و اذا عجز هذا الامام الصغیر السن على مسألة من مسائل یحیى بن أکثم الصعبة، بمحضر من الأعیان، و القواد، و الحجاب و غیرهم، فلسوف یظهر للناس جمیعا: أن امام الشیعة، و قائدهم طفل صغیر، لا یعقل، و لا یعلم شیئا، و أن ما یدعونه فى أئمتهم، انما هو زخرف باطل، و ظل زائل، لا حقیقة له، و لا واقع وراءه..
نعم.. و قد جاءت صیاغة هذا الحدث بنحو طریف و لافت، یعطى المأمون الفرصة و المبرر للامتناع عن تسلیم الامام الجواد «علیهالسلام» زوجته، التى کان قد عقد له علیها منذ سنوات، أو لا أقل کان قد سماها له فى احتفال عام، و فى حدث نادر لم یبق أحد فى الدولة الاسلامیة المترامیة الأطراف الا و قد عرف به، و تعجب منه، و تتبع أخباره بدقة و حساسیة متناهیة..
و اذا استطاع أن یجد المبرر الآن للامتناع عن تسلیم ابنته الى هذه الرجل – الذى یدین شطر هذه الأمة بامامته – فان ذلک لسوف یشیع بین الناس، و فى جمیع الأقطار، و لاسیما بملاحظة نوع الحضور فى ذلک الاجتماع، و أهمیتهم، و سعة نفوذهم، و سیصبح حدیث کل الندوات و المحافل: أن امام الشیعة قد حرم من زوجته، و هى ابنة أعظم رجل فى العالم الاسلامى،
و یهتم الناس کلهم بکل ما یتفق له، أو معه، و یصدر عنه، و بیده کل أجهزة الاعلام و التشهیر..
و لسوف یبررون لهم هذا الحرمان، بأن سببه هو عى، و جهل هذا الامام فى أعظم ما یدعیه لنفسه، و یدعیه له کل أتباعه و محبیه.
ولکن أجوبة الامام «علیهالسلام» الجامعة والدقیقة، و القاطعة، قد قطعت الطریق على المأمون، و على بنىأبیه، و جعلت الأمور تسیر فى غیر صالحه، و على خلاف ما یرید، و بالذات فى الاتجاه المضاد لرغباته و میوله.