قلنا: ان السلطة قد أدرکت: أن اغتیال الامامة عن طریق افراغها من محتواها العلمى، باعتماد أسلوب الحجاج و الخصام، قد أفاد فى تعزیز دعوة أهل البیت «علیهمالسلام»، و خطهم، بدل أن یکون الأمر على عکس ذلک..
و قد ظهر لهم: أن السلطة، باعدادها أجواء الحجاج هذه، انما کانت تبحث عن حتفها بظلفها، و تهىء أسباب انتشار الدعوة و رسوخها، و تعریف الناس بها و بخصائصها..
الأمر الذى ینذر بالخطر الداهم، و یبشر بالخسران المبین و العظیم لها، لیس فقط فى مجال الحجاج، القائم على العقل و الفکر، و المنطق، و البرهان، بل هو سوف یؤثر على قدرتها على مواجهة هذا الاتجاه فیما سوى ذلک من مجالات، و لاسیما فى المجال السیاسى..
و أدرکت کذلک.. أن اعتماد أسلوب اغتیال شخصیة الامام «علیهالسلام»، و قدسیته من النفوس، و هدر کرامته بالشائعات، و الاتهامات، لا یجدى کثیرا..بل هو ربما یکون قد ساعد فى اظهار الکثیر من الخصائص و المزایا، التى یهتم الحکام بطمسها، و التعتیم علیها بکل ما یقدرون علیه..
و هى أیضا: قد فشلت فى عملیة التزویر و الافتراء على الامام «علیهالسلام»، بهدف ایجاد المبرر للتخلص منه بشکل علنى و سافر، على النحو الذى یسمح بملاحقته بعد ذلک بحملة اعلامیة مرکزة، لتشویه سمعته، و النیل من قداسته فى نفوس الناس..
بعد کل هذا و سواه: اتجهت السلطة المتمثلة بشخص المعتصم العباسى لعنةالله – بعد أن رأى کیف أن کیدهم، و مکرهم، قد عاد الیهم، و أن ما دبروه قد انقلب علیهم – اتجهت الى التفکیر و التخطیط للتخلص منه علیه الصلاة والسلام، بتلک الطریقة الجبانة، التى انتهجها الأسلاف الجبارون مع سلفه الصالح.. ألا و هى دس السم الیه صلوات الله و سلامه علیه.. حیث انها هى الطریقة الوحیدة التى یمکنهم الاعتماد علیها، من دون أن تعرضهم لمشاکل و لأخطار ربما لا یتمکن الحکم من الصمود أمامها، أو من تجاوزها بیسر و سهولة..