و نلاحظ أخیرا: أننا لم نجد لتلک المناظرات العلمیة، التى کان المأمون یهتم بها فى عهد الرضا علیه الصلاة والسلام بما لا مزید علیه، لا نجد لها أثرا فى عهد الامام الجواد «علیهالسلام»، سوى هذه الأحداث الثلاثة التى أشرنا الیها آنفا، و أنها قد جرت بین یحیى بن أکثم و الامام الجواد علیه الصلاة والسلام، باغراء من المأمون نفسه، علنا تارة، و فى الخلفاء أخرى. و ربما یکون التاریخ – بسبب قدم العهد – قد أخفى عنا شیئا من ذلک، ولکنه لابد أن یکون یسیرا جدا، لا یمکن أن یقاس بالسنوات الکثیرة التى عایش فیها الامام المأمون..
فلماذا اختفت رغبة المأمون بجمع العلماء، و اقامة مجالس المناظرة مع الأئمة «علیهمالسلام»؟!، واختفى معها ما کان یتظاهر به من حب العلم و العلماء، فجأة، و بفعل ساحر، و بصورة تامة و نهائیة، فسبحان الله، مقلب القلوب و الأفئدة، و المطلع على السرائر، و ما تکنه الضمائر!!
نعم سبحان الله، علام الغیوب!!
و ستار العیوب!!
و کاشف الکروب!!