جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

العائلة النجیبة

زمان مطالعه: 6 دقیقه

رب هذه العائلة الکریمة هو الامام جعفر الصادق علیه‏السلام، الذى طبق ذکره الآفاق منذ ثلاثة عشر قرنا، و یکفیها بذلک شرفا و کرامة؛ بل یکفى بموسى بن جعفر أن یکون أبوه هذا الأب الکبیر الذى هو أب للشیعة کافة، و أب لأکثر المسلمین.

و أمه – علیه و علیهاالسلام – هى حمیدة المصفاة البربریة، التى کانت من أشراف الناس، و اسم أبیها صاعد البربرى. «و قد قال الامام الصادق علیه‏السلام، فیما رواه عنه المعلى بن خنیس: حمیدة مصفاة من الأدناس کسبیکة الذهب، ما زالت الأملاک تحرسها حتى أدیت الى کرامة من الله لى و الحجة من بعدى».(1)

«و یظهر من بعض الروایات أن الامام الصادق علیه‏السلام کان یأمر النساء فى أخذ الأحکام الیها»(2)

فهى من کرائم النساء، ولکننا لا نعرف تفصیلا عن سبیها و جعلها أمة،

و لا ندرى ملابسات نقلها الى المدینة المنورة، و لم نعرف سوى اسم أبیها الذى یوحى بمعالى العز و الکرامة و المجد… و هل یسبى الا کرائم النساء، و بنات البیوتات الکریمة؟. أما عن کیفیة وصولها الى الامام الباقر علیه‏السلام فقد و صلنا حدیث عیسى بن عبدالرحمان الذى قال:

«دخل عکاشة بن محصن الأسدى على أبى‏جعفر – الباقر – علیه‏السلام، و کان أبوعبدالله – الصادق – علیه‏السلام قائما عنده. فقال لأبى جعفر علیه‏السلام: لأى شى‏ء لا تزوج أباعبدالله، فقد أدرک التزویج؟.

قال – و بین یدیه صرة مختومة -: أما انه سیجى‏ء نخاس من أهل بربر، فینزل دار میمون، فنشترى له بهذه الصرة جاریة.

قال – عکاشة -: فأتى لذلک ما أتى، فدخلنا یوما على أبى‏جعفر علیه‏السلام، فقال: ألا أخبرکم عن النخاس الذى ذکرته لکم؟. قد قدم فاذهبوا و اشتروا منه بهذه الصرة جاریة.

فأتینا النخاس فقال: قد بعت ما کان عندى الا جاریتین مریضتین، احداهما أمثل – أى أحسن صحة و عافیة – من الأخرى.

قلنا: فأخرجهما حتى ننظر الیهما.

فأخرجهما.

فقلنا: بکم تبیعنا هذه المتماثلة؟. – أى التى أوشکت أن تشفى من مرضها -.

قال: بسبعین دینارا.

قلنا: أحسن.

قال: لا أنقص من سبعین دینارا.

قلنا: نشتریها منک بهذه الصرة ما بلغت، و لا ندرى ما فیها.

و کان عنده رجل أبیض الرأس و اللحیة، قال: فکوا. – أى حلوا الصرة وزنوا الدنانیر-.

قال النخاس: لا تفکوا، فانها ان نقصت حبة عن سبعین دینارا، لم أبایعکم.

فقال الشیخ: ادنوا.

فدنونا، و فککنا الخاتم، و وزنا الدنانیر، فاذا هى سبعون دینارا لا تزید و لا تنقص.

فأخذنا الجاریة، فأدخلناها على أبى‏جعفر علیه‏السلام، و جعفر قائم عنده؛ فأخبرنا أباجعفر بما کان.

فحمدالله و أثنى علیه، ثم قال لها: ما اسمک؟

قالت: حمیدة.

فقال: حمیدة فى الدنیا، محمودة فى الآخرة. أخبرینى عنک، أبکر أنت أم ثیب؟.قالت: بکر.

قال: و کیف و لا یقع فى ید النخاسین شى‏ء الا أفسدوه؟!.

فقالت: قد کان یجئنى، فیقعد منى مقعد الرحل من المرأة، فیسلط الله علیه رجلا أبیض الرأس و اللحیة، فلا یزال یلطمه حتى یقوم عنى. ففعل بى مرارا، و فعل به الشیخ مرارا.

فقال: یا جعفر، خذها الیک. فولدت خیر أهل الارض، موسى بن جعفر علیه‏السلام»(3)

و الشیخ الأبیض الرأس و اللحیة هو هذا الذى حضر بیعها بنفسه، و قد کان یعلم مسبقا ما فى الصرة من الدنانیر و مبلغ المال بالضبط… و هو هو هذا الذى رافقها من المغرب الى الجزیرة العربیة، و قد حرسها بأمر الله تعالى لأنها مرصودة لولى کریم من أولیائه، فلا یصل الیها من أحد سوء.

و الشیخ هو هو أیضا الذى کان یلطم النخاس و یصرفه عنها، لأنه الملک الحارس المستأمن على حراستها من قبل الله عزوجل – کما ذکر الامام الصادق علیه‏السلام فیما سبق – و کان لا یظهر لأعین الناس الا فى مناسبات هامة یترب علیها أمر صونها و حراستها و ایصالها الى بیت مالکها الذى کتب الله له ایاها طاهرة مطهرة معدة لما قضاه الله عز اسمه من الأمر العظیم حیث تکون زوجة امام و أم امام، علیهاالسلام.

و مثل أم الامام الکاظم علیه‏السلام، زوجته الکریمة التى ولدت له الامام الرضا علیه‏السلام، فان لها قصة تشبه قصة أمه العظیمة. فهى من أمهات الأولاد الشریفات المخصصات من عندالله تعالى، لانجاب الأمجاد من الأولاد. فقد رویت قصة وصولها الى الامام الکاظم علیه‏السلام عن هشام بن أحمد الذى قال:

«قال لى أبوالحسن الأول: هل علمت أحدا من المغرب معه جوار قد قدم؟

قلت: لا.

قال: بلى، قد قدم رجل فانطلق بنا.

فرکب و رکبت معه حتى انتهینا الى الرجل، فاذا رجل من أهل المدینة معه رقیق.

فقلت له: أعرض علینا.

فعرض علینا سبع جوار. و کل ذلک یقول أبوالحسن علیه‏السلام: لا حاجة لى فیها. ثم قال: أعرض علینا.

فقال: ما عندى الا جاریة مریضة.

فقال له: ما علیک أن تعرضها؟!.

فأبى علیه، فانصرف.

ثم أرسلنى من الغد فقال: قل له: کم کان غایتک فیها؟. فاذا قال کذا و کذا، فقل: قد أخذتها.

فأتیته، فقال: ما کنت أرید أن أنقصها من کذا و کذا.

فقلت: قد أخذتها.

فقال: هى لک. ولکن أخبرنى عن الرجل الذى کان معک بالأمس؟.

فقلت: رجل من بنى‏هاشم.

قال: من أى بنى‏هاشم؟.

فقلت: ما عندى أکثر من هذا.

فقال: أخبرک عن هذه الوصیفة أنى اشتریتها من أقصى المغرب، فلقیتنى امرأة من أهل الکتاب فقالت: ما هذه الوصیفة منک؟.

قلت: اشتریتها لنفسى.

قالت: ما ینبغى أن تکون هذه عند مثلک. ان هذه الجاریة ینبغى أن تکون عند خیر أهل الأرض، فلا تلبث عنده الا قلیلا حتى تلد منه غلاما ما یولد بشرق الأرض و لا بغربها مثله.

قال – أى هشام -: فأتیته بها، فلم تلبث عنده الا قلیلا حتى ولدت الرضا علیه‏السلام»(4)

فهؤلاء النجیبات من النساء لا تخلوا منهن الأرض، و تتصرف بهن مشیئة الله عز اسمه، لتأتى بهن الى البیوت الکریمة المعدة لهن، بطریقة الاماء أو غیرها، و لا یبقین عرضة للزواج فى بلادهن.

فهن من بیوتات کریمة یکثر خطابهن، و یتزاحمون على الزواج بهن، و لذلک یقیض الله سبحانه لهن ظروفا خاصة تنحیهن عن وجوه طالبى الزواج حتى یتیسر لهن الوصول الى البیوت التى خلقن لیکن فیها. و لیس من السهل أن نعلل صنع الله فى کل حین.

و أما أولاد الکاظم علیه‏السلام، فقد قال الشیخ المفید رحمه الله عنهم:

«کان لأبى‏الحسن علیه‏السلام سبعة و ثلاثون ولدا، ذکرا و أنثى، تسعة عشر ذکرا، و ثمانى عشرة بنتا.

منهم الامام على بن موسى الرضا علیه‏السلام، و ابراهیم، و العباس، و القاسم لأمهات أولاد شتى.

و اسماعیل، و جعفر، و هارون، و الحسن لأم ولد.

و أحمد، و محمد، و حمزة، لأم ولد.

و عبدالله، و اسحاق، و عبیدالله، و زید، و الفضل، و الحسین، و سلیمان، و عقیل لأمهات أولاد.

و فاطمة الکبرى، و فاطمة الصغرى، و رقیة و حکیمة، و أم أبیها، و رقیة الصغرى، و أم‏جعفر، و لبانة، و زینب، و خدیجة، و علیة، و آمنة، و حسنة، و بریهة، و عائشة، و أم‏سلمة، و میمونة، و أم‏کلثوم، لأمهات أولاد.

و کان أفضل ولد أبى‏الحسن موسى علیه‏السلام، و أنبههم، و أعظمهم قدرا، و أجمعهم فضلا، أبوالحسن، على بن موسى الرضا علیه‏السلام»(5)

و قیل: انهم عشرون ذکرا، و ثمانى عشرة بنتا؛ فذکر عددهم مع اختلاف فى أسماء خمسة منهم مع زیادة واحد(6)

و قیل انهم أربعون ولدا، عشرون ذکرا، و عشرون بنتا بینهن أربع فواطم.(7)

أما ابنه أحمد فکان کریما، جلیلا، ورعا، و کان أبوه یحبه و یقدمه؛ و قد وهب له ضیعته المعروفة بالیسیریة. و یقال ان ابنه أحمد أعتق ألف مملوک.(8)

قال اسماعیل بن موسى الکاظم علیه‏السلام:

«خرج أبى‏بلده الى بعض أمواله – أى أراضیه – بالمدینة. فکنا فى ذلک المکان و کان مع أحمد بن موسى عشرون رجلا من خدم أبى وحشمه.

ان قام أحمد قاموا معه، و ان جلس أحمد جلسوا معه، و أبى بعد ذلک یرعاه ببصره ما یغفل عنه، و ما انقلب حتى انتحى أحمد بن بیننا.(2)

و هذا الحدیث عن أحمد من أخیه، یدل دلالة قاطعة على مهابته و قوة شخصیته من جهة، و على عنایة أبیه علیه‏السلام به من جهة ثانیة.

«و کان محمد بن موسى – أیضا – من أهل الفضل و الصلاح»(2)

«و کان صاحب وضوء و صلاة. و کان لیله کله یتوضأ و یصلى، فیسمع من عنده سکب الماء، ثم یصلى ماشاءالله له أن یصلى، ثم یهدأ ساعة و یرتاح فیرقد؛ و یقوم فیسمع صب الماء من جدید، و یصلى، و لا یزال کذلک حتى یصبح. و قد قال راوى هذا الحدیث عنه: و ما رأیته الا ذکرت قوله تعالى: (کانوا قلیلا من الیل ما یهجعون (17))(9)

و کان ابنه ابراهیم شجاعا کریما، و قد تقلد الامرة على الیمن فى أیام المأمون من قبل محمد بن زید، بن على، بن الحسین، بن على بن أبى‏طالب علیه‏السلام، الذى بایعه أبوالسرایا بالکوفة، و مضى الیها ففتحها و أقام مدة الى أن کان من أمر أبى‏السرایا ما کان، و أخذ له الأمان من المأمون.

و کان لکل واحد من أولاده علیه‏السلام فضل و منقبة مشهورة»(10)

أما ابنه زید، فانه بعد وفاة أبیه، قد خرج على المأمون، فظفر به فبعث به الى أخیه على بن موسى الرضا، فوبخه، و جرى بینهما کلام ذکره القاضى – فى کتاب «الجلیس و الأنیس» فیه أن علیا – الرضا – قال له: سوأة لک یا زید!. ما أنت قائل لرسول الله صلى الله علیه و اله و سلم اذ سفکت الدماء، و أخفت السبل، و أخذت المال من غیر حلة؟!. غرک حمقاء أهل الکوفة، و قول رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم: ان فاطمة أحصنت فرجها، فحرم الله ذریتها على النار!.

و هذا لمن خرج من بطنها کالحسن و الحسین فقط، لا لى و لک. والله ما نالها ذلک الا بطاعة الله. فان أردت أن تنال بمعصیة الله ما نالوا بطاعته، انک اذا لأکرم على الله منهم!»(11)

فامامنا علیه‏السلام کان یمحض أولاده النصح و الارشاد فى کل مناسبة، و یعطیهم عنایته الأبویة الرشیدة، دائما و أبدا، و لذلک أصبحوا أفذاذا کراما.و قد منحهم من خلقه السمح و صفاته الکریمة ما بوأهم منازل عالیة فى قلوب معاصریهم. و قیل: انه أحضرهم یوما فقال لهم: «یا بنى، انى موصیکم بوصیة من حفظها لم یضع معها: ان أتاکم آت فأسمعکم فى الأذن الیمنى مکروها، ثم تحول الى الأذن الیسرى فاعتذر و قال: لم أقل شیئا، فاقبلوا عذره».(12)

و هذا لعمرى من الخلق العظیم الذى ینشأ علیه الولد لتبنى انسانیته بناء صحیحا… ولکن أین لنا بمثل تسامح الامام الکاظم الذى خلد تسامحه و کظمه للغیظ على الزمن؟!. ولکن ذلک لا یمنعنا من التأثر بهذه الوصیة العظیمة فنکون مسلمین کالمسلمین، لا کاسلام السلاطین.


1) الکافى م 1 ص 477 و الأنوار البهیة ص 153 – 152 و فى ینابیع المودة ج 3 ص 33 ذکر اسم أمه و کثیرا من صفاته، و انظر أعلام الورى ص 286 و تواریخ أهل البیت ص 182 و وفاة الامام موسى الکاظم ص 51.

2) المصدر السابق.

3) الکافى م 1 ص 477- 476.

4) الکافى م 1 ص 487-486 و الارشاد ص 288- 287 و هو فى اعلام الورى ص 299 باختلاف یسیر فى اللفظ، و کذلک فى کشف الغمة ج 3 ص 34 و الاختصاص ص 197.

5) الارشاد ص 287 و کشف الغمة ج 3 ص 26 و 28 و 29 و اعلام الورى ص 207 و ینابیع المودة ج 3 ص 11 و ص 33.

6) کشف الغمة ج 3 ص 6 و 7 و مناقب آل أبى‏طالب ج 4 ص 324.

7) تذکرة الخواص ص 314.

8) الارشاد ص 284.

9) سورة الذاریات: 17.

10) کشف الغمة ج 3 ص 26 و 27 و الارشاد ص 284 و اعلام الورى ص 301.

11) تذکرة الخواص ص 315-314.

12) کشف الغمة ج 3 ص 8.