لقد ذکرنا فى بحث لنا حول: «نقش الخواتیم لدى الأئمة علیهمالسلام» ما لعله یفید فى الاجابة على السؤال الآنف الذکر..
فقد ذکرنا هناک: أنه و ان تمکن الأئمة «علیهمالسلام»، من تربیة العدید من العلماء، و تخریج الکثیرین من جهابذة العلم، و أفذاذ الرجال.. و هذا الأمر، و ان کان ینعکس على کافة القطاعات فى الساحة الاسلامیة،
و کان له أثر لا ینکر فى التکوین الفکرى، و العاطفى فى الناس عموما..
ولکن هذا الأثر لم یتعد بعده العاطفى، و الفکرى الجاف، و لم یصل الى درجة أن یصبح هو التکوین العقائدى الراسخ، الذى من شأنه أن یجعل الفکر الحى، یتفاعل مع العاطفة الصادقة، لیکون وجدانا حیا، من شأنه أن یتحول بصورة عفویة و طبیعیة الى موقف رسالى على صعیدا الحرکة و العمل.
و على هذا.. فلم یکن یمکن الاعتماد على هذا الوعى، و لا على تلک العاطفة فى القیام بحرکة تغییریة جذریة و حاسمة، و لاسیما بملاحظة ما کان یهیمن على الناس عموما من میل قوى للراحة و للحیاة المادیة، و من استسلام لحیاة الترف و اللذة، والتى تستتبع الضعف و الرکود، و الخوف من الاقدام على أى حرکة تغییریة تستهدف التغییر فیما ألفوه واعتادوه..
و لو فرض: أنهم فى غمرة هیجانهم العاطفى قد نجحوا فى حسم الموقف لصالح الاتجاه الآخر، فان رصیدا کهذا، فکریا و عاطفیا و حسب، أى من دون بعد عقیدى، و فناء وجدانى، و أصالة فى الضمیر، لن یکون قادرا على حمایة استمرار الحرکة، و سلامة صفائها، و لا على تحمل مسؤولیاتها التغییریة التى سوف تستهدف جزءا کبیرا من واقعهم و أنفسهم.
بل سوف ترتد هذه الحرکة على نفسها لتأکل أبناءها، و تنقض مبادئها، و تستأصل نبضات الحیاة فیها.. و ذلک لأن العاطفة سیخبو وهجها، مادام لم یعد ثمة ما یثیرها و یؤججها.. و سیصبح الفکر رکاما جافا و خامدا، حینما تهب علیه ریاح المصالح و الأهواء و الشهوات؛ لتجعل منه – من ثم – هشیما تذروه الریاح، ان لم یمکن استخدامه وقودا لها، یعمل على استصلاحها،
و توجیهها، و یهىء لها الفرصة للاستفادة منه على النحو الأکمل و الأمثل.