب.
ثم رفع رأسه وأنطقه الله تعالى فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شریک له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفیه، وسید المرسلین، وأفضل الخلق أجمعین، وخاتم النبیین، وقائد المحجلین.
وأشهد أن أخاک علی بن أبی طالب على الوصف الذی وصفته، وبالفضل الذی ذکرته، وأن أولیائه فی الجنان مکرمون، وأن أعدائه فی النار خالدون. فقال الأعرابی وهو یبکی: یا رسول الله! وأنا أشهد بما شهد به هذا الضب فقد رأیت وشاهدت وسمعت ما لیس لی عنه معدل ولا محیص.
ثم أقبل الأعرابی إلى الیهود، فقال: ویلکم! أی آیة بعده تریدون؟ ومعجزة بعد هذه تقترحون؟ لیس إلا أن تؤمنوا أو تهلکوا أجمعین.
فآمن أولئک الیهود کلهم، فقالوا: عظمت برکة ضبک علینا یا أخا العرب(28)
1) الکافی: ج 8، ص 45، ح 16. عنه البحار: ج 75، ص 358، ح 2، نور الثقلین: ج 1، ص 106، ح 293، قطعة منه، وص 705، قطعة منه، وإثبات الهداة: ج 1، ص 96، ح 88، قطعة منه. أورد العلامة المجلسی هذا الحدیث وما بعده فی قسم مواعظ الجواد (علیه السلام) وکذا المتتبع النمازی استظهر بأن المراد من (أبی جعفر) هو الجواد (علیه السلام)، مستدرکات علم الرجال: ج 4، ص 39. وإن تردد السید الخوئی بین کون المراد منه الجواد أو الباقر (علیهما السلام)، معجم رجال الحدیث: ج 8، ص 96، وصرح المحقق التستری بأن المراد منه الباقر (علیه السلام)، قاموس الرجال: ج 5، ص 35.
2) تقدمت ترجمته فی الحدیث السابق، فراجع.
3) فی البحار: إنا لا ننال… .
4) الکافی: ج 8، ص 48، ح 17. عنه البحار: ج 75، ص 362، ح 3.
5) الظاهر، أنه وقع التصحیفان فی السند: الأول سقوط (عن أبیه)، والثانی زیادة (ابن الرضا) کما فی الخبر الذی قبله حیث روى إبراهیم بن أبی البلاد، عن أبیه، عن أبی جعفر (علیه السلام). والمراد من أبی جعفر هو الباقر (علیه السلام). لکثرة روایاته عن أبیه واتحاد الخبرین مع تفاوت یسیر، وأن أبا إسماعیل الذی خاطبه الإمام (علیه السلام) فی الحدیث، هو کنیة لأبی البلاد، لا لإبراهیم کما صرح به الشیخ فی رجاله: ص 342 رقم 5، والبرقی: ص 18، وغیرهما. وأن الذی یشرب النبیذ الحلال هو أبو جعفر الباقر (علیه السلام) کما یظهر من سائر أحادیث الباب. قال السید الأبطحی بعد ذکر هذا السند: وفیه نظر، أولا: … وثانیا: باحتمال تصحیف فی الحدیث وإن لم أقف على تنبیه فی کلام الأصحاب. وذلک: لأنه روى قبله، الکافی: ج 6، ص 416، ح 4، فی الصحیح عن الحسین بن سعید، عن إبراهیم بن أبی البلاد، عن أبیه، عن غیر واحد حضر معه قال: کنت عند أبی جعفر (علیه السلام) … . والظاهر اتحاد الواقعة کما تقف علیه بالتأمل، والله العالم.وحینئذ فالمراد بأبی جعفر (علیه السلام) فی حدیث الکافی هو الباقر (علیه السلام) … وبعد اتحاد الحدیثین متنا مع اختلاف یسیر، یظهر زیادة (ابن الرضا) فی النسخ والکتب وقد تقدم فی أبی البلاد عن البرقی: ص 14، وغیره تکنیته بأبی إسماعیل أیضا، على أن الظاهر کما یساعده الاعتبار أیضا من موثقة حنان، فی صدر الباب، الکافی: ج 1، ص 415، ح 1، أن الذی کان یشرب النبیذ الحلال هو أبو جعفر الباقر (علیه السلام). راجع تهذیب المقال: ج 1، ص 323 رقم: 31.
6) فی الوسائل: وألصقت.
7) فی الوسائل: فاستسقیت.
8) مریس: مرست التمر وغیره فی الماء … دلکته بالماء حتى تتحلل أجزاؤه، مجمع البحرین: ج 4، ص 106 (مریس).
9) فی الوسائل: الدادی.
10) الداذی: نبت، وقیل: هو شئ له عنقود مستطیل وحبه على شکل حب الشعیر یوضع منه مقدار رطل فی الغرق، فتعبق رائحته ویجود اسکاره، لسان العرب: ج 3، ص 491، (دوذ).
11) الکافی: ج 6، ص 416 ح 5. عنه وسائل الشیعة: ج 25، ص 354، ح 32110، بتفاوت لم نذکره.
12) لا ریب بأن المراد من أبی جعفر هو الباقر (علیه السلام) لأن میسر هذا ممن یروی عن أبی جعفر وأبی عبد الله (علیهما السلام) کما فی تفسیر القمی وغیره: راجع معجم رجال الحدیث: ج 19، ص 103 رقم 12918.مضافا إلى أن عبد الله بن مسکان الراوی عن میسر ممن لم یدرک الرضا (علیه السلام) کما صرح بهالسید الخوئی بقوله: … مما یؤکد ذلک أن ابن مسکان لم یبق إلى زمان إمامة الرضا (علیه السلام) على ما شهد به النجاشی، ولم یذکر أحد ادراکه لزمان الرضا (علیه السلام): معجم رجال الحدیث: ج 10، ص 326، س 22. ولکن لما أورده الشیخ الصدوق (رحمه الله) فی کتابه بهذا العنوان، أوردناه هنا.
13) مصادقة الأخوان: ص 34، ح 3. عنه وسائل الشیعة: ج 12، ص 21، ح 15534.
14) مصادقة الأخوان: ص 34، ح 2. عنه وسائل الشیعة: ج 12، ص 20، ح 15533. لنا بیان حول الحدیث قدمناه فی الحدیث السابق، فراجع.
15) کنزل الفوائد: ص 159، س 3. مروج الذهب: ج 4، ص 93، س 14، بتفاوت، عن علی بن محمد الهادی (علیه السلام). عنه البحار: ج 50، ص 211، س 10.
16) أحمد بن محمد الحضرمی، أبو بکر: من أصحاب أبی جعفر الباقر (علیه السلام)، عده البرقی فی رجاله من أصحاب الباقر (علیه السلام)، راجع مستدرکات علم الرجال: ج 1، ص 432 الرقم 1520. وإنما أوردنا الحدیث هنا لأن ابن حمزة الطوسی (رحمه الله) أورده فی معجزات أبی جعفر الثانی (علیه السلام)، وکذا البحرانی.
17) فی مدینة المعاجز: بل نحن عباد… .
18) الثاقب فی المناقب: ص 503، ح 431. عنه مدینة المعاجز: ج 7، ص 392، ح 2398.
19) أعیان الشیعة: ج 2، ص 33، س 27. الکافی: ج 6، ص 451، ح 6، وفیه: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبی عبد الله عن موسى بن القاسم، عن عمرو بن عثمان، عن أبی جمیلة، عن رجل، عن أبی جعفر (علیه السلام). والظاهر هو الباقر (علیه السلام) لأن أبا جمیلة من أصحابه، وإنما أوردناه هنا لاستظهار المؤلف بأنه هو الجواد (علیه السلام).
20) إن هذا الحدیث ورد فی سائر المصادر مسندا إلى غالب الهمدانی وهو من أصحاب أبی جعفر الباقر (علیه السلام).وإنما أوردناه هنا لأن المؤلف أسنده إلى الجواد (علیه السلام).
21) مقدمة البرهان: ص 290، س 5. سعد السعود: ص 107، س 13، بإسناده عن غالب الهمدانی، عن أبی إسحاق السبیعی، بتفاوت.
22) نور الثقلین: ج 3، ص 421، ح 41. عیون أخبار الرضا (علیه السلام): ج 2، ص 272، ح 1، بإسناده عن علی بن محمد الهادی (علیهما السلام) وکذا سائر المصادر.
23) أورد الشیخ الصدوق (رحمه الله) – الحدیث – بإسناده عن أبی الحسن علی بن محمد الهادی (علیه السلام)، وإنما أوردناه هنا تبعا للعلامة المجلسی، حیث أورده بإسناده عن أبی جعفر الثانی (علیه السلام).
24) الأسراء: 17 / 36.
25) صافات: 37 / 24.
26) البحار: ج 30، ص 180، ح 41، عن معانی الأخبار: ص 387، ح 23 وفیه علی بن محمد بن علی الرضا (علیهم السلام).
27) لیس ما فی الهلالین – (أبیه) – فی تفسیر المنسوب إلى الإمام الحسن العسکری (علیه السلام)، وکذا فی البحار والبرهان.وأوردنا الحدیث هنا تبعا لمرحوم السید هاشم البحرانی رضوان الله علیه، لأنه أثبت فی سند الحدیث (عن أبیه)، وهو أبو جعفر محمد بن علی الجواد (علیهما السلام).
28) مدینة المعاجز: ج 1، ص 263، ح 167. تفسیر المنسوب إلى الإمام الحسن العسکری (علیه السلام): ص 496، ح 500. عنه البحار: ج 17، ص 418، ضمن ح 47، والبرهان: ج 1، ص 141، ح 1.