لقد استعرضنا فیما سبق نشاط الإمام لاکمال بناء الجماعة الصالحة لایصالها الى المستوى العالی من العقیدة والایمان والوعی السیاسی الذی یُهیّء الأرضیة لانجاز المشروع التغییری الإسلامی الکبیر.
أما العامل الثانی الذی یتکامل به انجاز هذا المشروع، فهو تحریک ضمیر الاُمة وتحریر ارداتها الى حدّ یمنحها القوة والصلابة ویمنعها من التنازل عن کرامتها، والذوبان فی سیاسة الظالمین وذلک من خلال استمرار العمل الثوری ضد الحکومات الظالمة، فانطلاقاً من هذه الضرورة یمکن أن نلخّص موقف الإمام موسى من واقعة (فخ) بما یلی:
1 ـ لم یکن موقف الإمام (علیه السلام) فی هذه المرحلة موقفاً ثوریاً ضد نظام الحکم القائم.
2 ـ صرّح الإمام (علیه السلام) بموقفه من الثورة لزعیمها (الحسین) عندما طلب منه المبایعة وذکّره بموقف الإمام الصادق(علیه السلام) من ثورة محمد ذی النفس الزکیة، وسوف یکون موقفه کأبیه فیما اذا أصرّ الحسین على ضرورة المبایعة(1)
3 ـ عندما استولى الحسین على المدینة وصلّى بالناس صلاة الصبح لم یتخلف عنه أحد من الطالبیین إلاّ الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن وموسى بن جعفر(علیه السلام)(2)
4 ـ صدر من الإمام تأیید ومساندة صریحة لحرکة الحسین وثورته
عندما عزم علیها فی قوله(علیه السلام): «إنّک مقتول فأحدّ الضراب، فان القوم فسّاق یظهرون ایماناً ویضمرون نفاقاً وشرکاً، فإنّا لله وإنّا إلیه راجعون وعند الله أحتسبکم من عصبة»(3)
5 ـ ولمّا سمع الإمام موسى الکاظم(علیه السلام) بمقتل الحسین (رض) بکاه وابّنه بهذه الکلمات: «إنّا لله وإنّا الیه راجعون، مضى والله مسلماً صالحاً صوّاماً قوّاماً، آمراً بالمعروف، ناهیاً عن المنکر، ما کان فی أهل بیته مثله»(4)
1) اُصول الکافی: 1 / 366 وعنه فی بحار الأنوار: 48 / 161.
2) بحار الأنوار: 48 / 163 عن الاصفهانی فی مقاتل الطالبیین.
3) اُصول الکافی: 1 / 366 وعنه فی بحار الأنوار: 48 / 160، ح 6.
4) بحار الأنوار: 48 / 165 عن الاصفهانی فی مقاتل الطالبیین.